باريس 10 نوفمبر 2020 (وال) – في ظل التوترات القائمة بينهما في عدة ملفات، دخلت الأزمة التركية مع الاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة، بعد إعلان فرنسا وضع تنظيم “الذئاب الرمادية” على قائمة الجماعات المحظورة على أراضيها.
وحمل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، هذا التنظيم المسؤولية عن تأجيج التمييز والكراهية والتورط في أعمال عنف.
وقالت وزارة الخارجية التركية إن حركة “الذئاب الرمادية” التي قامت باريس بحظرها باعتبارها مرتبطة بتركيا ولارتكابها أعمال عنف، لا وجود لها، مؤكدة أنها سترد بقوة على الإجراء الفرنسي.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين تركيا وفرنسا توترا بالغا على خلفية قضايا عديدة بينها خلافات بشأن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والأزمة في ليبيا والنزاع في ناغورني قره باغ وملف الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.
الذئاب الرمادية
وتابعت الخارجية التركية في بيان: “من المعروف أنه لا توجد حركة تحت اسم “الذئاب الرمادية” ولجوء فرنسا لقرارات خيالية منطلقة من عدد من (الأفراد) وأفعالهم هو مظهر آخر من مظاهر نفسيتها المتناقضة”.
وأوضحت: ” قرار الحكومة الفرنسية بحل حركة “الذئاب الرمادية” يظهر أنها أصبحت رهينة الأوساط الأرمينية”، مؤكدة: “سنرد بالمثل وبأشد طريقة”.
وفي بيان لوزارة الداخلية الفرنسية، نشره وزير الداخلية جيرالد دارمانان عبر حسابه في “تويتر” جاء فيه: “تم حل حركة الذئاب الرمادية التركية القومية بسبب ترويجها للكراهية وقيامها بأعمال عنف”.
تحركات فرنسية
قال مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا إن “هذه الخطوة الفرنسية تدخل في إطار الترسانة التي اتخذتها فرنسا لمواجهة النفوذ التركي على المستوى السياسي والأيديولوجي والديني، وهو مؤشر واضح أن الدولة الفرنسية جادة في محاربة النفوذ التركي بكل تداعياته على المستوى السياسي أو الديني”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك” أن “فرنسا منذ أن تعرضت لهجمات إرهابية وتعبئة من طرف تركيا لمقاطعة بضائعها في العالم العربي والإسلامي، وصلت لقناعة أن أردوغان لم يعد حليفا ولم يعد صديقا، وأنه لا يفهم إلا لغة العقوبات والمواجهة، وهذا ما تستعد فرنسا لإقناع دول الاتحاد به في قمة الشهر المقبل”.
وتابع: “هناك اعتقاد واضح أن الأمور ستذهب لأبعد مما هي عليه الآن والدبلوماسية الفرنسية تريد أن ترسل رسائل حازمة واضحة بأن الوقت قد حان حتى تتوقف هذه الخروقات العدوانية والمواقف التركية التي تضر المصالح الأوروبية”.
وأكد أن “فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية مؤشر مشجع للاتحاد الأوروبي لاتخاذ هذه الخطوات الصارمة ضد القيادة التركية لوقف عمليات الابتزاز وسياسة الأمر الواقع وعسكرة العلاقات التي تسير بها”.
وأشار إلى أن “العلاقات وصلت لساعة الحقيقة، ويجب وقف تركيا التي تضرب بالمصالح الحيوية للاتحاد الأوروبي، وربما سيكون هناك خطوات عقابية متعلقة بالاقتصاد، وهو موجه للدولة العميقة التركية للضغط على أردوغان ليغير نبرته العسكرية والعدوانية”.
عقوبات مبطنة
وقال إسلام حلايقة، المحلل السياسي التركي، إن “التناحر والمشاحنات المستمرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي بدأت منذ بداية الأزمة السورية، لكن زادت وتيرتها بسبب عدة أمور، منها الحراك التركي في البحر الأبيض المتوسط والأزمة مع اليونان، والصراع بين أذربيجان وأرمينيا حيث تدعم دول أوروبا أرمينيا بينما تدعم أنقرة أذربيجان”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك” أن “خسارة الأطراف الغربية وخاصة فرنسا في الساحة الليبية زاد من حدة التوتر، حيث ظهرت أزمة الإساءة للمقدسات الدينية للمسلمين من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهجومه الشخصي على الرئيس التركي، وسحب السفير”.
وتابع: “واضح أن هذه التحركات تأتي في إطار الضغط الأوروبي على تركيا واستفزازها، وربما نوع من العقوبات المبطنة، ولكن في النهاية لا يمكن لأحد الاعتقاد أن الشجار سيزيد أكثر من ذلك”.
وأكد: “على المستوى العملي، الشريك الأول لتركيا من الجانب الاقتصادي هو الاتحاد الأوروبي، حيث تشير الإحصاءات التركية لذلك من حيث الاستيراد والتصدير، وفي النهاية المصالح الاقتصادية لكلا الطرفين ستهدأ الخلافات، أو على الأقل ستجمدها مؤقتا”.
يذكر أن حركة “الذئاب الرمادية” والتي يطلق عليها أيضا حركة “الشباب المثالي”، منظمة تركية يمينية متطرفة تشكلت أواخر 1960، وقد سبق ولاقت انتقادات كثيرة من قبل نواب فرنسيين.
وزاد التوتر أخيرا بين تركيا وفرنسا بعد أن اتهم أردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بمعاداة المسلمين. وقال أردوغان إن ماكرون “يحتاج لعلاج نفسي” مما دفع باريس لاستدعاء سفيرها في أنقرة. (وال – باريس) س س