بنغازي 26 ديسمبر 2018 (وال) – يقف أهالي مدينة بنغازي منذ أكتوبر الماضي لساعات طويلة أمام المصارف التجارية المختلفة، بغية تقديم النماذج للحصول على بطاقة (العشرة آلاف دولار)، التي سبق وأن أصدر محافظ مصرف ليبيا المركزي تعليماته للمصارف التجارية، للبدء بصرف 500 دولار أمريكي لكل مواطن والتي تمت إضافتها لمخصص أرباب الأسر من العام الجاري.
وفي استطلاع للرأي ــ أجرته وكالة الأنباء الليبية على صفحات التواصل الاجتماعي ــ بمشاركة 1050 صوت أوضح الاستطلاع رفض الأهالي بيعهم للبطاقة الذهبية، مقابل مبلغ مادي للتجار.
ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك إمكانية مادية لك كمواطن لشحن البطاقة أجاب 80 % من المستطلعة آراؤهم بـ”لا”، فيما أجاب 20% بـ”نعم”.
وعن نية بيع البطاقة بعد استخراجها بمقابل مبلغ مادي لأحد التجار أيّد 23 % ممن شملهم الاستطلاع فكرة بيع البطاقة ، في حين أعرب 77 % منهم عن مؤشرات سلبية بشأن عملية البيع، وأعلنوا عن رفضهم القاطع لها.
واتفق 77 % الرافضين إنه وإن لم يمتلكوا القدرة المادية على شحن البطاقة، إلا أنهم لن يساهموا في إعطاء الفرصة للتجار لاستغلالهم واستخدامها لدعم مصالحهم الشخصية.
وقال أحد المواطنين ــ لوكالة الأنباء الليبية ــ وأحد الذين عرض عليهم مبلغ مالي وقدره ستة آلاف دينار مقابل تأجير رقمه الوطني لاستخراج بطاقة العشرة آلاف دولار لصالح أحد التجار، “إنه قابل هذا العرض بالرفض و أرجع أسباب رفضه مخافة استغلال التاجر للرقم الوطني، إضافة إلى زهد المبلغ المدفوع أمام القيمة المالية الكبيرة، التي سيتحصل عليها التاجر مقابل استخراجه للبطاقة من خلال رقمه الوطني.
وعن أسباب تفاوت أسعار البطاقات التي حددها التجار، مقابل كل بطاقة حسب المصرف المستخرج منه قال أحد تجار البطاقة المصرفية ( الفيزا ) السيد علي بالعجول لـ (وال) أن أسباب تفاوت أسعار البطاقات المستخرجة من المصارف تحددها المميزات المقدمة من قبل المصارف، فعلى سبيل المثال تباع فيزا التجاري الوطني أكثر ثمناً من فيزا مصرف الجمهورية، رغم أن الإثنين يحملان نفس القيمة المالية المحددة والمتمثلة في 10000دولار .
ويتميز كل مصرف عن الآخر من حيث كمية السحب اليومي للبطاقة وكمية الخصم كل بطاقة تخص مصرف لها ميزات معينه، فمثلا بطاقة مصرف الأمان بإمكانك أن تسحب في اليوم الواحد قيمة 4000دولار ونسبة الخصم 6%، يعني عملية سحب العملة 10000دولار تتم على أقل تقدير في ثلاثة أيام فقط، وتستلم حوالي9400 دولار نتيجة الخصم المقدر بــ 6%.
هذا وعلى خلاف بطاقة مصرف الجمهورية، التي تمكنك من السّحب بقيمة 1000دولار يومياً وتبلغ نسبة الخصم 9% وهي نسبة كبيرة مقارنة بباقي المصارف وهذا يوضح أسباب، عدم إقبال التجار على شراء بطاقات العشر آلاف دولار من العملاء التابعين لمصرف الجمهورية، بينما بطاقة مصرف التجارة والتنمية
تصل قيمة السحب اليومي فيها من 2000 دولار إلى 10000دولار ونسبة الخصم 5% ولديهم أيضا البطاقة الذهبية التي تمكن التاجر من سحب 10000دولار دفعة واحدة في يوم واحد.
وأشار إلى أن التاجر دائماً يفضل البطاقة التي تمكنه من السحب لأكثر من مرة واحدة في اليوم، بأقل نسبة في الخصم وهذا سبب ارتفاع سعرها عن غيرها من البطاقات من المصارف الأخرى
وأوضح “بالعجول” كيفية سير العملية الشرائية حيث قال أنا كتاجر عندما اشتري مجموعة من البطاقات التي تسحب في اليوم عدد كبير من الدولارات إضافة إلى انخفاض نسبة الخصم عليها، وبعد سفري إلى إحدى الدول التي تتم فيها عملية السحب لن تطول مدة إقامتي فيها، بسبب سرعة السحب وبالتالي تكون أقل مصاريف بالنسبة لي.
وأضاف أن فرق الخصم سيكون كبير جدا عندما أسافر ومعي على سبيل المثال 50 بطاقة نسبة الخصم 5%ليس مثل ما يكون معي 50 بطاقة ونسبة الخصم فيها 9%.
ومن جهته، حذر وكيل النيابة بمحكمة جنوب بنغازي من عملية تأجير الرقم الوطني، بدون إبرام عقد لدى محرر العقود يضمن فيه البائع عدم استخدام رقمه الوطني في معاملات أخرى.
وأكد وكيل النيابة على تسجيل حالات استخراج دولارات، دون علم أصحاب الأرقام الوطنية الذين قاموا بتأجير أرقامهم أثناء عملية استخراج الدولارات الأولى، وذلك لعدم وجود عقد تأجير ملزم بالاستعمال بمدة محددة ولمرة واحدة .
وفي ما يتعلق بالآثار الاقتصادية الناجمة عن استخراج وبيع البطاقة للتجار، قال الصحفي المهتم بالشأن الاقتصادي عبد الله الزايدي ــ لوكالة الأنباء الليبية ــ إن السوق الموازي يعتمد علي العرض والطلب، وتوفر معروض النقد الأجنبي في المصارف ضغط على سعر السوق الموازي إلى الانخفاض.
وتابع أن هذا الانخفاض يؤثر على انخفاض أسعار السلع خاصة بعد توفر الاعتمادات و مخصص الأفراد من العملة الصعبة في المصارف ، وهذا دون شك يشكل الآن حدثاً إيجابي بالنسبة للتضخم الذي عانى منه المواطن لسنوات ولكن السوق الموازي أكبر من ما يبدو عليه ولابد من توحيد المصرف المركزي لأن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يكون إيجابيا دائما.
وعن رأي الشارع أكد عضو هيئة الإفتاء التابعة للحكومة الليبية المؤقتة الشيخ حمد عيسى أبدويره في حوار له مع (وال) حرمة تأجير الرقم الوطني للتجار مقابل استخراجهم بطاقة العشر آلاف دولار.
وقال الشيخ حمد أن ﺍﻟﻌﻤﻼﺕ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻣﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ يلزم ﻓﻲ البيع والشراء فيها ﺍﻟﺘﻘﺎبض، وذلك لما رواه مسلم عن ﻋُﺒَﺎﺩَﺓَ ﺑْﻦِ ﺍﻟﺼَّﺎﻣِﺖِ ﺭﺿﻲ ﻋﻨﻪ ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: ( ﺍﻟﺬَّﻫَﺐُ ﺑِﺎﻟﺬَّﻫَﺐِ، ﻭَﺍﻟْﻔِﻀَّﺔُ ﺑِﺎﻟْﻔِﻀَّﺔِ، ﻭَﺍﻟْﺒُﺮُّ ﺑِﺎﻟْﺒُﺮِّ، ﻭَﺍﻟﺸَّﻌِﻴﺮُ ﺑِﺎﻟﺸَّﻌِﻴﺮِ، ﻭَﺍﻟﺘَّﻤْﺮُ ﺑِﺎﻟﺘَّﻤْﺮِ، ﻭَﺍﻟْﻤِﻠْﺢُ ﺑِﺎﻟْﻤِﻠْﺢِ، ﻣِﺜْﻠًﺎ ﺑِﻤِﺜْﻞٍ، ﺳَﻮَﺍﺀً ﺑِﺴَﻮَﺍﺀٍ، ﻳَﺪًﺍ ﺑِﻴَﺪٍ، ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺍﺧْﺘَﻠَﻔَﺖْ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄَﺻْﻨَﺎﻑُ ﻓَﺒِﻴﻌُﻮﺍ ﻛَﻴْﻒَ ﺷِﺌْﺘُﻢْ، ﺇِﺫَﺍ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﺪًﺍ ﺑِﻴَﺪٍ).
وأوضح عضو هيئة الإفتاء إن ﺍﻟﺼﻚ (ﺍﻟﻤُﺼَﺪَّﻕ) ﻟﻪ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺒﺾ، ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻯ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺘﺮﻯ ﺑﻪ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﺾ ﺑﺎﻟﻤﺠﻠﺲ، وﻻ تجوز هذه المعاملة بالصكوك العادية (غير المصدقة).
وتابع أن ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﺍﻟﺤﻜﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻣﺎ ﻳكون ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺃﻭﺩﻉ أﺣﺪ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺑﺤﻮﺍﻟﺔ ﻣﺼﺮﻓﻴﺔ بشرط أن يوكل صاحب العملة اﻷجنبية من يسلمها لصاحبها فور إجراء التحويل.
وأشار الشيخ حمد إلى أنه ينبغي لمن اشترى العملة اﻷجنبية بصك مصدق وأراد أن يبيعها ليوفر السيولة لنفسه ( أن ﻻ يبيعها لمن اشتراها منه).
وذكر أن بيع منافع اﻷوراق الرسمية كالرقم الوطني وجواز السفر وكتيب العائلة فاللجنة العليا ﻹفتاء تفتي بأنه ﻻ يجوز ﻷحد هذا العمل؛ لعدم سماح الدولة لغير صاحب اﻷوراق أن يستعملها، وأيضا لعدم ملكيته لهذه المنافع والله أعلم. (وال _ بنغازي) ب ف / هــ ع