وكالات 08 أغسطس 2018 (وال) – قال رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق، المستشار مصطفى عبدالجليل، إن التدخلات الأجنبية كانت سببا في الأزمة السياسية الراهنة في ليبيا، مشيراً إلى دور قطر وتركيا في تمويل الجماعات المتطرفة والإرهابية في مدن طرابلس ومصراتة وسرت وبنغازي ودرنة.
وكشف عبدالجليل في حوار لـ”العين الإخبارية” سبب التحاق جماعة الإخوان الإرهابية بالمجلس الانتقالي، لافتا إلى أنها جلبت الأسلحة إلى ليبيا خلال أحداث 17 فبراير ٢٠١١ من السودان.
وسرد تفاصيل جديدة حول مقتل الشهيد عبدالفتاح يونس، رئيس الأركان الليبي السابق، خلال أحداث فبراير، ودوره في مشروع ليبيا الغد الذي طرحه سيف الإسلام القذافي، بالإضافة إلى حديثه عن جهود الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
نص الحوار
- ما تقييمك للمرحلة الراهنة التي تعيشها ليبيا؟ وما سبب وصول ليبيا لهذه المرحلة؟
المرحلة الراهنة صعبة بكل المقاييس والسبب في ذلك هي جماعة الإخوان، التي أخفقت في انتخابات المؤتمر الوطني العام، وأطيح بها من معقلها في مصر، وأصبحت منبوذة من الجميع فتحالفت مع كل التيارات المتطرفة.
فالإخوان أفسدوا الحياة السياسية في ليبيا، من خلال إقرارهم قانون العزل السياسي وغزوهم مدينة بني وليد ومحاصرتهم المؤتمر الوطني والوزارات السيادية، وإطلاقهم حركة “فجر ليبيا”، التي كان أول أعمالها تدمير المطار العالمي في طرابلس، ومن ثم حصل الانقسام السياسي الذي أتاح الفرصة لكل الدول للتدخل في الشأن الليبي.
- هل ترى أن التدخلات الأجنبية سببا في الأزمة السياسية الراهنة؟
بالتأكيد، التدخلات الأجنبية كانت سببا في الأزمة السياسية الراهنة في ليبيا، وذلك بتمويل قطر وتركيا للجماعات المتشددة المتطرفة في مدن طرابلس ومصراتة وسرت وبنغازي ودرنة .
بالإضافة إلى تعارض المصالح بين دول أوروبا، وكذلك الأمر بين دول الجوار، وتحديدا مصر من ناحية والجزائر وتونس من نواحٍ أخرى.
- هل تعتقد أن مسار 17 فبراير انحرف عن البوصلة وتحول الوضع في ليبيا لصراع مسلح؟
كانت الأمور تسير بشكل انسيابي، قبل انطلاق ما يسمى بـ”فجر ليبيا”، فالأمور الاقتصادية كانت مستقرة من حيث سعر الصرف وتوافر السيولة في المصارف، بل وتم رفع الحظر على الملاعب الليبية، وأقيمت مباريات دولية بملاعب طرابلس وبنغازي.
لكن الإخوان، ومن تحالفوا معهم، قلبوا الطاولة على الجميع فحصل الانقسام السياسي والمواجهات العسكرية مع مجموعات الشورى في سرت وبنغازي ودرنة، وهوجمت الحقول البترولية وأحرقت خزانات النفط بطريق المطار في طرابلس وفي رأس لانوف.
- من المسؤول عن انتشار السلاح والمليشيات في ليبيا؟
عندما تطلع الليبيون لتحقيق مستقبلهم بالاستفادة من ثرواتهم التي سخرها القذافي لأهدافه الخاصة، قابلهم بالتهديد والوعيد، ما أدى لانقسام الليبيين، بين مجازف متهور ومتردد يخاف بطشه.
وفي المقابل، وجد الشباب أنفسهم في مواجهة عسكرية، فسقط منهم المئات قبل الحصول على السلاح من مخازن الأسلحة المنتشرة في كل مكان، وبات لزاما عليهم المواجهة، وهو ما تم استغلاله من بعض القادمين من الخارج بتكوين كتائب ومليشيات تحمي برنامج كل منهم.
فعسكرة الثورة فرضها القذافي، الذي أراد ذلك ولم يحذُ حذو جاريه بن علي ومبارك اللذين تنحيا عن السلطة وحقنا دماء شعبيهما.
- ما رأيك في دور الإخوان خلال توليك رئاسة المجلس الانتقالي؟ وهل ترى أن الجماعة ورطتك في عدة ملفات؟
عندما التحق الإخوان بالمجلس الانتقالي كان الهدف الداعي لذلك؛ هو كسب كل الأطراف المعارضة، فضلا عن أننا ذلك الوقت كنا في حاجة لكل من يقول إنا معكم، وفعلا كان لهم دور في اعتراف تركيا وفي جلب بعض الأسلحة من السودان، وفي ترتيب اختيار الحكومة الانتقالية بعد التحرير، وفي قانون الانتخابات، حيث كانت كل الأطراف السياسية بأيديولوجياتها المختلفة تفتقر لثقافة الانتخابات، حيث كانت آخر دورة انتخابية عام 1964م.
وعلى المستوى الشخصي فقد وثقت فيهم، بل حظي الإخوان بثقة العامة حتى أطيح بهم في مصر، فكشروا عن ثقافتهم الحقيقية المبنية على الانتماء الأساسي للجماعة وليس للأوطان، وثقافة الإقصاء والحصول على المال بأي طريقة حتى ولو كان غير مشروع.
- ترددت أقاويل حول صفقة طرحها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزى لخروجٍ آمنٍ للقذافي.. ما هي التفاصيل التي لديكم؟
لم يطرح ساركوزي أو حكومة فرنسا أي مبادرة، ولكن رئيس المكتب التنفيذي طرح مبدأ الخروج الآمن للقذافي وأبنائه لأي دولة يراها، وحسب المعلومات لاحقا بأن بعض أبنائه أرجعوه من المطار، وظهر بالإعلام متحدثا بعدم المغادرة.
- من اغتال رئيس الأركان السابق عبدالفتاح يونس؟
المجموعات المتطرفة والإرهابية بكل أطيافها هي من حاكت مؤامرة قتل يونس، فقد توارت المطالبة بتوضيح بعض المواقف العسكرية منها على سبيل المثال قوله في إحدى اللقاءات إن حلف الناتو ليس تاجا فوق الرؤوس، فقد تقاعس كثيرا وللصبر حدود، سينفذ صبرنا ونطلب منه الخروج، ولعلم الجميع أنه لولا ذلك التدخل من حلف الناتو يوم 19 مارس 2011 لأجهضت الثورة”.
فكان لقول يونس أساس للمطالبة بتنحيه، وعرض الأمر على المجلس الانتقالي، الذي قرر إحالة كل التقارير للمكتب التنفيذي للاختصاص، وبالطبع وقعت رسالة الإحالة للتحقق مما ذكر واتخاذ اللازم قانونا، فاستُغل ذلك، وانتهى الأمر إلى قرار فردي باستدعائه للتحقيق لكتيبة “أبي عبيدة”، التي يرأسها أحمد بوختالة.
وتم قتل عبدالفتاح هو ورفاقه عندما علم وزير الدفاع بالأمر وقرر الإفراج عنه، وتواصلنا مع المكتب التنفيذي بهذا الخصوص، وبادرت تلك المجموعات بقتله ورفاقه، ولولا حكمة وشجاعة قبيلة العبيدات كذلك لانتكست الثورة، وبالطبع سيكون أول المطلوبين أعضاء المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي وكل من كان في المشهد، وتم التحقيق في واقعة مقتل الشهيد عبدالفتاح يونس وتم اتهام سبعة أشخاص بالقتل ولكنهم لم يمثلوا ليدافعوا عن أنفسهم في ذلك الاتهام.
- ما رأيك في الدور القطري والتركي الداعم للتنظيمات الإرهابية في ليبيا؟
في بداية الثورة قدمت لنا قطر كل المساعدات السياسية والاقتصادية والأمنية، ومع مرور الوقت تبين أن لذلك مبتغى، حيث صارحوا بذلك، واتخذ منهم الليبيون موقفا حذرا ومع كل هذا فقد وصلت قطر وتركيا الداعمتين لتنظيم الإخوان نيابة عن غيرهم من الدول الأوروبية وأمريكا، فأصبح دورهما عكسيا، حيث انتكست الثورة بفعل ذلك الدعم من البلدين لما يسمى مجالس الشورى.
- البعض يتهمك وتيارات متطرفة بنقض العهد في مشروع ليبيا الغد الذى طرحه سيف الإسلام القذافي.. ما تعليقكم؟
عندما حاولت ليبيا الخروج من عزلتها وفك الحصار الذي عانى منه الليبيون كثيرا من خلال الأعمال الإرهابية التي كان يتبناها القذافي ويدعمها، وعند ذلك، وفي إطار التصالح مع المتضررين وإذا كانت لي أحكام، أنصفت فيها من صودرت أملاكهم وشركاتهم ومصانعهم، فقد توليت عام 2006 مهمة نائب رئيس لجنة التعويضات الخاصة بالعقارات.
وكانت كل اللجنة من طرابلس وأنا الوحيد من الشرق، وقد أدت اللجنة عملا رائعا من خلال وضع ضوابط محددة للتعويض، وشكلت لجان فرعية تولاها رجال القضاء في مقر كل محكمة ابتدائية، وبعرض تلك الضوابط على رئاسة الوزراء تم اعتمادها وتم تكليفها بوضع ضوابط تعويض أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية التي تم تأميمها، وأنجزنا العمل بفضل كفاءة رئيس اللجنة وبقية الأعضاء ذوي الخبرات في مجال التخطيط العمراني ومصلحة الأملاك والتسجيل العقاري والمالي.
ومع بداية عام 2007 كلفت بأمانة العدل، كإشراف عام على كل التعويضات السابقة مضافاً إليها تعويضات السجناء الذين سجنوا ولم يدانوا، وكذلك من توفوا بالسجون أو أمام المواجهات مع الأمن ومن الطرفين، وضمت تلك الإجراءات مذبحة سجن بوسليم التى راح ضحيتها أكثر من ألف ومئتي سجين في ثلاث ساعات.
ثم تم تعويض المتضررين من حقن أطفالهم بفيروس الإيدز وعدد أكثر من أربعمائة طفل تحصل كل ولي أمر على مليون وثلاثمائة ألف دينار ليبي ما يعادل ذلك الوقت (مليون دولار)، وقد قامت بدفعها دولة قطر عن طريق سفيرها في باريس، ولا ننكر أن كل ذلك مر بمنعطفات كثيرة، وتعرض لعراقيل عدة من القذافي تارة ومن أبنائه تارة أخرى.
وموضوع المصالحة تم فرضه على القذافي من المجتمع الدولي ووعدوه بالمساعدة في سبيل الحصول على عقود تنفيذ مشروعات رائدة كان من المتوقع إنجازها في ليبيا الثرية، والتي تفتقد لأبسط البنى التحتية، إذ القمامة في تاريخه مكدسة بالشوارع ومياه الصرف الصحي تنساب في الأودية وفي البحر وهكذا.
- ما رأيك في تعاون الجماعة الليبية المسلحة في التآمر مع القطريين على ليبيا؟
الجماعة الليبية المقاتلة شأنها شأن كل التيارات الإسلامية ولها ارتباطاتها الخارجية الداعمة لها من قطر وتركيا والمملكة المتحدة وأمريكا، وقد شكلت مع بعضها معوقا أساسيا لانتكاسة الثورة في ليبيا.
- ما رأيك في جهود المشير خليفة حفتر لبناء جيش وطني ليبي؟
كان اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس بداية تصفية كل القيادات العسكرية والقضائية بغية نشر الفوضى، وإفساح المجال لبرنامج تلك الجماعات، فقد تم اغتيال المستشارين محمد أهويدى ومحمد النعاس ويوسف صالح الكريمي ومفتاح الخفيفي وجمعة الجازوي والنائب العام عبدالعزيز الحصادي، وتم اغتيال العقيد محمد هدية مسؤول التسليح أثناء الثورة، والعقيد بوزريدة مسؤول الشرطة العسكرية، والعقيد فرج الدرسي مدير أمن بنغازي وغيرهم، فلزم الجميع بيوتهم خوفا من إرهاب تلك الجماعات.
فأنبرى لهم المشير خليفة حفتر وأعلن من منطقة الرجمة المتاخمة لبنغازي انطلاق عملية “الكرامة”، لرد اعتبار وكرامة رجال الجيش، وحصل حفتر على دعم إقليمي من مصر والإمارات ودولي من إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة، ما مكنه من تكوين جيش منظم قضى على الإرهاب في بنغازي ودرنة، معقلهم المعروف، وهو حاليا قد امتدت عملياته إلى سرت، حيث حررها من المجرمين وسلمها للمؤسسة الوطنية للنفط.
- ما تقييمك للدور الإماراتي الداعم لتطلعات الشعب الليبي؟
دولة الإمارات العربية المتحدة كانت داعمة لنا منذ عام 2011، إذ أمدتنا بكل المعونات الإنسانية واللوجيستية، كما أنها كانت داعمة لقيام الجيش وسعت سياسيا لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، فاستضافتهم أكثر من مرة، ويكن الليبيون التقدير لما تقدمه الإمارات من مساعدات متعددة للجيش الليبي.
- في حال طرح اسمك كشخصية توافقية لتولي زمام الأمور لحين إجراء الانتخابات في ليبيا.. هل تقبل؟
أعتقد أن هناك الكثير من الشخصيات التوافقية لتولي أمر ليبيا مرحلياً ودائماً، وأذكر منهم المهندس جاد الله الطلحي ومحمد بلقاسم الزوي والدكتور محمد حسن البرغثي والدكتور إبراهيم بوخزام وغيرهم قادرون على نقل البلاد إلى ما هو أفضل.
- من هو المستشار مصطفى عبدالجليل في سطور؟
نشأت ودرست في الجبل الأخضر، مهد الحركة السنوسية الصوفية، وتخرجت في الجامعة عام 1975 من كلية الشريعة والقانون. عام 1978م حيث ترقيت إلى قاضٍ وتدرجت فى العمل القضائي حتى منتهاه عام 2006م، وفي عام 2007 تم اختياري وزيرا للعدل وكنت آنذاك رئيسا لمحكمة البيضاء، ولاؤنا للملك إدريس جعل من ظهور القذافي، وكأنه عدو أصيل وحملت محكمة البيضاء لواء التصدي للقوانين التي قنن بها القذافي مقولات كتابه الأخضر (البيت لساكنه – والسيارة لمن يقودها – شركاء لا أجراء) هكذا الأصل وهذه البداية. (وال – وكالات) ع ع