بنغازي 18 أبريل 2020 (وال)- أطلق الكاتب وسيناريت الليبي أحمد التهامي، مجلة الثقافة الليبية الإلكترونية، داعيًا كافة الكتّاب الليبيين المشاركة فيها.
وقال الكاتب أحمد التهامي – في تصريح لوكالة الأنباء الليبية – إن “المجلة مشروع ثقافي وفكري مُؤجل منذ أكثر من عام، لعدم توفر الإمكانيات المالية، قررت تنفيذه لوحدي، لأن العمل الثقافي والفكري في ليبيا برغم تأثيره الضعيف، إلا أنه في غاية الأهمية والخطورة، لأنه وحده كفيل بتبيان صورة المجتمع الليبي أمام نفسه، ومراجعة كل تطوراته خلال 60 عامًا”.
هذا وكتب الكاتب من خلال كلمته الافتتاحية :
“للإجابة مؤقتًا عن الأسئلة السابقة والتفكير فيه ثمته فرضية أساسية لابد من أخذها في الاعتبار؛ ألا وهي إن الثقافة كمجال نشاط بشري مخصوص لها صورتين نمطيتين، إحداها التي تكشفها مجلة ناشيونال جيوغرافيك الأمريكية في نسختها العربية، حيث يجلس طفل هندي أحمر في حوض غسيل الصحون، وتستعد أمه لغسله في الحوض !!؛ صورة لثقافات كانت في بدايات القرن المنصرم، لا تزال قادرة على الانعزال إلى درجة أنها سببت شعورًا بالذنب في تفكير مُفكر على درجة من العلو والعمق، ككلود ليفي شتراوس ( انظر كتابه المداران الحزينان) ؛ وهذه في أحسن حالاتها وأكثرها امتناعًا على التغريب، تظل تستهلك أساطير قديمة، وتُعيد إنتاجها متخلية بالتدريج عن كل إرثها بازدياد اندماجها في السوق العالمي والاقتصاد العالمي، وثقافة أخرى تحتل كل يوم شبرًا بعد آخر، هي هذا المنتج الأوروبي الأمريكي الغربي الياباني بأوجهه المختلفة (أنظر سمير أمين في الاقتصاد السياسي للتنمية)، هذه الثقافة الأخرى تتقدم يوميًا على حساب التنوع والاختلاف العالميين الذي ينحسر كل يوم، صحيح إننا لا نمضي باتجاه التطابق التام، فثمته بالتأكيد مسافات زمنية تُولد لوحدها، اختلافًا بين البشر وبين المجتمعات، لكننا أيضًا نخسر الاختلاف الكامل، ونخسر تمامًا القدرة على العزلة، واجترار حكايات الماضي في قلاع مغلقة ثمته انفتاح عالمي يسيطر !”.
“هذا الانفتاح يحول كل ثقافات العالم المصرة على البقاء إلى عروض سياحية في المتاحف و المصايف، إذ تأتي اندفاعه الثقافة الأوروبية كنتاج فرعي تال، لاندفاع رأس المال وهذا على المستوى الوجداني شديد الارتباط بالأنانية الفردية، بل يعمل على توسيع مجالها ليزدهر الاستهلاك الشركات – الحيتان – اللوياثان اليوم تصنع مستهلكيها ولا تنتظر قدومهم”.
ثمته إذا حاجة للتفكير في كل هذا الذي سبق، وذكرناه أعلاه ثمته حاجة للوقوف أمام مرآة، للتأمل والتدبر، وعلينا هنا أن نسـأل أنفسنا؛ فأمر وجودنا لم يعد إلا معطى سابق، وبالتالي فإن السؤال الأكثر أهمية هو؛ ولكن من نحن ؟ ماذا نفعل ؟، وماذا نريد من أنفسنا ؟، ومن الآخرين إلى أين وصلنا ؟، وإلى أين نريد أن نصل؟!، ومن قال إن ما حددناه كهدف جدير بالتعب والتضحية .. إلخ؟؟!!، هذه اللحظة التوقف قد تكون منعدمة الأهمية لدى الأفراد، إذ تأخذهم ريح لترفعهم أخرى أرادوا أم لم يريدوا، ولكن هل هي أيضًا منعدمة الأهمية في حالة الجماعات، والنخب المجتمعات، لا اعتقد … بل هي أخطر وأكثر أهمية، فهنا حتى مجرد المحاولة اليائسة الفاشلة للإجابة وللتساؤل هي أمر في غاية الأهمية، وكالخطورة فهو الطريق الوحيد الممكن للمجتمعات، لفحص خياراتها التاريخية وتدقيق تجاربها المعيشية، فكل إمكانية تظل مضمرة ما لم تخرج إلى النور .. ونحن في هذه اللحظة أمام خيارين أما أن ننتج دون تفكير أو تدبر أي أن نتخبط على غير هدى، وإما أن نفكر علنًا ونتبادل الفكر، وهذا بالضبط هو مجال المجلات الثقافية، ووظيفتها وأهميتها : إنها ساحة تفكير حر ومفتوح، وخسارتها تعني تمامًا الاستسلام للحوادث دون أدنى فهم .. وبما إن الأمر شديد الخطورة إذًا فمن المفروض أن ترعاه وتدعمه على اختلاف توجهاته الدولة ولا أحد غيرها !!؛ فأي مجتمع يمضي دون تفكير ومراجعات، هو مجتمع أعمى يمضي نحو الكارثة بأعين معصوبة. (وال- بنغازي) ر ع/ ر ت