طرابلس 11 ديسمبر 2020 (وال) – في عام 2015، بيع يعقوبا كوناتي في ليبيا، وعاش تجربة قاسية يصعب عليه أن يستعيد تفاصيلها. وقد انتهى به المطاف لاجئا في فرنسا، حيث عمل وأسس عائلة صغيرة.
وفي تقرير نشرته صحيفة “لاكروا” (la Croix) الفرنسية، تقول الكاتبة ماري بويتون إن كوناتي لديه طفلة تبلغ من العمر سنتين، وهو لا يريدها أن تعرف قصته؛ لأنه “من المخزي أن تسمع أن والدها بِيع عبدًا، أو أنه كان يعمل تحت التهديد المستمر لبنادق الكلاشينكوف، أو أنه كاد يموت جوعًا”.
عاش كوناتي عبدًا في ليبيا وعرف جميع أنواع الألم. في هذا السياق، يقول وهو ينظر إلى مكان بعيد “هناك تُجرد من إنسانيتك”.
ولقد استمرت محنته حوالي 5 أشهر، من شهر أغسطس 2015 إلى يناير 2016؛ لكنها بحسب كوناتي “استمرت لمدة 50 عاما؛ لأنك بعد ذلك ستفهم العالم بشكل مختلف تمامًا”.
وأوضحت الكاتبة أنه في 2015 وعده مهرب تونسي بتهريبه إلى أوروبا مقابل 550 يورو. لقد كانت الصفقة مغرية؛ نظرا لأن ليبيا تعد بوابة حقيقية لإيطاليا.
في هذه الأثناء، وقع إتمام الصفقة ونُقل المهاجرون على متن شاحنة صغيرة، ثم وضعت فوق رؤوسهم قطعة قماش صغيرة كادت تمنعهم من التنفس.
ويتذكر الشاب القادم من ساحل العاج أن “هؤلاء الرجال يعرفون الصحراء جيدا”؛ لكن إذا كانت هذه الشاحنات الصغيرة تمر عبر الصحراء، فذلك للهروب من الميليشيات الموالية للسراج التي نصبت كمائن.
شاحنات كهذه تثير مطامع أمراء الحرب المحليين، طالما أصبح المهاجرون “الذهب الأسود” الجديد في المنطقة.
وأضافت الكاتبة، أنه بعد اجتياز الحدود، تم إلقاء كوناتي في مستودع صغير مع 87 شخصا من رفاقه.
يقول إن المكان كان عبارة عن “قطعة مساحتها حوالي 12 مترا مربعا، كنا حوالي 88 في غرفة طولها 6 أمتار وعرضها مترين؛ أي ما يعادل 8 أشخاص لكل متر مربع”.
استمرت المحنة عدة أيام، وقال كوناتي “عندما خرجنا من المكان واكتشفنا موت أحدنا. خرج بعض الناس من هناك، ولم يتمكنوا من المشي، ولحسن الحظ تمكنت من الصمود والتحلي بالقوة، وتجاوز هذه المحنة”.
يضيف “عندما وصلنا، أخذ المهربون منا كل شيء للتأكد من أنه لم يتبق لنا شيء من المال، وضعونا جميعا عراة وأمرونا بالجلوس القرفصاء والسعال للتأكد مما إذا كان لدينا أي أموال في المستقيم”، كما استخدموا أسلوب ابتزاز الأسرة، حيث يطلب المهربون من المهاجرين الاتصال بأقاربهم للحصول على فدية، بضع مئات، وأحيانا بضعة آلاف من اليورو، مقابل إطلاق سراحهم.
بيع بالجملة أو بالتفصيل
ذكرت الكاتبة أن المحطة التالية في رحلة كوناتي كانت مع “رب أسرة” في منطقة صبراتة، مرة أخرى، كان يجهل المبلغ الذي بيع به، “لقد كان بيعا بالجملة، كنا حوالي 10 أشخاص معروضين للبيع في الوقت نفسه”.
دخل منزلا جميلا أدهشه في البداية؛ إلا أنه وبعد مرور لحظات قليلة، أدرك أن نصيبه منه لن يكون إلا مرآبا سيتقاسمه مع بائسين آخرين.
تعلم المجموعة أن عليها بذل جهود واسعة لاستعادة حريتها.
وقد قيل لهؤلاء إن عليهم “إعادة شراء أنفسهم”.
وكان خبزهم اليومي تنمرا وإذلالا.
ويعمل كوناتي معظم الوقت في الحقول تحت التهديد المستمر من بنادق الكلاشينكوف.
وفي بعض الأيام، يحرسه هو ورفاقه أطفال صغار مسلحين هم أيضًا.
كانت الوجبات الأساسية مكونة من الخبز والماء والحليب والكعك الجاف، وحين يبتسم لهم الحظ، يحصلون على السردين المعلب.
ونُقل كوناتي مرة أخرى من شخص إلى آخر، إلى أن وجد نفسه في مركز احتجاز سري، حيث كانت حياته بمثابة كابوس، “هناك، لا يعمل الحراس في عطلات نهاية الأسبوع، كنا نمضي 72 ساعة بدون تناول الطعام”. ينتهي الأمر بالبعض بشرب بولهم.
تعسف تام
بينت الكاتبة أنه في نهاية 2015، أطلق سراح كوناتي. من المستحيل معرفة لم وقع اختيار هذا التوقيت بالذات.
إثرذلك، تمكن كوناتي من الوصول إلى أوروبا، وحل بصقلية في يناير 2016، ثم تمكن من التوجه إلى فرنسا بمساعدة مجموعة من المتطوعين. بفضل هذا التضامن الذي قدمه له أشخاص مجهولون، استقر في سافينيي لو تومبل في باريس، وحصل على حق اللجوء. (وال – طرابلس) س س