بنغازي 07 فبراير 2018 (وال) – أشارت منظمات حقوقية في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان إلى أن عدد السجون ومراكز الاعتقال في ليبيا تحديدا في غرب البلاد قد تزايدت وبشكل مرعب حيث يمارس القائمون على هذه السجون كل أنواع التعذيب والعنف الجسدي بحق المعتقلين كوسيلة لانتزاع الاعترافات بجرائم لم يقوموا بارتكابها.
والتقت وكالة الأنباء الليبية بأحد سجناء مدينة تاورغاء في سجون ميليشيات مصراتة والمفرج عنه العام الماضي بعد خمس سنوات اعتقال والذي صرح لـ (وال) قائلا “لقد تم اعتقالي عام 2011 في منطقة “الهيشة” بتهمة كاذبة وهي قمع ثورة 17 فبراير، وتم سجني في سجن الوحدة لمدة عام كامل وسط إمكانيات جيدة نوعا ما في السجن”.
وتابع (م.ب) حديثه “بعدها تم تحويلي إلى سجن اللجنة الأمنية مصراتة والذي أقمت فيه لمدة أربعة أشهر وكانت المعاملة هناك سيئة جدا حيث كانوا يقومون بضربنا تحت مسمى “ساعات التعليم الإضافي” ثم نقلوني إلى سجن طمينة الذي أقمت فيه 75 يوما بحجرة ضيقة مقاسها “متر × المتر” مع ضرب متواصل ووجبة واحدة في اليوم قبل أن يضعوني في عنبر ومنعي منعا باتا من التحدث إلى باقي السجناء.
وأضاف (م.ب) “ومن الأعمال التي كانت مخصصة فقط لسجناء تاورغاء هي نقلنا إلى مدينة تاورغاء مكبلي اليدين لجلب مواد البناء كالأسمنت والطوب وغيرها لنقوم ببناء عنابر داخل السجون التي يشرف عليها المدعو حمد بوليفة،والمدعو حسن بوليفة،والمدعو أبوبكر أبعيو،والمدعو إسماعيل أمعيتيق،والمدعو مجدي الككلي و المدعو عيسى عيسى.
وقال السجين السابق كانت الخدمات الصحية المتاحة داخل هذه السجون معدومة للغاية فكانوا يقولون عندما نتحدث معهم عن سجين مريض “بعد يجيف دقو علينا الباب ” ولا نستطيع مساعدتهم ومن يفعل ذلك يتعرض للضرب وعندما يفارق السجين الحياة ينقل إلى المستشفى وأحيانا يتم دفنه دون أن يسلم إلى المستشفى في منطقة تقع خلف منطقة “طمينة”.
وذكر (م.ب) أن هنالك أشخاصا تمت الرماية عليهم بالرصاص وقتلهم في يوم عيد الفطر وهم علي أفريعة وعبد المجيد الزيداني وخليل الضراط حيث أدخلوا زنزاناتهم وقامت مليشيات السجن بالرماية عليهم بالرصاص دون أية محكمة أو علم أحد.
ويؤكد السجين السابق بالقول “هناك مساجين مازالوا متواجدين في السجن ومن غير أي تهمة ويقدر عددهم الحالي نحو 12 سجينا وأكثرهم محكوم عليهم بالإعدام وقبل إطلاق سراحي كان عددهم حوالي 50 سجينا يعاملون كعبيد لنقل الأحمال وغسل السيارات ونظافة السجن من قبل المدعو “غويل والمدعو ميلاد السعساع والمدعو بومة”.
وبطريقة طريفة يتذكر السجين (م. ب) ما كانوا يقدمونه لهم من طعام في السجن قائلا “إن الدجاجة يتم تقسيمها بينهم على 36 قطعة مع قليل من الأرز أو المكرونة ومنع أي زوائد مثل الشاهي والعصير والحليب” مشيرا إلى أن وسائل إعلامهم الممنهجة كانت تقوم بزيارة السجن لعرض صورة مثالية عن معاملتهم لنا.
وتابع السجين السابق “خلال تلك المدة جاءتني زيارتين فقط لأنه ممنوع منعا تاما على سجناء تاورغاء الزيارات وكانت الزيارة مقيدة للغاية تزيد من المعاناة حيث يجلس السجين محاطا برجلي أمن ليستمعوا إلى جميع أحاديث الزيارة التي تستمر دقيقة ونصف فقط”.
وأضاف يتم تسميم عقولنا بإشاعات حول المنطقة الشرقية التي كدنا نصدقها فقد كنا مغيبين عن الواقع تماما لا أجهزة تلفزيون ولا راديو لمعرفة ما يحدث إلى أن جئت إلى بنغازي واتضح لي عكس ما كانوا يقولونه تماما بأن بنغازي مدينة فتنة وحاولوا تشويه سيادة القائد العام المشير أركان حرب خليفة حفتر والقوات المسلحة بقيادته في حربهم ضد الإرهاب، وغيرها من الإشاعات المغرضة.
ويتذكر (م. ب) أصعب اللحظات التي مرت عليه بالسجن فيقول “شعرت بأني على حافة الموت عندما أصبت بطفح جلدي لمدة 18 يوما ولم أتحصل على أي علاج حيث إن السجين عندما يمرض يتم جره على الأرض ولا يتلقى أية مساعدة أو علاج إما أن يشفى وحده أو يموت”.
وعند سؤاله عن تفاصيل مهمة أخرى مرت عليه أجاب: عندما توفي مدير السجن المدعو “عيسى عيسى” عام 2015 بمرض جلدي وهو يتلقى العلاج في تركيا لم يتم تسريب خبر وفاته للسجناء وتولى منصبه أخوه المدعو طارق عيسى في شهر يناير عام 2016 و الذي أقام مأدبة غداء عند استلامه للمنصب واجتمع بالمساجين ووعد بتشكيل لجنة تحقيق نزيهة وعادلة.
وتابع عند استلام المدعو طارق رئاسة السجن تحسنت كثيرا معاملة السجن و أحسسنا أننا ليبيين حيث إن المدعو عيسى كان ظالما جائرا يحب التعذيب ويستمتع بسماع أنين السجناء ولا يحب رؤية سجين يصلي أو يقرأ القرآن ودائما في حالة سكر تام وكانت أجمل لحظاته التي يستمتع بها هي جلب كلاب الشرطة والدخول بها على السجناء لترهيبهم بالإضافة إلى حبه للسخرية والاستفزاز وفعل كل ما هو قبيح وغير أخلاقي بالسجناء.
وأشار (م.ب) إلى أن المدعو عيسى كان لا يحب زيارة المنظمات الخيرية والحقوقية للسجن ووصل به الأمر إلى تهديد هذه المنظمات ومنعها من المجيء لأنه كان يهدد مجمع المحاكم فكان يجبر القاضي على الحكم بالإعدام الباطل على محكومين حتى لا يتم قتله أو خطف أحد أقربائه أو يهددهم،موضحا بأنه كان يدخن ويجلس بطريقة غير لائقة أمام القاضي ولا يستطيع أحد منعه.
وتفصح شهادة (م. ب) عن بعض أساليب تعذيب السجناء حيث كانوا يقومون بركلهم وضربهم ويجبرون السجين علي التلفظ بالألفاظ غير أخلاقية وشتم أهلهم وجعل السجين يرقص ليضحك السجانون الذين كانوا يحبون ذل المساجين بهذه الطريقة.
وصرح السجين السابق لـ (وال) عن معلومة مهمة بأن المدعو “يوسف الزرزاح” الذي يشغل الآن منصب رئيس لجنة الصلح بين تاورغاء و مصراتة بخصوص عودة تاورغاء أنه كان أكثر شخص يقوم بضرب وتعذيب والتنكيل بالسجناء وهو المختص بالتعذيب في فتره بعد صلاة المغرب وكان أكثر من يتلفظ بالكلام العنصري والقبيح وغير الأخلاقي.
وذكر (م.ب) أسماء السجناء الذين لقوا حتفهم في سجون ميليشيات مصراتة ولم يتم تبليغ أهاليهم إلا منذ فترة قريبة بعد خمس سنوات من وفاتهم وهم (أحمد محمد ، إدريس ميلاد ، إسماعيل الهشمي ، أحمد البن ، صالح أبو قاسم ، هشام وحيد ، عبدالكريم أعظومة ، مفتاح سالم الغويل والذي انتحر شنقا في زنزانته،كمال سالم الغويل ، مجيد سالم الغويل ، مفتاح المهدي غويل ، كمال السالم الجروشي ، محمود عبد الحفيظ ، محمد المهدي مفتاح المهدي).
وختم السجين السابق (م.ب) حديثه قائلا “لقد تحصلت في البداية على إفراج ولكن تم إلغاؤه وبعدها ذهبت إلى النيابة العامة وتحصلت على الإفراج بعفو من وكيل النيابة في يوم 27/3/2017 وإلى آخر لحظة لم أصدق أنه سيفرج عني حتى وصلت إلى مدينة طرابلس ومنها أخيرا إلى مدينة بنغازي”. ف و/ هـ ع