واشنطن 10 نوفمبر 2020 (وال) – أعلن جو بايدن فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقال إنه يتشرف باختيار الأمريكيين له كقائد للبلاد، وسط ادعاءات دونالد ترامب بوقوع تزوير واسع وأنه سيلجأ للقضاء من أجل إعادة فرز الاصوات.
ويأتي بايدن، في ظرف تشهد فيه الولايات المتحدة الأمريكية أسوأ أزمة صحية عامة منذ 100 عام، وأعمق ركود اقتصادي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى أزمة اجتماعية تعصف بالداخل الأمريكي بسبب العنصرية وحالات العنف المطبقة من قبل الشرطة، والتي لم تحل بعد.
شهدت أمريكا هالة إعلامية على الانتخابات الأخيرة وأرقام ناخبين قياسية لم تشهدها من قبل، ومع كثرة التساؤلات حول ذلك يرى الصحفي حسين ابراهيم من نيويورك أن السبب الأكبر يعود لانتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد، والتدابير الاحترازية التي اقتضت وجود نظام التصويت عبر البريد.
فالبطاقة الانتخابية تصل إلى البيت، والناخب يقوم بإرسال صوته عبر البريد، بدلا من الوقوف في طوابير لساعات طويلة على صناديق الاقتراع، والتعرض للإصابة بفيروس كورونا، وبالتالي كانت عملية الانتخاب أسهل، ولكن بالمقابل كان فرز أعداد الانتخاب يدويا، واحتاج إلى وقت كبير وتدقيق وبالتالي كانت عملية معقدة حتى أن هناك بعض الولايات لازالت حتى اليوم تفرز الأصوات.. ما أخذ كل هذه الضجة الاعلامية.
سابقا، جرت العادة أنه وبتاريخ الثالث من نوفمبر يعلن من هو رئيس الولايات المتحدة عن طريق وكالة “أسوشيتد بريس”.
سياسة خارجية غير واضحة
“سياسة الخارجية لبايدن لم تضح معالمها بعد”.. يقول الصحفي حسين، ويضيف: فالمناظرة الأخيرة كان من المفترض أن يتم التطرق فيها على القضايا الخارجية، ولكن انتشار فيروس كورونا كان سببا بعدم الحديث عنها”.
ولحد هذه الساعة، فإن الملامح غير واضحة تماما، لذلك من الصعب الحكم أو اعطاء أي تعليق حول هذا الموضوع، كيف سيتعامل مع الملف السوري أو الليبي وغيرها؟ يجيب حسين: “شخصيا أتوقع أن تكون سياسة بايدن أقرب إلى سياسة باراك أوباما، بالرغم من تأكيده لعدة مرات بأنه سيكون عهد جديد لأمريكا ومختلف جدا عن السابق”.
غصن زيتون سياسي داخلي
يقول حسين إبراهيم: بايدن موجود اليوم في السلطة للتركيز على الشأن الداخلي أكثر من الخارج، فالبلاد تمر بانقسام اجتماعي وانكماش اقتصادي لم تشهد له مثيلا، وهناك ارتفاع كبير بعدد الجرائم، واليوم يوجد عدد كبير من المواطنين يحملون السلاح، ما أدى إلى خلل بالأمن القومي المحلي، بالإضافة لارتفاع كبير بإصابات فيروس كورونا، وانقسام بين الجمهوريين وبين الديموقراطيين.
وبحسب خطابه بعد الفوز بالرئاسة، فهو يسعى لتوحيد الأمة أكثر، حيث قال: لن أكون رئيسا للولايات الزرقاء فقط، وإنما للحمراء كذلك.
يضيف حسين بإفادته لوكالة “سبوتنيك”، “بايدن، داخليا، حمل غصن الزيتون السياسي لتقريب وجهات النظر في هذا البلد المنقسم سياسيا، إذا صح التعبير، أما خارجيا، فسياسته غير واضحة بعد.. قد تتضح في الأيام والأسابيع القادمة”.
يعتقد حسين أن القضية الأهم التي ستكون على طاولة البيت الأبيض هي “كوفيد-19″، فنحن، يشير حسين قاصدا الأمريكيين، “لدينا أكثر من 10 ملايين إصابة وقرابة 235 ألف حالة وفاة، وبذلك أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة في العالم تتجاوز حاجز 10 ملايين إصابة بفيروس كورونا منذ بدء الجائحة، مسجلة بذلك نحو خُمس الإصابات في العالم”.
يكمل حسين حديثه: استهتر ترامب بالفيروس دون أن يعطيه أهمية كبيرة، كان دائما يدعو لعدم إجراء الفحوصات، لأنه وبرأيه فإن الفحوصات الكثيرة تزيد أرقام الإصابات، أما سياسة بايدن بموضوع “كوفيد-“19 ستكون أشد قسوة، إذ سيصدر قراراً يلزم الجميع باتخاذ التدابير الاحترازية، مثل ارتداء الأقنعة الطبية والقفازات والتباعد الاجتماعي بالإضافة لتشكيل فريق يضم الكثير من الخبراء المتخصصين بعلوم الأوبئة لهزيمة هذا الفيروس.
وبرأي حسين أنه “وبعد ملف كورونا، سيكون التركيز على كيفية النهوض بالاقتصاد الأمريكي، بسبب الركود الذي تعاني منه البلاد”.
يذكر وأن ملف الحزمة المالية كان محل خلاف في الكونغرس الأمريكي، منذ شهر أكتوبر الماضي، بين الديموقراطيين والجمهوريين.
يتابع حسين “الملف الثالث سيكون للمناخ، وبسبب دعم بايدن الكبير له، سيتخذ العديد من القرارات منها عودة الولايات المتحدة لإتفاقية باريس للمناخ، وقضايا أخرى تهم أكثر من 74 مليون ناخب خرجوا ووضعوا ثقتهم به، وهنا أريد القول إن: فيروس كورونا كان له السبب الأكبر بهذه الأرقام القياسية لأعداد الناخبين، وبإثاراة الجدل التي سببتها هذه الانتخابات، فيجب أن لا نستهين أيضا بعدد الناخبين الذين صوتوا لترامب (أكثر من 71 مليون).
وبالإضافة إلى ذلك، فإن سياسة ترامب التي ابتعدت عن الحلفاء وفرضت سياسات جمركية على أكثر الدول المقربة للولايات المتحدة ومنها أوروبا، واللهجة السياسية المتشددة التي تحدث بها ترامب داخليا وخارجيا، كانت سببا بإقبال كبير من المواطنين على الانتخاب، وأيضا رسم أمل للخلاص من وباء، هونه ترامب كثيرا، ودفعت الولايات المتحدة وخاصة ولاية نيويورك الثمن الأكبر من ضحاياه.
هل سيعود ترامب فائزاً؟
“بحسب رأيي الشخصي لا يزال يوجد نافذة قانونية جديدة قد يخرج منها ترامب للوصول إلى المحكمة الدستورية العليا، خاصة إذا ثبتت فعلا وجود عملية تزوير ووضع أسماء أشخاص هم أصلا متوفين، صوتوا في الانتخابات، وبالتالي إعادة فرز الأصوات”، يفيدنا حسين من نيويورك.
حتى أن المرحلة الانتخابية لم تنتهي بعد، مازلنا أمام المعركة القانونية التي سيخوضها ترامب، فقد تنتقل الأمور إلى المحكمة الدستور العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، ولا ننسى الأغلبية الجمهورية للمحكمة الدستورية العليا، حيث أن ترامب عين ثلاث قضاة جمهوريين في هذه المحكمة وبشكل أو بآخر سيدعمونه.. ولكن كيف تشرع قوانين الولايات الأمريكية ذلك؟
يجيب حسين: نحن في نظام فيدرالي، يعطي لكل ولاية صلاحية لتنفيذ قوانينها الخاصة.. أعطيك مثالا:
في ولاية جورجيا إذا كان الفارق 1/2% بين المرشحين، يمكن إعادة فرز الأصوات، أما إذا كان الفارق شاسع وكبير، لا يمكن إعادة فرز الأصوات.. كذلك الحال في ولاية ويسكونسون إذا كان الفارق 1% ممكن إعادة فرز الأصوات، أما إذا كان كبيرا لا يمكن ذلك.
كل هذه الأمور تتعلق بالمحاكم الانتقالية أولا، قبل الانتقال إلى المحكمة الدستورية العليا.
الجدير ذكره أن ترامب ربح قضية في المحكمة الدستورية العليا، حيث تمت الموافقة على وقف فرز مجموعة من بطاقات الاقتراع بعد الساعة السابعة (بالتوقيت المحلي) بتاريخ الثالث من نوفمر الحالي.. فهل يمكنّه ذلك من المسير في هذا الطريق القضائي بشكل أقوى مع وجود عدد كبير من المحاميين وسط حملة كلفت ملايين الدولارات؟؟ نعم، كل شيء ممكن.
يختم حسين: اعتبارا من يوم 14 ديسمبر، سيقوم مرشحي المجمع الانتخابي عن كل ولاية بالتصديق على الاسم الذي سيقدمه مندوبو المجمع للنكونغرس، بعدها نكون أمام الاجراءات الدستورية للوصول إلى يوم التنصيب في شهر يناير.
وبالتالي أمام ترامب مهلة شهرين للتسريع بالإجراءات القانونية للوصول إلى المحكمة الدستورية العليا والتي ستحدد القرار الأخير، بعدها سيتم تحديد الكثير من القضايا الكبيرة والمعقدة مثل التعامل مع الصين والمناخ والأمن القومي وصفقة القرن وسوريا وليبيا والنفط وغيرها. (وال – واشنطن) ز ش \ س س