أبو ظبي 06 أغسطس 2018 (وال) -رحب المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية المختص بالشأن الأفريقي باتفاق المصالحة الذي تم بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي بين إريتريا وأثيوبيا برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي تم خلاله توقيع اتفاق المصالحة منهيًا معه حقبة من النزاع المسلح والاضطراب الدبلوماسي بين الدولتين الجارتين دامت عشرن سنة.
المستشار عبدالمنعم بوصفيطة رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية المختص بالشأن الإفريقي أشاد بالدور الذي لعبه الشيخ محمد بن زايد للوصول بهذا الاتفاق إلى شكله النهائي.
وقال بوصفيطة في تصريح لوكالة الأنباء الليبي إن الخلاف بين البلدين الشقيقين بدأ منذ عشرين عاما بنشوب حرب على الحدود بين البلدين سنة 1998 استمرت حتى عام 2000 ونتج عنه احتلال أثيوبيا لبعض المدن المتنازع عليها وحدود مدينتي بادمة وتساورونا.
وأضاف أن أثيوبيا فشلت في اكتساب نقطة وصول إلي البحر الأحمر ما تسبب في تشرد كثيرين، حتى جاءت اتفاقية الجزائر التي وقعت بين الطرفين في 12/12/ 2000 وصدور قرار مجلس الأمن لاحقا رقم (1640) بتاريخ 23/ نوفمبر/ 2005.
وأشار إلى أنه وبحسب الحكم الصادر عن اللجنة الدولية في لاهاي انتهكت إريتريا فقط القانون الدولي وأشعلت فتيل الحرب بغزوها أثيوبيا، وفي نهاية الحرب سيطرت أثيوبيا على جميع الأراضي المتنازع عليها وتقدمت داخل الأراضي الإريترية.
كما نوه السيد عبدالمنعم بوصفيطة إلى أن تلك الفترة شهدت عديدًا من المناوشات والاختراقات بين الطرفين أدت كل مرة إلى صدور قرار ما من جهة ما، إلى حين تأسست لجنة الحدود الإرتيرية الأثيوبية من قبل الأمم المتحدة التي ضمت المنطقة المتنازع عليها إلى إريتريا التي لم تسلمها أثيوبيا فيما بعد.
وأوضح أنه ردة فعل منها، رفضت إريتريا مقابلة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حينها وهو وزير الخارجية الكندي السابق السيد/ ( لويد أكسورثي )، وفرضت حظرًا جويًّا علي تحليق طائرات بعثة الأمم المتحدة العمودية منذ تاريخ 5/10/2005 دون إبداء أي مبررات لاتخاذ القرار.
وقال بوصفيطة إن هذا الأمر سبب استياء كل من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وطالبوا إريتريا بالتراجع عن القرار إلا أنها أصرت على موقفها الرافض للرجوع عن القرار.
وأكد أن الخطوة التي كانت أكثر تعقيدًا هي حينما أصدرت الحكومة الإريترية وبنفس الفترة قرارا بطرد أعضاء بعثة الأمم المتحدة ممن يحملون الجنسيات الأمريكية بالدرجة الأولى والكندية والأوروبية كافة والروسية أيضًا، ومغادرة البلاد خلال فترة أقصاها عشرة أيام فقط.
وأشار إلى أنه رغم مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عبر بيانه الصادر في السابع من ديسمبر سنة 2005 الذي عدّ القرار خطوة غير مقبولة ظلت إرتيريا في موقفها الرافض للرجوع عن القرار وطالبت أثيوبيا بسحب مواطنيها من كل الأراضي الإرتيرية بشكل فوري وبدون أي نقاش.
تاريخيا أكد بوصفيطة أن أثيوبيا لها علاقة مباشرة بجيبوتي وأيضا بالصومال ولها علاقة مباشرة بإرتيريا كونها جارة، وأن البحر الأحمر هو بيت القصيد ويمثلون منطقة مهمة بالقرن الإفريقي خصوصا أن إريتريا أمامها ستة وعشرون جزيرة وهذه الجزر استخدمت من قبل كقوة خارجية في وقت من الأوقات، لافتا إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية كانتا منذ عام 1945 باتفاق مع الإمبراطور الأثيوبي الملك، ( هايله سـِلاسي أو حيلي ثلاثي) حيث وعدت أمريكا بإصدار قرار من الأمم المتحدة ببقاء أثيوبيا وإرتيريا كوحدة واحدة وهذا غاية في البساطة بالنسبة لهم، بالمقابل أن تسمح أثيوبيا باستخدام مناطق قواعد عسكرية تطلّ على البحر الأحمر وتشرف على الحركة البحرية والسياسية والاقتصادية وغيرها وخصوصا أن أثيوبيا ليس لها أي سواحل على البحر الأحمر فالأمر مهم جدا بإبقاء إرتيريا تابعة لها.
وأشاد بوصفيطة بشعوب هاتين الدولتين قائلا “بحكم معرفتي بهم فإن هذه الدول غنية جدا بالأبناء الوطنيين والصادقين في حب الوطن والدفاع عنه وعن مصالحه ولن يقبلوا أبدا بالمساومة على أوطانهم”، واصفًا “دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها لعبت دورا كبيرا وهاما بإجرائها لمراسم توقيع اتفاق الصلح النهائي بين إريتريا وأثيوبيا بأبوظبي”، لافتا إلى أن هذا الأمر نال رضا وقبول معظم القادة الأفارقة.
وتساءل بوصفيطة عن دور المعارضة بعد الصلح لافتا إلى أن الداعم الوحيد للمعارضة الإريترية هو أثيوبيا، مؤكدا أن المعارضة الأثيوبية وضعها أفضل نسبيا بعد الانفتاح في أثيوبيا لاستطاعتها العودة إلى بلادها.
وأشار إلى أن المعارضة الإرتيرية هي من تواجه مشكلة حقيقية للتطور السياسي بإرتيريا كما حدث بأثيوبيا لا وجود لصحافة مستقلة وعدم الاعتراف بالمعارضة وعدم قبول الرأي الآخر.
في الختام قال المستشار بوصفيطة المختص بالشأن الإفريقي: أتمنى من الله أن يعم الأمن والسلام على كافة الشعوب الإفريقية.
كما اقترح بأن يكون هناك قوة صناعية عسكرية إفريقية بين مصر وكل الدول الإفريقية قائلا إن ثقتي كبيرة جدا بمصر لما تمتلكه من خبرة وقدرة وإمكانات في هذا المجال والدليل هو تطورها وتقدمها في جميع الأصعدة”.
وأضاف “علينا أن نحل كل الخلافات بيننا حتى يتحقق هذا الحلم لأن كل الدول الإفريقية تتمنى الازدهار الاقتصادي والمالي والتواصل التجاري بين دول القارة وليس الحروب وما يأتي من وراء الحروب وهو الانهيار الاقتصادي بالدرجة الأولى وتوابعه وهو ما نشهده اليوم للأسف الشديد ببلدي الحبيب ليبيا”.
وخص ب”الشكر والتقدير والاحترام الخاص لمعالي رئيس الوزراء الأثيوبي فخامة أبي أحمد الذي ليس له مثيل بكافة دول القارة خصوصا في الوقت الراهن لما يتمتع به من خلق طيب”، كما وصفه بوصفيطة.(وال – أبو ظبي) ا م