طرابلس 30 ديسمبر 2018 (وال) – قال تقرير نشرته صحيفة اليوم السابع المصرية، اليوم الأحد، إن سقطات المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة تتواصل منذ توليه مهام منصبه، وذلك بعد تعويل الأطراف السياسية الليبية وعدد من الدول الإقليمية والدولية على سلامة، لكن الأخير فشل فشلا ذريعا في التوصل لحل للأزمة الخانقة التي تعصف بالبلاد.
وأوضح التقرير أن غسان سلامة منذ توليه لمهام منصبه تحولت البعثة الأممية إلى طرف وسيط دوره خلق مناخ مناسب يدفع الأطراف المتناحرة للتوافق والتشاور، إلى جزء رئيس من الأزمة الليبية وطرفا في الصراع وهما ما أفقد البعثة الأممية حيادها بشكل كامل.
وأضاف التقرير أن سلامة يحاول التعاطي مع الأزمة الليبية عبر تنظيم الملتقى الوطني الجامع الشهر المقبل، وذلك دون وجود أي استراتيجية واضحة للبعثة حول الملتقى الوطني، فضلا عن عدم تغطية البعثة الأممية لكافة المدن الليبية لتتحقق عدالة التوزيع والنسبة والتناسب، وإعطاء الدور الأبرز لتيار الإسلام السياسي وأنصار النظام السابق.
حقيقة مركز الحوار
وقال التقرير إن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أسند إلى مركز الحوار الإنساني في جنيف مهمة تيسير الاجتماعات بين الأطراف الليبية للإعداد للمؤتمر الوطني الجامع، والغريب في الأمر أن سلامة اختار مركز الحوار الإنساني الذي يحظى بدعم وتمويل ضخم من قطر منذ تأسيسه عام 1999م.
وأوضح التقرير أن المركز بدأ في تنظيم لقاءات واجتماعات سواء داخل ليبيا أو خارجها في الفترة من أبريل 2018 وحتى يوليو 2018، وذلك دون وجود عدالة توزيع بين المدن الليبية والتركيز على المدن التي يسيطر عليها تيار الإسلام السياسي وخاصة في غرب البلاد.
وأضاف التقرير أنه من خلال متابعة وتدقيق البحث في التقرير النهائي الصادر عن المركز حول الملتقى الوطني الجامع، وجدنا ثغرات كبيرة حول الاجتماعات التي نظمها المركز وتم تهميش جزء كبير من المكونات الليبية والتركيز على مكونات أخرى أبرزها الإسلاميون وأنصار النظام السابق والأقليات.
وأضاف التقرير أن المركز يحرص على لقاء المسؤولين القطريين لتوفير سبل الدعم المالي اللازم له، ما يفقد المركز جزءا من استقلاليته التي يروج لها عبر موقعه الإلكتروني، وقد شارك المركز في تحركات قادتها قطر في السودان ولبنان والفليبين والصومال وميانمار.
تعزيز نفوذ الإسلام السياسي
بالعودة إلى التقرير النهائي لمركز الحوار الإنساني حول الملتقى الوطني الليبي، تلحظ تخصيص عدد كبير من المقاعد للمشاركين في المدن التي تسيطر عليها التيارات الإسلامية، وتهميش المدن الهامة التي تحظى بقوى ليبرالية ومدنية وخاصة طرابلس العاصمة، فضلا عن تعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني التي تحظى غالبيتها بدعم خارجي.
وقال التقرير إن مكرز الحوار الإنساني لم يهتم بتنظيم أية لقاءات أو اجتماعات في مدينة أجدابيا وتهميشه لمدينة المرج والقبة والاكتفاء بالإشارة لاجتماعات في الجبل الأخضر دون تحديد عدد المشاركين من كل مدينة، فضلا عن عدم الاهتمام بعقد اجتماعات مع مهجري تاورغاء والاكتفاء بعدد قليل لممثلي مصراتة مقارنة بمدن الخمس وجنزور.
دمج الكتائب المسلحة
وأوضح التقرير أن مركز الحوار الإنساني روج في تقريره النهائي لفكرة دمج مسلحي الميليشيات في المؤسسات الأمنية والعسكرية الليبية، دون الإشارة لأي خطط حول كيفية تأهيل تلك العناصر وضمان ولائها للوطن، والاكتفاء بالإشارة لضرورة وضع امتيازات مالية لتلك العناصر لدمجها في قوات الأمن.
وِأشار التقرير النهائي للمركز إلى أن المشاركين في اجتماعات مركز الحوار الإنساني يطرحون فكرة انشاء هيأة تتولى عملية دمج المسلحين، وهو ما يفتح الباب لخلق كيانات مسلحة موازية للقوات الأمنية والعسكرية في ليبيا وهو يعد استنساخًا لتجربة العراق حول دمج الحشد الشعبي للقوات الأمنية، وهي الفكرة التي لم تنجح بعد في ضمان ولاء المقاتلين للوطن بشكل كامل.
تكرار خطيئة العراق
والملاحظ في تقرير مركز الحوار الإنساني أن بعض الأطراف الليبية بمشاركة الأمم المتحدة تحاول تكرار سيناريو المحاصصة المطبق في العراق ولبنان، وذلك بالدعوة لما يعرف بتوزيع الثروة والسلطة بين المكونات الليبية، فضلا عن محاولة تعزيز دور اللامركزية عبر منح دور أكبر للبلديات التي تهيمن عليها عناصر تابعة للإسلام السياسي، وهو النموذج الذي فشلت العراق في تطبيقه بشكل كامل.
ويبدو أن غسان سلامة يحاول تطبيق رؤيته للمحاصصة خلال فترة وجوده في العراق التي دفعت بالبلاد إلى حالة كارثية، وفى حال تطبيقه على ليبيا ستنهار البلاد بالكامل، وذلك لاعتبارات عدة أبرزها الشخصية الليبية التي تختلف عن العراق وطبيعة المكونات القبلية في البلاد التي تختلف عن القوى العشائرية بالعراق، أضف إلى ذلك فشل فكرة توزيع المناصب في ليبيا على أساس عرقي أو مناطقي وقد تجلى ذلك بشكل كبير في تشكيل المجلس الرئاسي برئاسة السراج.
اللعب على وتر الأقليات
وتضمن التقرير النهائي لمركز الحوار الإنساني بنود تركز على فكرة إحياء حقوق الأقليات، ومحاولة الترويج لضرورة منح الأقليات والفئات المهمشة حقوقها، وهو ما يفتح الباب لليهود أو الأمازيغ أو التبو والطوارق لرفع مطالب فئوية وتعويضات يمكن أن تدفع نحو تمزيق النسيج الاجتماعي لليبيا بشكل كامل.
القفز على الترتيبات الأمنية
منذ اندلاع الصراعات المسلحة في العاصمة طرابلس بين الميليشيات الرئيسة الأربعة وقوات اللواء السابع المنحدرة من ترهونة، وقعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برعاية غسان سلامة اتفاقا لوقف إطلاق النار ووضع ترتيبات أمنية في العاصمة الليبية.
لم تنجح الترتيبات الأمنية في نزع فتيل الأزمة والدليل على ذلك تشكيل الميليشيات المسلحة لجسم عسكري يحاول فرض نفسه في الساحة الليبية وخاصة في طرابلس، فضلا عن كثرة حوادث الاغتيالات الممنهجة ضد عسكريين وقيادات أمنية سابقة، وانتشار العمليات الإرهابية والتفجيرات وآخرها الهجوم على مقر وزارة الخارجية الليبية.
والأخطر هو إصرار غسان سلامة على عقد الملتقى الوطني الجامع قبيل الانتهاء بشكل كامل من الترتيبات الأمنية وانجاحها، وعدم وجود خطة بديلة حال فشل الملتقى الوطني الجامع وهو ما سيدفع بليبيا لفوضى عارمة وممنهجة وستنعكس بشكل سلبي على المنطقة بأسرها. (وال – طرابلس) ع ع