طرابلس 02 ديسمبر 2020 (وال) – يبدو أن ليبيا على موعد مع موجة عنف وصراع جديدة بعد سيطرة مليشيا الردع التي يترأسها الإرهابي عبد الرؤوف كارة، على عدة نقاط تفتيش بطرابلس، في محاولة للاستيلاء على السلطة وتسليمها لزعيم المليشيات فتحي باشاغا ، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة لرئاسة الحكومة الجديدة وفق مواقع “freewestmedia”.
وبحسب الموقع فإن مليشيا “الردع” شوهدت وهي تجوب شوارع طرابلس، حيث دارت خلال الأيام الماضية اشتباكات بين عناصرها وأفراد آخرين من مليشيا “الصمود” في المدينة نتيجة خلافات مالية، ما يؤشر إلى بدء صراع جديد على السلطة والاستيلاء على الموارد المالية بين المليشيات المختلفة الموجودة في العاصمة.
ورغم عقد أعضاء الملتقى السياسي الليبي، أمس الثلاثاء، الاجتماع “الافتراضي”، الثالث لأعضاء الملتقى السياسي الليبي، سبقه اثنين الأسبوع الماضي؛ لوضع آلية لاختيار السلطة التنفيذية الجديدة المتمثلة في المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين، بالإضافة إلى حكومة منفصلة تعمل على كامل التراب الليبي وإدارة المرحلة التمهيدية الجديدة، إلا أنه فشل في مهمته حتى الآن، ولم يتمكن حتى من تحديد المرشحين لمناصب رئاسة الحكومة أو المجلس الرئاسي وعضويه، حيث لاتزال المفاوضات جارية بشكل افتراضي.
ويعد “باشاغا” أحد المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الوزراء، ويبحث عن الدعم المحلي، من خلال أذرعه داخل الملتقى السياسي والتي تحاول “جمع” أو “شراء” أكبر عدد من أعضاء الملتقى لتزكيته، ولم يتناسى البحث أيضا عن الدعم الخارجي؛ حيث أجرى خلال الأيام الماضية عدة زيارات مهمة لدول طالما هاجمها وانتقد سياستها في السابق مثل مصر وفرنسا التي عاد منها مؤخرا، في إطار حملة “تبييض الوجوه”.
ذراع باشاغا لتعزيز القبضة الأمنية
ويعوّل باشاغا كثيرًا على مليشيا الردع، التي تلعب دورًا رئيسيًا في طرابلس، يمكن أن تمنحه السيطرة على العاصمة إذا رفض السكان أو المليشيات الأخرى الاعتراف به كرئيس جديد للحكومة، كما سينتهي بها المطاف لأن تصبح المليشيا المهيمنة على كل شيء، رغم ممارساتها المشبوهة وجرائم الخطف والتعذيب والمذابح الفعلية التي ترتكبها.
وبسبب ارتباطها بعلاقة قوية بشخص فائز السراج وباشاغا؛ فقد تمتعت مليشيا الردع بمميزات كبرى، كان أهمها القرار رقم “555” لعام 2018م، الذي نصّ على تحويل المليشيا إلى “جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”.
وينصّ القانون على إعادة هيكلة مليشيا الردع، وضمّ جميع منتسبيها إلى جهاز أمني جديد يسمى “جهاز الردع”، بمعداتهم ورواتبهم ومقراتهم، ومنحها صلاحيات موسعة منها؛ مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنح أعضاء الجهاز صفة “مأموري الضبط القضائي”، ومصادرة الأموال والأملاك المضبوطة وتخصيصها لتمويل الجهاز.
تحذيرات دولية من دمج المليشيات
وفي المقابل، سارعت منظمة العفو الدولية، للتحذير من دمج مليشيا الردع، ضمن قطاع الأمن الليبي، وقالت في تقرير لها، إن جهود حكومة الصخيرات المرفوضة الرامية إلى دمج المليشيات والجماعات المسلحة في قطاع الأمن يجب ألا تغفل سجل الجماعات المسلحة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ورأت أن عملية الدمج سيمكن المليشا من ارتكاب مزيد من الجرائم.
ووفقا لتقرير موقع “المنظور الأوروبي”، فإن “الردع” رغم ارتباطها الرسمي بداخلية باشاغا، متهمة أيضًا بالاتجار في البشر والتهريب والإرهاب، فضلاً عن تجنيد الأطفال واختطاف عشرات المهاجرين الأفارقة مقابل الفدية، حيث قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة، إنها لاتزال تتلقى معلومات عن الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في سجن معيتيقة الخاضع لسيطرة المليشيا، وتستخدمه لاحتجاز المدنيين بشكل تعسفي.
كارة.. ضلع أساسي في اجتماعات داخلية الوفاق
خرجت احتجاجات في شوارع طرابلس ضد الاعتقال غير القانوني للسجناء من قبل “الردع”، لكن باشاغا ووزارته يلتزمون الصمت، لاسيما أن الإرهابي عبد الرؤوف كارة زعيم المليشيا يشارك في اجتماعات الوزارة، ونجح في الإفراج عن أحد عناصر تنظيم داعش الإرهابي، والذي قتل فيما بعد عائلته بالكامل، كما أطلق أفراد المليشيا النار بشكل عشوائي على المتظاهرين العزل في العاصمة.
دعشنة وتكفير
وسيكون صعود “باشاغا” إلى السلطة انتصارًا حقيقيًا لـ”الردع”، والتي بفضل دعمه أصبحت بالفعل منظمة متفرعة للغاية في السنوات الأخيرة، فمن قوة متجذرة أساسًا في طرابلس، يمكن أن تصبح منظمة أصولية إسلامية منتشرة على كامل الأراضي الوطنية، الأمر الذي يسبب قلقًا كبيرًا لدى دول أوروبا وخاصة إيطاليا.
ويكشف مدى خطورة انتشار هذه الجماعات الفتوى التي أصدرها الداعية السلفي المؤثر مجدي حفالة، في سبتمبر 2018م، بدعم من كارة، بإعلان مدينة ترهونة “زنديقة” أي عدوة للإسلام، فمن السهل تخيل ما يمكن أن يحدث إذا زاد هؤلاء المتطرفون من قوتهم، ستغرق ليبيا في فوضى عارمة، لتصبح أرضًا خصبة لداعش والمنظمات الإرهابية الأخرى.
ولا تتوقف الأزمات عند حدود طموح “باشاغا”، بل تعيش العاصمة صراعا مفتوحًا بينه وبين ورئيس حكومته فائز السراج، فوفقًا لتقارير استخبارية، كان الأخير يحاول تعزيز سيطرته على المؤسسات المالية والاقتصادية الحيوية، بينما اعترض الأول صاحب رغبات الزعامة والهادف إلى الوصول للسلطة.
حملة باشاغا لتبييض الوجوه
يعمل باشاغا بجد لتبييض صورته المشوهة بشدة بكل طريقة ممكنة؛ من خلال زياراته الخارجية، حيث يحاول الظهور بمظهر المقاتل الدؤوب ضد الهجرة غير الشرعية والقلق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان؛ ففي 26 نوفمبر الماضي، أثناء مشاركته في الجلسة السادسة لمنتدى حواري في روما، قال للصحفيين إنه أنشأ قسمًا خاصًا لحقوق الإنسان، وإدارة خاصة لشؤون المرأة، بالإضافة إلى خدمات حماية الطفل والأسرة داخل وزارته.
وتبقى مليشيا الردع سبة في جبين “الطامح”، وتعلم استخبارات الدول حقيقة جرائمها من التعذيب والقتل واختطاف الناس للحصول على فدية، فوفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، قامت “الردع” بتجنيد الأطفال، وشاركت في الاتجار بالمهاجرين المحتجزين، واستفادت من مدفوعات الابتزاز التي أرسلها أفراد أسر المهاجرين لصالح إطلاق سراح المهاجرين.
على غرار جماعة الأمر بالمعروف
وبينما كان باشاغا يروج لنشاطه الجديد في مجال حقوق المرأة بأوروبا، أعلنت “الردع” في شهر سبتمبر الماضي، إدخال قواعد جديدة في طرابلس لتقييد حرية الحركة للمرأة؛ فحظرت جلوس الذكور والإناث معًا باستثناء من لديهم عقد زواج ساري المفعول يظهر أن المرأة ليست صديقة أو زميلة أو عشيقة، كما يحظر على النساء والفتيات دخول المقاهي العامة المختلطة.
وترتبط “الردع” بجماعات إرهابية أخرى مثل داعش، مما أدى إلى إطلاق النار على المتظاهرين في طرابلس في أغسطس الماضي، الأمر الذي أدى إلى تعميق الصراع بين السراج وباشاغا، وحاول الأول عزل الثاني من منصبه كـ “وزير للداخلية”، لكن هرع “باشاغا” إلى تركيا للحصول على الدعم، حتى أعيد إلى منصبه.
الإخوان في “ظهر” باشاغا
لم تكن علاقة باشاغا بـ”الردع” هي التي أساءت إليه، بل عزز ذلك قربه من جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة والمحظورة في العديد من الدول العربية، حيث يتوقع مراقبو النخبة السياسية في طرابلس أن يستخدم باشاغا علاقته بالمتطرفين وجماعات الإسلام السياسي والرشوة والابتزاز لانتزاع السلطة.
وكشف تسجيل مرئي منسوب لسعيد صالح كلة، مقرر ما يسمى “المجلس الأعلى للدولة” وأحد المشاركين في الملتقى السياسي الليبي بتونس منتصف الشهر الماضي، عن محاولات إقناعه لباقي أعضاء المنتدى بالتصويت لفتحي باشاغا؛ من أجل رئاسة الحكومة الجديدة.
وزعم كلة، في التسجيل، أن تولي “باشاغا” لرئاسة الحكومة الجديدة سيعود عليهم بالفائدة جميعًا، قائلاً إنه سيكون الضامن الوحيد لمصالحهم ونجاحه سيدعم أمورهم المادية، بالإضافة إلى ضمان استمرار اتفاقياتهم السابقة”، على حد تعبيره.
وحمل كلة، تهديدًا مباشرًا وصريحًا لأعضاء الملتقى السياسي الليبي في حال عدم تصويتهم لـ “باشاغا” لرئاسة الحكومة، قائلا: “في حال عدم تصويتكم لن ينساه لكم؛ لأن الشيء الذي أنتم فيه الآن بسببه هو”، الأمر الذي ينذر بتناحر مرتقب بين حلفاء باشاغا، لاسيما أن “الردع” تختلف مع جماعة الإخوان الداعمة لباشاغا في الحوار السياسي. (وال – طرابلس) س س
تقرير | سالم سويري