بنغازي 30 نوفمبر2017 (وال) – نشر موقع نيوز ديبلي تقريرا ذا صبغة تحليلية،كشف فيه عن تواطؤ الحكومة الإيطالية في إرجاع المهاجرين إلى ليبيا،من زاوية يغلب عليها الجانب القانوني الصرف.
موقع المتوسط الإلكتروني قام بترجمة هذا التقرير الذي نشر على موقع نيوز ديبلي في الرابع والعشرين من نوفمبر الجاري.
إيطاليا تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية
تجنبت إيطاليا الاتصال بالمهاجرين العائدين إلى ليبيا،لكن باولو بيوندي وهو محام في مجال حقوق الإنسان،يقول إن دعم إيطاليا لخفر السواحل الليبي ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية.
عندما ينطلق قارب من المهاجرين من ليبيا في اتجاه إيطاليا،غالبا ما يخبر المهربون أولئك الذين على متن القارب بالوصول إلى المياه الدولية قبل رفع الإنذار،ويأمل المهاجرون أن يتم نقلهم بواسطة قوارب الإنقاذ التي تديرها منظمات إنسانية غير حكومية،إلى إيطاليا حيث يمكنهم التقدم بطلب اللجوء،فيما البديل هو اعتراضهم على يد خفر السواحل الليبي والعودة إلى ليبيا.
هناك اتفاقيات دولية مختلفة تمنع الحكومات من الإعادة القسرية – والعودة القسرية للناس إلى أماكن تتعرض فيها حياتهم أو حريتهم للخطر أو حيث سيواجهون خطر التعرض للتعذيب، وإذا قام خفر السواحل الليبي، الذي يتعاون مع البحرية الإيطالية باعتراض قارب، فإنه من المؤكد أنه سيعاد إلى ليبيا حيث تشير أدلة قوية إلى أن العديد منهم يواجهون السجن في ظروف مؤسفة وتعذيب محتمل، لأن ليبيا ليس لديها قانون أو إجراءات لجوء ولا تميز بين اللاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من المهاجرين.
وفي حين لا يمكن أن ينظر إلى إيطاليا على أنها تدفع المهاجرين مباشرة إلى ليبيا، فإن الحكومة تعمل منذ وقت طويل عن كثب مع السلطات الليبية لتعزيز خفر السواحل في البلاد، بما في ذلك توفير القوارب والمعدات والتدريب والدعم التقني،وفي هذا الصيف أنشأ البلدان معا منطقة بحث وإنقاذ خاضعة للرقابة في المياه الدولية بين إيطاليا وليبيا، حيث تكافح المنظمات غير الحكومية للبحث والإنقاذ للعمل، ما لم توقع على مدونة لقواعد السلوك (مدونة السلوك هي مجموعة من القواعد التي تحدد القواعد الاجتماعية والقواعد الدينية والمسؤوليات أو الممارسات السليمة لفرد أو حزب أو منظمة).
انتقادات جماعات حقوق الإنسان
وقد انتقدت جماعات حقوق الإنسان بشدة هذه الخطوة قائلة إنها تعرض حياة المهاجرين للخطر من خلال الحد من وصولهم إلى المساعدات الإنسانية، وواصلت بعض زوارق المنظمات غير الحكومية العمل في المنطقة على الرغم من الخوف من محاكمتهم من قبل إيطاليا والتهديدات من خفر السواحل الليبي، وهناك جدل حول أن الدعم البحري الذي تقدمه إيطاليا لحرس السواحل الليبي قد يكون خرقا لالتزامات إيطاليا بعدم الإعادة القسرية.
في عام 2012 تم تحديد سابقة قضائية هامة عندما اعترضت سفينة إيطالية مهاجرين صوماليين وإريتريين مسافرين من ليبيا وأعادتهم إليها،وقد تبين أن إيطاليا انتهكت المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وكانت القضية معلماً بارزاً لأنها أثبتت تطابقها مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في أعالي البحار، خارج الولاية القضائية الإقليمية للدولة،وأقرت بأن الدول لا تستطيع أن تدفع الناس إلى بلد قد يتعرضون فيه لمعاملة لا إنسانية ومهينة.
خمس سنوات والصورة مختلفة لأن إيطاليا ليس لديها اتصال مباشر مع المهاجرين الذين يتم إعادتهم إلى ليبيا،التنسيق الإيطالي مع القوات الليبية يشوش مسألة المسؤولية القانونية الإيطالية ويتركنا دون سابقة واضحة،ولكن هناك عدد متزايد من الخبراء القانونيين الذين يقترحون أن الاعتراض والعودة، التي يقوم بها الليبيون قد تعادل إلى درجة من المسؤولية الدولية الإيطالية.
قضية (إن دي) و (إن تي)
وهناك حكم آخر صدر مؤخرا عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد يكون ذا صلة،هذه القضية شملت (إن دي) و (إن تي) وهما مواطنان من مالي وساحل العاج اكتشفا أثناء محاولة دخول الأراضي الإسبانية بصورة غير مشروعة عن طريق توسيع الحواجز المحيطة بمدينة مليلية على ساحل شمال أفريقيا،حيث لاحظت المحكمة إلى أنه تم طرد المهاجرين وإعادتهما إلى المغرب ضد رغباتهما، وفي غياب أي قرار إداري أو قضائي سابق،وشددت المحكمة على أن منع المهاجرين من عبور حدود الدولة،أو حتى دفعهم إلى دولة أخرى،يشكل ممارسة للولاية القضائية.
ولذلك فإن جميع الأفعال التي تشكل ممارسة للولاية القضائية تتطلب احترام حقوق الإنسان واللاجئين الدولية كالتزام،وفي حين يبدو أن ممارسة السلطة والسيطرة تتطلب اتصالا ماديا،وأن بعض الأنشطة الأخيرة “دون اتصال” من جانب إيطاليا قد تمثل مع ذلك أشكالا فعلية من الرقابة أو ممارسة السلطة أو الوصاية التي قد تكون ممارسة للولاية القضائية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويمكن أن يعني ذلك أن إيطاليا قد تكون ملزمة بوقف مساعدة السلطات الليبية من إرسال المهاجرين إلى ليبيا،عندما يتم اعتراضهم في المياه الدولية ولكن ليس لديهم أي اتصال مع الإيطاليين.
مساهمة في أعمال غير مشروعة
وقدمت إيطاليا التدريب والقوارب والدعم التقني إلى خفر السواحل الليبي، وساهمت بذلك في أعمال غير مشروعة قامت بها ليبيا،وقبل تقديم هذا الدعم لم يكن خفر السواحل الليبي مهتما ولا قادرا على إعادة أي عدد من القوارب،وقد تكون المسؤولية موضع التنفيذ بسبب العواقب السلبية المتوقعة لتوريد الدعم التقني أو المعدات، حتى خارج الولاية القضائية الإيطالية المباشرة،على سبيل المثال ينطبق ذلك على حالة في 10 مايو 2017 عندما أرشد مركز تنسيق الإنقاذ البحري في روما الليبيين على موقع السفينة المراد اعتراضها في المياه الدولية، ووجه خفر السواحل الليبي بتولي “قيادة المشهد”.
وتم اعتراض القارب وأعيد إلى ليبيا بدلا من مساعدته من قبل سفينة المنظمة البحرية الخيرية الألمانية التي كانت حاضرة أيضا، في حين أن الوسائل المستخدمة كانت مختلفة عن وسائل “إعادة المهاجرين” التقليدية، حدد مركز تنسيق الإنقاذ البحري إلى أين سيتم أخذ المهاجرين الذين جرى اعتراضهم. وإذا ثبت أن أي من الأشخاص الـ 500 الذين عادوا إلى ليبيا في ذلك اليوم تعرضوا لسوء المعاملة أو لسلسلة من الإعادة القسرية إلى بلدانهم الأصلية، فإن المسؤولية الإيطالية يمكن أن تدخل في الموضوع.
وقع حادث مماثل مؤخرا في المياه الدولية في 31 أكتوبر 2017 وعاد ما يقرب من 300 شخص إلى ليبيا نتيجة لعملية تنسيق بين السفينة الحربية الإيطالية ( أ. دوريا) وخفر السواحل الليبي، على الرغم من أن السفينة الحربية الإيطالية كانت على مقربة من المهاجرين، ويمكنها السماح لهم بركوب السفينة،أيضا في هذه الحالة نفس السفينة الحربية الإيطالية، زودت الليبين بموضع القارب متجنبة أي اتصال، وأيضا أظهرت على الجانب لافتة كبيرة تشجع المهاجرين على “الابتعاد”.
في حين أن كل هذه الأنشطة هي بالفعل دون اتصال، يُنظر إلى إيطاليا أنها تسهل اعتراض وعودة المهاجرين إلى ظروف غير مقبولة على الشاطئ في ليبيا، حتى لو كان على يد دولة أخرى.
ومن الواضح أنها لا تفي بالتعريف التقليدي للإعادة القسرية ولكن نتائجه واضحة ومتوقعة؛ وتسهل هذه الإجراءات إثم الإعادة القسرية، وهو ما تضطر إيطاليا إلى تجنبه. فمبدأ اتفاقية اللاجئين لعام 1951 بعدم الإعادة القسرية لا يتعلق بالإنكار، بل يتعلق بضمان عدم حدوث مثل عمليات الدفع للخلف (إعادة المهاجرين إلى ليبيا) هذه “بأي شكل من الأشكال” لأن الإعادة القسرية هي فعل تحدده العواقب.(وال – بنغازي) ع م