بنغازي 02 ديسمبر 2018 (وال) _ تعدّ ثقافة الرّصاص العشوائي ،ثقافة مميتة مستحدثة ،امتدت لأكثر من ست سنوات ،بعد اندلاع أحداث السابع عشر من فبراير عام 2011م، إذ أصبح امتلاك السلاح في ليبيا أمراً مألوفاً وسهل الوصول ،لمختلف شرائح المجتمع ،و ينظر إليه اليوم باعتباره واحداً من أخطر المشاكل الأمنية ،التي تواجه البلاد وتؤرقها ،حيث يتزايد ضحايا الرصاص العشوائي والقاتل لايزال مجهول.
هذا وفي مختلف مدن البلاد أصبحنا نسمع يومياً ،عن حوادث قتل وإصابات جرّاء حمل السّلاح واطلاق الرصاص العشوائي، في مختلف المناسبات وأحيانا يطلق في الهواء ،دون سبب يذكر مسببا في أضرار مادية وخسائر في الأرواح ،وتقيد معظم هذه الجرائم فيما بعد (ضد مجهول) بسبب صعوبة إثبات المسؤولية على الجاني وإلقاء القبض عليه فور سقوط الضحية.
وفي مدينة إجدابيا أمر آمر منطقة الخليج العسكريه وآمر غرفة عمليات إجدابيا العميد فوزي المنصوريب القبض على كل من يقوم بالرماية العشوائية في المدينة وإحالته للقضاء ومصادرة سلاحه.
وقال العميد فوزي المنصوري ــ لوكالة الأنباء الليبية ــ أن القرار جاء لمحاسبة كل مستهتر يقوم بالرماية العشوائية في مختلف المناسبات الاجتماعية ،وذلك منعا لحدوث إصابات أو فقد للأرواح نتيجة لهذه الأفعال غير المسؤولة من مرتكبيها.
وتابع المنصوري أن آلية القبض على هؤلاء العابثين ستتم ،إما بمساعدة المواطنين بالإبلاغ عنهم أو بالقبض عليهم مباشرة من قبل جهاز الشرطة في المدينة.
وأضاف “المنصوري” أنه سيتم مصادرة هذا السّلاح من مالكيه المستهينين بأفعالهم غير المقدرين لمخاطرها ،ففي الوقت الذي من المفترض فيه أن يتم توجيه هذا الرصاص إلي صدر العدو يتم إطلاقه عشوائيا في شوارع المدينة، مسببا الخوف والهلع للسكان الآمنين حاصدا لأرواح المدنيين .
يشار إلى أن هذا القرار جاء على خلفية إصابه طفل يبلغ من العمر (13) سنة ،إثر سقوط دانة (آربجي) عشوائية في المدينة وموت شاب آخر نتيجة مشاجرة بالأسلحة النارية قبل أيام.
وفي بنغازي وثّقت مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث سقوط نحو (900) مدني بين قتيل وجريح جرّاء الاطلاق العشوائي الذي طال أحياء مدنيّة متفرّقة في الأعوام الماضية 2014/2015/2016.
ووفق إحصائية أعلنت عنها مستشفى الجلاء للجراحة و الحوادث، وبينت الإحصائية التي تحصلت ـ وكالة الأنباء الليبيةـ على نسخة منها مقتل 146 مدني وإصابة 754 جريح خلال تلك السنوات.
وصنفت الإحصائية عامي 2014 / 2015 من أكثر الأعوام الذي حدث فيها القصف العشوائي ،حيث انتقل فيها العشوائي من الشّوارع إلى داخل الأحياء السّكنية عام 2014م أسفر عن مقتل 9 مدنيين ،وجرح 9 آخرين، وفي عام 2015 م حصد الرصاص العشوائي 102 قتيلا و 451 جريحا .
وأضحت الأرقام الواردة في الإحصائية أن سنة 2016 شهدت مقتل 36 وجرح 264، و في هذه السنة التي شهدت ثلاث تفجيرات في مناطق مختلفة من بنغازي، الأولى في منطقة الماجوري ،الحادثة التي استهدفت وزير الداخلية الأسبق الدكتور عاشور شوايل، والتفجير الثّاني في منطقة بوعطني بالقرب من معسكر الصاعقة، والانفجار الثالث ،حدث بالقرب من مستشفى الجلاء والذي استهدف تلاميذ مدرسة النجم الساطع ،أثناء انتهاء دوامهم وخروجهم من المدرسة.
وبينت إحصائية أخرى لمستشفى الجلاء ،إن القصف العشوائي على الأحياء السكنية لأول ثلاث أشهر من عام 2017 تسبب في مقتل مدني وجرح 30 مدنيا.
ومن جهتها، كشفت مسؤولة مكتب الإعلام بمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث “فادية البرغثي”، ــ في تصريح سابق لها لوكالة الأنباء الليبية ــ أن المستشفى استقبل في شهري يناير وفبراير مطلع هذا العام 9 قتلى من بينهم طفلين و 11 جريحا بينهم طفل ، جرّاء أعيرة نارية عشوائية بمدينتي بنغازي وطبرق.
وأوضح رئيس وحدة الظواهر السلبية المقدم عبد المنعم المهشهش ــ لوكالة الأنباء الليبية ــ إن ‘المسؤولية مشتركة بين المجتمع والشرطة والجيش الشرطة ،التي تجد صعوبة في القبض على مرتكبي هذه الجريمة ،لوقوعها في مناطق متفرقة من أحياء المدينة باستثناء قاعات الأفراح التي من الممكن حصر مرتكبيها ومعاقبتهم.
وتابع قمنا باستدعاء أصحاب الصالات للحدّ من هذه الظاهرة ،وفرضنا عليهم دفع مبلغ مالي لا يتجاوز الخمس وأربعين دينار في حال تم إطلاق الرصاص العشوائي من أجل الاحتفال.
وذكر “المهشهش” إن المسؤولية تتحملها الشرطة العسكرية التي من مهامها القبض على المنتسبين للجيش أثناء إطلاقهم للرصاص في أحياء المدينة، والتي تجد صعوبة في أداء مهامها في ظل الوضع الأمني الذي تشهده البلاد وتجنبا للتصادم مع قوات الجيش.
وأكمل “المهشهش” لقد خاطبنا القوات الخاصة من أجل تعاون مشترك للحدّ من الرصاص التي قالت لنا إن مرتكبي هذه الأفعال ليسوا من ضمن المنضويين لها.
وفي ذات السياق، أوضح آمر وحدة الاقتحام في الشرطة العسكرية المقدم عماد الزوي لـ (وال) إنّ في ظلّ الوضع الأمني الذي تشهده البلاد ،تتحمل الشّرطة العسكرية المسؤولية كاملة في الحفاظ على أمن المواطن، وأنها قائمة بأعمالها على أكمل وجه في القبض على مرتكبي هذه الجريمة ،سواء تمت أثناء رماية عشوائية،مشاجرة، أو تصادم فصائل عسكرية مع بعضها البعض أو تعدي هذه الفصائل العسكرية على الشرطة أو على قوة مساندة.
وأضاف “الزوي” أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة سواء كان باحتواء وحقن تصادم الفصائل ،أو من خلال الإجراءات الضبطية التي تأتي عن طريق النيابة.
وتابع “الزوي” أن الشرطة تتجه إلى مكان الواقعة ،فور تلقيها شكاوي وبلاغات المواطنين ،يتم القبض على الجاني سواء كان مدني أو نظامي و يتم مصادرة سلاحه ،حتى بعد الإفراج عنه وتسليمه إلى جهاز الشرطة العسكرية .
وعن الشكاوي التي تقدم من قبل المواطنين أثناء تشييع جثامين الشهداء ودفنها في المقابر قال: أنها لا تؤخذ في عين الاعتبار لأن هناك واحد وعشرون طلقة قانونية مصرّح بها للجنود، تحية للشهداء أثناء دفنهم وفي بعض الأحيان، يتم تجاوز عدد الطلقات المسموح بها من قبل الجنود ،وذلك لانفعالات عاطفية يتم منعها في معظم الأحيان.
ومن جهتهم، عبر مواطنين عن استيائهم تجاه هذه الظاهرة ،التي طالبوا فيها الجهات المسؤولة ،ضرورة ملاحقة ومحاسبة من يقوم بمثل هذه الأفعال غير المسؤولة، ومعاقبة كل من تثبت إدانته .
يقول المواطن “محمد الساري” إن اطلاق الرصاص ثقافة مستحدثة في المجتمع ،و أن القضاء عليه مسؤولية يقع عاتقها على الجميع ،القانون وحده ليس كافيا لردعها، بل هناك حاجة ماسة لتوعية المواطنين تنطلق من المنزل وصولا إلى المؤسسات التعليمية ،مع التأكيد على أهمية دور رجال الدين في الحد من هذه الظاهرة القاتلة.
وقالت المواطنة نورة الفرجاني إن القذائف العشوائية قتلت ثلاثة أفراد من عائلتها :هم جدتها وخالها وابن خالها في يوم واحد قبل عامين 29/5/2015والسبب في ذلك ثلاث قذائف عشوائية، الأولى أصابت موقف السيارات والثانية أصابت حديقة الكيش والثالثة أمام المنزل وهي من أودت بحياتهم.
وناشدت المواطنة “فوزية موسى” الجهات المختصة بضرورة وضع حدّ للانفلات الأمني الذي تشهده المدينة، والتعامل بحزم وصرامة والضرب بيد من حديد لكل من تسوّل له نفسه تعكير صفو أمن واستقرار المواطن .
يشار إلى أنّ هناك العديد من القرارات صدرت في مدن ليبية مختلفة، بخصوص تجريم إطلاق الرصاص العشوائي ،غير أن العديد من العابثين لم تردعهم هذه القرارات عن إطلاق الرّصاص في شوارع المدن ، وسط وجود المدنيين وفي المناسبات الاجتماعية المختلفة (وال _ بنغازي) ب ف / هــ ع