بنغازي 12 نوفمبر 2020 (وال) – ميناء بنغازي هو الرئة التي تتنفس من خلالها المدينة ويقود العجلة الاقتصادية بها توقف العمل في الميناء طيلة سنوات الحرب واليوم يستعيد عافيته ويعود للعمل بفضل سواعد
العاملين بالشركة الليبية للموانئ.
ولهذا كان لنا لقاء مفصل مع رئيس قسم المناولة والتخزين بالشركة الليبية والمواني فرع ميناء بنغازي السيد عبد الكريم معاطي بوزريدة.
“وال”: السيد عبد الكريم حدثنا من البداية عن طبيعة العمل في ميناء بنغازي البحري؟
“ج”: “نحن استلمنا الميناء في حالة سيئة جدًا، لا توجد آليات، ولا مخازن، ولا إدارات، وكانت بدايتنا في منطقة قنفودة التي يوجد فيها ما يقارب “5000” حاوية وقمنا بجرد الحاويات، ووجدنا منها “2700” حاوية فقط صالحة للإستعمال أما الباقي تالف نتيجة الاشتباكات، فكان الوضع سيئ جدًا وبالتعاون مع اللواء جمال الزهاوي، حيث قام بتأمين الميناء بعناصر من الجيش الوطني الليبي وبدأنا الاتصال بالتجار لاستلام بضائعهم وبالفعل تم تسليم البضائع للتجار واستغرقنا 4 شهور للانتهاء من تسليم البضائع”.
“وال”: وبالنسبة للبضائع التالفة ومنتهية الصلاحية كيف قمتم بتخلص منها ؟
“ج”: “لدينا نوعين من البضائع مواد غذائية منتهية الصلاحية وبضائع تالفة قمنا بتشكيل لجنة للإتلاف وتم رصد الحاويات وتسجيلها وإتلافها في منطقة قنفودة، وفي تاريخ 17/10/2017 استلمنا ميناء جليانة وكان شبه منتهي ونسبة الأضرار بالموانئ بالكامل كلفّت 570 مليون أي بمعنى أن البنية التحتية شبه منتهية”.
وتابع: “في البداية بدئنا بعلاقاتنا الشخصية من أجل تنظيف الميناء من مخلفات الحرب ولم نكن نملك شيء ولا حتى ثمن الزيوت، حيث إنظم للعمل بالشركة وقتها قرابة 1400 عامل لم يتقاضوا رواتبهم بعد ما تم إيقافها من مصراته لمدة 22 شهر والحالة النفسية للعاملين تعبت”.
وأضاف: “بدأنا بجمع الآليات من المحاور وآلياتنا من الحجم الثقيل ما يقارب 25 طن وما فوق للآلة وشكلنا فرقة تعمل على إصلاح وصيانة الآلات العاطلة وجلبها للميناء، بالإضافة لذلك تحصلنا على دعم من القوات المسلحة وفرو لنا الزيوت وبعض قطع الغيار بدأنا بالعمل بثلاث أربع آليات فقط سيرنا بها العمل داخل الميناء”.
وذكر: “أول باخرة دخلت الميناء هي “ليدي حلوم”، مضيفاً “بدأنا بأعمال المناولة المقتصرة على الحاويات فقط وقمنا بصيانة رافعتين والثالثة كانت متضررة بشكل نهائي والقسم الفني كان له دور كبير في عملية الصيانة وأنجزوا صيانة الآلات بنسبة 60 % وقتها”.
“وال” ماذا عن الآلات التي تم نقلها لميناء طبرق هل تم استرجاعها بعد انتهاء الحرب؟
“ج”: “ميناء طبرق لم تتوقف عن العمل وخاطبونا بطلب آلة شفط الحبوب بالإضافة لغرفتين وعن طريق لجنة الأزمة تم تسليم الآلات بمبدأ الإعارة وبدأ بالفعل العمل به وبعد انتهاء الحرب قمنا بالمطالبة بالآلات ولكن للأسف لم يتم استرجاعهن واعتبروهم من الأصول الثابتة لميناء طبرق والقيمة المالية لكل آلية في حدود المليون دينار”.
“وال”: ماذا كان الحل البديل لتعويض نقص الآلات؟
“ج”: “اضطررنا لإصلاح الشفاطات المتضررة من الحرب على الإرهاب وعددهن 2 وبدأنا العمل بهم”.
“وال”: كيف استطعتم النهوض بالميناء والبدء في أعادة تأسيس البنية التحتية من رصف طرق وبناء مباني جديدة وإزالة مخلفات الحرب ؟
“ج”: بالنسبة لميناء جليانة لدينا 10 أرصفة كانت حالتها سيئة، وبدأنا بتنظيف الأرصفة من مخلفات الحرب وأخذوا منا مجهود أكثر من شهرين ونحن نقوم بتنظيف عن طريق عمال الشركة، الذين وصل عددهم لأكثر من 400 عامل على رأسهم مدير فرع الشركة، وبالرغم من توقف رواتبهم، ولم يمد لنا أحد يد العون من أي جهة كانت سواء كانت خاصة أو عامة وكنا نعمل من ساعات الصباح الأولى إلى منتصف الليل.
“وال”: بعد قرار نقل الإدارة العامة لشركة الليبية للموانئ من مصراته إلى بنغازي كيف كان الوضع المالي للشركة وقتها؟
“ج”: “الإدارة العامة كانت في مصراتة والمبالغ المالية قبل الأحداث توضع في حساب الشركة عن طريق المقاصة وتحوّل بشكل مباشر لحساب الشركة، ويوجد حوالي 600 مليون دينار في أرصدة الشركة وهذه الأموال تم استغلالها ضد أبناء مدينتنا، لدعمها جرافات الموت لهذا قمنا باتخاذ قرار نقل الإدارة العامة لشركة الليبية للموانئ من مصراتة لمدينة بنغازي وبهذا استقلت الشركة ونتيجةً لهذا القرار خسرت الشركة رصيدها المالي وتوقفت المرتبات مدة 22 شهر وبعد إعلان تحرير بنغازي من الإرهاب بدأنا من الصفر للنهوض بشركة إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم”.
“وال”: كيف استطعتم النهوض بالشركة من جديد بدون أموال أو دعم من الدولة ؟
“ج”: “بدأنا من لا شيء، والجهات الوحيدة التي دعمتنا في البداية هي القوات المسلحة وفروا لنا الزيوت والبنزين وأمنوا لنا الميناء وبالفعل قمنا بحصر عدد الحاويات السليمة واتصلنا بالتجار لاستلام بضائعهم وقمنا بأعمال المناولة وأعفينا التجار من الرسوم المستحقة من المناولة والتخزين والأرضية بقرار من رئيس مجلس الشركة واستلمنا رسوم بسيطة جدًا للمناولة وبها تحركنا وبعض الوكلاء عملنا معهم بالأجل نستلم جزء من المال والباقي يؤجل وبهذا استطعنا توفير رواتب العاملين التي تبلغ شهريا مليون وثمان مئة الف، ومن 2018 استطعنا توفير الرواتب وحاليًا الوضع أفضل بكثير والحمد لله استطعنا إعطاء سلف لمن يستحق من العاملين وفعّلنا لائحة العمل بالحوافز للعامل بدون خصم قيمة الحافز من الراتب الأساسي كما يحدث في باقي موانئ البلاد وذلك لتحفيزهم”.
وتابع: “وفي السابق كان العمل في الميناء يتوقف بالكامل الساعة 6 مساءً وطلبنا من إدارة الشركة تمديد ساعات العمل وبالفعل أصبحنا نعمل فترة صباحية ومسائية وليلية، العمل أصبح لـ 24 ساعة، وهذه كانت قفزة جبارة في آلية العمل ووصلتنا رسائل شكر من الخطوط الملاحية لسرعة العمل والانجاز”.
“وال”: العمل لمدة 24 ساعة يحتاج لتجهيز وإعادة تأهيل للميناء كيف استطعتم العمل ليلاً؟
“ج”: “قرار العمل لمدة 24 ساعة جعلنا نقوم بصيانة الطرق وتعبيدها داخل الميناء، بالإضافة إلى صيانة الآلات بشكل دوري أيضًا إصلاح الإنارة وشبكة كهرباء جديدة ووفرنا صالة لراحة العامل وحالياً نعمل على توفير الوجبات الأساسية على حساب الشركة وجاري العمل على بناء نادي ترفيهي للعمال”.
“وال”: كم عدد السفن التي تدخل الميناء في الإسبوع الواحد؟
“ج”: “لا تقل عن 15 باخرة في الإسبوع وفي بعض الأحيان وصل عدد البواخر إلى 40 باخرة إسبوعياً، حيث تحتوي السفن على بضائع مختلفة مثل المواد السائلة كالقمح والشعير والذرة والصوية ومواد التصنيع والسفن الخاصة بشركة البريقة التي تحتوي على البنزين والكيروسين ومحدد لها المنصة النفطية شبه يومي يتم تفريغ سفن شركة البريقة وبمجرد ما استأنف العمل بالميناء انتهت أزمة الخبز والغاز والبنزين ولتوفير المواد قمنا بإدخال سفينة في منتصف الليل وهذا مخالف للأعراف الدولية ومغامرة بالأرواح وذلك لإنهاء أزمة الغاز”.
“وال”: هل قامت الشركة الليبية للموانئ بزيادة نسبة المناولة بقيمة 25 %؟
“ج”: “هناك لائحة خاصة بالمناولة صادرة عن اللجنة الشعبية العامة عام 1987، هذه اللائحة تحدد قيمة المناولة عن المواد الصب او الأكياس وبناءًا على حجم ووزن المادة، حيث تحدد قيمة المناولة والمبالغ المحددة ليست ذات قيمة ولا تذكر وهذه اللائحة لا تعدّل إلا عن طريق اللجنة الشعبية العامة”.
وتابع: “مراحل المناولة تبدأ بنقل الحاوية من السفينة إلى الرصيف ومن الرصيف إلى الساحة ثم تنقل للجمرك ومن الجمرك إلى التاجر أي أن الحاوية تُنقل على أربع دفعات، والقيمة المالية لكل هذه النقلات لا تتجاوز 450 دينار فقط لا غير، بينما السائق الخاص يتقاضي 750 دينار إذا قام بنقل الحاويات إلى مستودع بو عطني فقط، باختصار لا يوجد وجه مقارنة بيننا وبين القطاع الخاص، نحن نُقل الطن الواحد بناءاً على لائحة المناولة الموضوعة في عام 1987م، بقيمة تصل لـ 3 دينار والشركات الخاصة تتقاضى 10 دينار على نقل الطن، لهذا يجب تعديل اللائحة لأنها قديمة جدًا لهذا قدمت طلب لرئيس الهيئة العامة للمواصلات والنقل التابعة للحكومة الليبية الكابتن أحمد عبد القادر لإعادة النظر في اللائحة واعتماد زيادة قدرها 25% ولم نقم إلى الآن بزيادة قيمة المناولة بشكل فردي”.
“وال”: هل لديك أي طلب أو رسالة تريد توجيهها للمسؤولين ؟
“ج”: “كل ما أتمناه هو النظر إلى لائحة المناولة لأن عدد العمال لدينا وصل لـ 1460 عامل ونحتاج إلى قطع غيار وآلات نرغب في استيرادها فالآلات لا تكفي فالعمل في ازدياد ويجب على الدولة مد يد العون لنا في إعادة بناء البنية التحتية لميناء بنغازي البحري فكل الأعمال الجارية حاليًا لتطوير الميناء تقوم بها الشركة الليبية للمواني وحدها دون أي دعم من الدولة”.
يشار إلى أن رئيس مجلس الوزراء بالحكومة الليبية السيد عبد الله الثني أنه افتتح الميناء في الأول من أكتوبر من العام 2017، بعد تحريره من قبضة الجماعات الإرهابية، حيث دخلت أول سفينة تجارية إلى ميناء بنغازي البحري بعد توقف الميناء عن العمل مدة 3 سنوات. (وال – بنغازي) هدى العبدلي