طرابلس 03 ديسمبر 2020 (وال)- فوز رواية “الغارقون في الساقية”، للشاعر والروائي يوسف إبراهيم من مدينة غريان، بجائزة “أحمد إبراهيم الفقيه” للرواية في نسختها الأولى لعام 2020.
وذلك بعد إعلان شبكة الطيوب الثقافية الإثنين الماضي، عن نتائج جائزة أحمد إبراهيم الفقيه” للرواية، بناء على نتائج لجنة التحكيم والتقرير النهائي للجائزة، فقد أعلن عن فوز الرواية “الغارقون في الساقية”، وسينال الشاعر الفائز الجائزة وهي عبارة عن مبلغ مالي مقدر بــــ 7000 دينار ليبي.
هذا وقد تم اعتماد جائزة الطيوب التشجيعية، بالشراكة مع منتديات تطوير القطاعات، وبرعاية مجموعة HB، لتكون أحد الأعمدة الهامة، والركائز الأدبية، والثقافية التي ترتكز عليها الثقافة في ليبيا، وسيتم تنظيم حفل خاص لتسليم الجوائز على الفائزين، إلى جانب توزيع نسخ من الروايات الفائزة.
سيرة الكاتب
أحمد إبراهيم الفقيه من مواليد 28 ديسمبر 1942 م، وتوفي في 1 مايو 2020 م في العاصمة المصرية القاهرة، كاتب وأستاذ جامعي ليبي في الأدب العربي الحديث، في عدد من الجامعات الليبية والمصرية والمغربية، وله ترجمات لعدد من الأعمال الأدبية إلى لغات متعددة.
ولد الراحل في بلدة مزده جنوبي طرابلس، وغادرها إلى طرابلس حيث درس، ليحصل لاحقًا على درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة إدنبرة في اسكتلندا.
بداية النشر
بدأ الراحل في نشر مقالاته وقصصه القصيرة في الصحف الليبية من العام 1959 م، وفازت مجموعته القصصية “البحر لا ماء فيه” بالمركز الأول في جوائز اللجنة العليا للآداب والفنون بليبيا، إلى جانب عمله في عدد من المؤسسات الصحفية، وسفيرًا لليبيا في أثينا وبوخارست.
أبرز مؤلفاته
صدر للراحل ما يزيد عن 30 كتابًا، بعضها صدر في طرابلس، وبعضها الآخر عن كبرى دور النشر العربية، ومن مؤلفاته :
- الجراد.
- فئران بلا جحور.
- حقول الرماد (1985).
- الثلاثية الروائية (1991).
- البحر لا ماء فيه.
- خمس خنافس تحاكم شجرة.
- مرايا فينيسيا.
- اختفت النجوم فأين أنت.
- نتائج التحكيم.
وأما الجائزة التشجيعية، فكانت من نصيب رواية “أم الزين”، للقاصة والروائية غالية يونس الذرعاني من مدينة المرج، حيث بلغت قيمة الجائزة (2000) دينار ليبي.
وبعد فوز رواية “أم الزين”، للقاصة والروائية غالية يونس الذرعاني بجائزة التشجيعية، تحدثت الذرعاني – في تصريح خاص لوكالة الأنباء الليبية: “أشكر بلد الطيوب، وأيقونة العمل الجاد والمخلص رامز النويصري، كما أشكر مجموعة الشركات الداعمة، ولجنة التقييم : أستاذ عبد الحميد المالكي، والروائية الراقية عائشة الأصفر، وأشكر مجموعة المشاركين في الجائزة”.
وأَضافت الذرعاني: “كانت أسماء كبيرة وقوية في الكتابة، حتى الشباب منهم، أقلام مميزة، والحقيقة أنني لم أتوقع الفوز أبدًا حين قرأت الأسماء المرشحة، وأبارك للفائز بالجائزة الروائي يوسف إبراهيم، كما أبارك للفائز بالجائزة التشجيعية محمد الزروق، وأهدي فوزي إلى روح أبي، تمنياتي للجائزة بالاستمرارية والنجاح، وتمنياتي للجميع بالحفظ والسلامة، وللوطن الغالي السلام والأمان”.
من جهته، قال الكاتب محمد مفتاح الزروق الفائز بالجائزة التشجيعية – لوكالة الأنباء الليبية: “بدأت كتابة الرواية من سنوات خلال الحرب على بنغازي، والرواية فكرة قديمة، أتحدث فيها عن بر الحبش، وهي الفترة التي أخذ فيها أجدادنا للقتال في بر الحبش، في عامي 1935 – 1936 من القرن الماضي”.
وأضاف الزروق أن الرواية تتحدث عن فترة بر الحبش إلى فترة قتال السنوسيين للفرنسيين في السنغال، ثم امتدادهم في برقة والسودان، كما تطرقت الرواية إلى معركة الكفرة، وتناولت مدينة بنغازي وعلاقة السكان المحليين بالمستمرين الإيطاليين، ونظرة كل واحد منهما للآخر.
ويضيف الزروق: “الرواية كتبت بالحبكة المتعددة، واستخدمت فيها تقنيات صوتية؛ كصوت المتكلم والمخاطب، والسارد العليم، وأسلوب المناجاة في السرد، وابتعدت عن التقريرية، لأن الرواية تاريخية، وهذا يعتبر معضلة، وشيء غير محبب في كتابة الرواية، ففي المدة الزمنية الطويلة في الرواية، كانت لتعدد الشخصيات فيها، كشخصية الراوي، والحاج عبد الرازق أهليل”.
رأي النقاد
علق الناقد الأستاذ عبد الحكيم المالكي – في تصريح لوكالة الأنباء الليبية – على الروايات الفائزة والتي قام بتحكيمها قائلا: “رواية الأستاذ يوسف إبراهيم حسين: الغارقون في الساقية، تميزت بحضور كم كبير من الأحداث والمغامرات والفواعل والأمكنة التي عاشها (المهدي)، والذي يُمثل الشخصية المركزية؛ وهو ينتقل داخل المغرب، ثم خارجه إلى سوسة ثم إلى غريان في ليبيا، بعد غرق السفينة التي كان يركبها، مرافقًا أمه في رحلة الحج”.
وأَضاف المالكي أن الرواية تميزت بتوظيف الراوي للحكاية العجائبية والغرائبية، كما كان طول الرواية يُمارس سخرية خاصة مميزة ويطرح أفكار وثقافات ورؤى متعددة، ضمن صراع الشخصية الرئيسية والصراع من حوله؛ يقابله صراع داخلي (صامت)، كان يعيشه المهدي منتقلا من طور الفقيه إلى طور الساحر، ومن طور الحاوي إلى طور العالم بالكيمياء.
وأشار المالكي إلى أن “الرواية تبرز قدرتها وتميزها على التصوير، وعلى استحضار مكون موجود ومفقود في الآن ذاته، مع وعي مميز بلعبة السرد وحدودها الممكنة، بالإضافة إلى لغة تصويرية شديدة التميز، كانت أحد مصادر قوة العمل الروائي، مع البعد الساخر الذي كان يؤثر كل أحداث الرواية المختلفة، مما جعلنا نشعر ضمنها بالتوتر الجميل الناتج عن ذلك الشعور بتفوق الراوي، وقدرته على اللعب المميز بمشاعر المروي له، وهو ما جعل الرواية مميزة ورائعة ومتفوقة، (تدخل الرواية بالرواية الليبية إلى الفنتازي الساخر، مع بعد تأملي فكري ثقافي مميز).
وبشأن رواية الأستاذة غالية يونس الذرعاني: أم الزين، فيرى المالكي بتميزها في التركيز في أحداثها، وفي عدد شخصياتها لصالح عالم الشخصية المركزية (سعاد)، التي كانت تدور حولها أغلب أحداث الرواية، (سعاد) التي كانت تبحث بكل ما تملك عن فرصة لاستعادة ابنها الذي تتوهم أنه حي وسجين، وهي ابنة الشاعر والسجين السياسي السابق في زمن نظام القذافي، وكانت تعمل بكل قوة على إبقاء أحد عناصر النظام السابق (نفيسة) الفاقدة لوعيها على قيد الحياة.
كما تحاول الحفاظ عليها حية، بل وتحميها في لحظة تاريخية حرجة في ليبيا، زمن ثورة فبراير.
ويضيف المالكي: “بهذا التناقض، ومن خلال اختلاف الرؤى، تبدأ خفايا الرواية في الظهور؛ نجدنا أكثر وأكثر ضمن ما تعيشه سعاد من آلام وأوهام ومغامرات، كما نتابع التحولات التي طالت ابنتها وأخت زوجها وزوجها ضمن تحولات ليبيا بعد فبراير”.
كل ذلك ضمن سرد مميز؛ كما يصفه المالكي، وقدرة على إدارة الحوار متفوقة، مع نجاحها في إبراز أعماق نفس الشخصية المشوهة، التي تأخذ في الظهور قرب نهاية الرواية، ليحدث التصاعد الدرامي ولا يتوقف عن التصاعد حتى نهايتها، خاصة مع الفصل الأخير، عند لقاء زوج سعاد بها، وتعرف المروي له على حقيقة الأحداث المخفية.
ويقول المالكي إن العمل؛ عمل روائي مميز، به نسق درامي متصاعد، وقدرة على رصد خفايا النفس المرهقة “تدخل الرواية بالرواية الليبية لعالم الرواية النفسية المميزة، مع سرد يتساقط بهدوء وتنظيم”.
وبخصوص رواية الأستاذ محمد مفتاح الزروق: برالحبش، فيرى المالكي إنها تتميز بالتركيز على جانبين مهمين: تاريخ بنغازي الثقافي والسياسي والاجتماعي، وتاريخ الحروب التي خاضها أهل بنغازي وغيرهم من الليبيون في بر الحبش، ضمن زمن يبدأ من ثلاثينيات القرن الماضي حتى نهاية القرن.
ويضيف المالكي أنه ضمن ذلك كله؛ فإن الراوي وظف إلى جانب كونه مميزًا من شخصيات رئيسية، كانت كلها تدور حول (أحمد) الشخصية المركزية، مع عدد كبير من الشخصيات الثانوية، مع توظيف أحداث مختلفة هنا وهناك.
ويتحدث المالكي عن الحشد المميز من الشخصيات والأحداث والأمكنة، كان يقدمها سرد مميز وحوارات فكرية وثقافية يقودها (أحمد) بين شخصيات مختلفة ومتناقضة ونابضة بالحياة، مما يجعل القارئ في مرات كثيرة يشعر أنه أمام رواية سيرية.
ويُعلق المالكي قائلا “أهم نقاط قوة الرواية في تصوري؛ يتجلى فيما يقدمه الراوي من سرد مميز يُبرز المتن ظاهريًا، ويُخفي قصدًا الهامش أو المسكوت عنه في بر الحبش، وهو يُصور الموت والخراب والآلام التي طالت شخصيات الرواية، ويرصد في الآن ذاته تحولات المكان وأهله”.
ويختتم المالكي حديثه: “رواية مميزة؛ وقدرة على السرد المنظم متفوقة، مع لغة توظف السهل الممتنع من سردها الشائق، وهو ما جعل الرواية برغم كثرة شخصياتها وأحداثها رشيقة وممتعة، “رواية تدخل بنا لعالم الرواية السيرية متعددة الأحداث والشخصيات المتوازنة، في سردها الآن ذاته”. (وال – طرابلس) س خ/ ر ت