طرابلس 22 مارس 2018 (وال)- قدم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، إحاطته عن الوضع في ليبيا أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أمس الأربعاء .
وكان سلامة قد قدم هذه الإحاطة من العاصمة الليبية طرابلس، مشيراً لإقامته في طرابلس، هو وعدد من زملائه في البعثة، مؤكدا على أنه لابد له وفريقه من التواجد في ليبيا كي تتمكن الأمم المتحدة من دعم ليبيا على أفضل وجه، وكلي فخر بأن أعلن أننا قد عدنا بالفعل إلى البلاد .
وأكد سلامة على أن تواجدهم في ليبيا من أجل ليبيا بأكملها وليس لمنطقة أو مدينة بعينها.
وقال نتطلع الآن إلى إعادة فتح مكتبنا في بنغازي، وبمجرد أن تسمح الظروف، سنسعى أيضاً إلى إعادة فتح مكتبنا في الجنوب.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة زارت مدناً وبلدات في جميع أنحاء ليبيا لم تطأها منذ سنوات، وسوف نواصل ذلك، مؤكدا بأنه ينبغي كأمر أساسي أن نسمع من جميع الليبيين حيثما أمكن وفي أي مكان يعيشون فيه.
وأشار في إحاطته إلى أنه في أوائل شهر مارس الجاري، قد أمضى ثلاثة أيام في بنغازي، وقال رأيت مدينةً كانت ثلاث سنوات من النزاع سبباً في تدميرها. فوسط المدينة قد أصبح ركاماً وآثار الاقتتال الأخير قد عمّت كل الأماكن.
وتابع لقد استمعت إلى ما هو مقلق جداً حول الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد، غير أنه وراء الخطاب الملتهب، كان هنالك استعداد واسع النطاق لبداية جديدة وثمة شعور بالتفاؤل.
وأشاد بأن المواطنون في بنغازي يعملون على تحشيد جهودهم لإعادة بناء مدينتهم، منوهاً إلى أنه ومن بين الأمثلة العديدة على ذلك يقف أعضاء هيأة التدريس في جامعة بنغازي، الذين أخذوا على عاتقهم إعادة بناء جامعتهم بأيديهم. وهذه الروحية تبعث أملاً جديداً، أملاً علينا أن نحتضنه.
وتابع سلامة كانت ليبيا ذات يوم بلداً معروفاً بانسيابيته الديموغرافية الكبيرة. وكان المواطنون مستعدون في التحدث مع بعضهم ويجوبون الأرض طولاً وعرضاً للقاء بعضهم، أو التزاوج والاتجار مع بعضهم، أو الاستقرار في مدن بعيدة عن مسقط رأسهم، وكل ذلك دون أن يتخلوا عن هويتهم الشخصية.
وبين سلامة أنه ومنذ عام 2011، أصبحت هذه الانسيابية الديموغرافية مقيدة، إن لم تكن مخنوقة بالكامل. وقد أسفر هذا عن ما يزيد على 300 ألف شخص من النازحين داخلياً غير القادرين على العودة إلى ديارهم وغالباً ما يعيشون في ظروف بائسة، وقد أجبر آخرون على الفرار من البلد برمته. إذ ترفض الفئات التعايش مع بعضها.
وأشار غسان سلامة إلى أن الانشقاقات الفكرية أو تلك القائمة على الهوية أدت إلى نبذ اجتماعي واسع النطاق، وحل خطاب الكراهية محل التفاعل السلمي.
وساق مثال على ذلك ما ظهر مؤخراً من أهالي تاورغاء، الذين مُنعت عودتهم، والكثير منهم يعيشون الآن في أماكن إيواء مؤقتة، وقد قمنا بإحالة خطة بهذا الشأن للإسراع في التغلب على هذا المختنق.
وبوجه أعمّ، قال لدينا التزام بإنهاء الإقصاء المتبادل والعزلة العقيمة، إذ ما لم يتمكن الليبيون من كل الفئات والشرائح من الالتقاء للتحدث مع بعضهم، فلن يكونوا قادرين على الاتفاق. ولا يمكن للعملية السياسية أن تتقدم ما لم يتفقوا.
ويرى سلامة بأنهم قد أحرزوا تقدماً في تغيير هذا الوضع، وقال تم ذلك من خلال الجهود التي بذلناها نحن وشركائنا، فقد تواصلنا مع المجتمعات التي تعرضت للتهميش، بما في ذلك أنصار النظام السابق، وقد أقنعنا الجماعات العرقية والمدن المتنافسة والأحزاب السياسية ممن أحجموا عن التحدث مع بعضهم لعدة سنوات على الاجتماع معاً.
وأكد سلامة على أن مهمته ليست تقسيم الكعكة بين من وصفهم بالجشعين المتنافسين فيما بينهم. وقال مهمتي أولًا وقبل كل شيء هي أن أوحّد الليبيين معاً حول سرد وطني مشترك.
وبين سلامة أن هذا السرد المشترك، أمر بالغ الأهمية، فقد رأينا مجموعة من المبادرات، بعضها مدعوم من الأمم المتحدة وشركائها، والعديد منها بمبادرة من الليبيين أنفسهم، لإعادة كتابة هذا السرد الوطني.
وذكر سلامة في إحاطته باجتماع رؤساء البلديات من جميع أنحاء ليبيا معاً لمناقشة قضايا حيوية تتعلق بتقديم الخدمات، اجتمعوا أولاّ في تونس ثم في ليبيا، وتمت استضافتهم في منازل أهالي مدينة شحات في الشرق، والتقوا مرة أخرى قبل أيام قليلة في طرابلس في الغرب.
وقال سلامة ” ثمة تحركات شعبية بدأت في جميع أنحاء البلاد، مطالبة بالتغيير ووضع حد للنهب”.
وأشار إلى انخرط أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في حوار مع بعضهم بهدف الحفاظ على الروابط والتخفيف من حدة الانقسامات.
وبين أن الأمم المتحدة قدمت الدعم للمجتمعات المحلية المتنازعة لصياغة اتفاقات المصالحة.
وساق مثلا أنه وقبل أشهر فقط، أبدت الجماعات المسلحة التي ما فتئت تتقاتل فيما بينها قبولاً للجلوس حول ذات الطاولة، وبصفتها ميسراً لبعض هذه المناقشات، نجحت الأمم المتحدة في المساعدة على عدم نشوب أية صدامات، وأحياناً في اللحظة الأخيرة.
وأعتبر سلامة هذه الأنشطة والجهود العديدة جزءاً لا يتجزأ من إجراءات الاستعداد لمؤتمر وطني جامع الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى الجمع وذلك بعد شهر رمضان المبارك.
وأكد غسان سلامة على أن الليبيون يذكرون البعثة وبإصرار برغبتهم في مرحلة جديدة من الاستقرار واليقين، تستند إلى مؤسسات ديمقراطية وموحدة وخاضعة للمساءلة.
وأشار سلامة إلى أن المؤسسات الحالية في ليبيا قائمة على شرعية ضحلة، ووصفها بأنها مبنية على ولايات ضعيفة أو مقسمة إلى أجسام متنافسة.
ويرى سلامة أنه إذا ما أرادت الحكومة أن تقود الشعب وتوحده وأن تتخذ قرارات صعبة من أجل مصلحة هذا الشعب، فلا بد لها أن تأتي من الشعب وهذا ما يعني الانتخابات.
وأكد على أنه بالنسبة للأمم المتحدة، فإن العمل على إجراء انتخابات نزيهة وحرة وذات مصداقية قبل نهاية هذا العام يأتي في قمة أولوياتها.
وقبل إجراء هذه الانتخابات، فإنه من الأهمية بمكان أن نكون متأكدين من أنها ستكون انتخابات شاملة ونتائجها مقبولة.
وعبر سلامة عن سروره بما وصفه النجاح الكبير لعملية تسجيل الناخبين التي إنتهت قبل عشرة أيام، وبتسجيل مليون شخص جديد، وقال أصبح الآن عدد الليبيين المؤهلين للتصويت 2.5 مليون ليبي. وأشار إلى المشاركة التي وصفها بالقوية من النساء والشباب في تحديث سجل الناخبين.
ووصف هذه المشاركة بالرائعة وأعتبرها رسالة واضحة للجميع بأن الشعب الليبي يريد إسماع صوته ويريد ذلك من خلال الانتخابات. وكان سلامة في مستهل إحاطته أمام مجلس الأمن قد هنأ مملكة هولندا على رئاسة مجلس الأمن.(وال-طرابلس) س ع / ع م