طرابلس 27 ديسمبر 2020 (وال) – كثيرون يشبهون بوبكر ارميلة بالحرباء، بالقياس على براعته في التلون بحسب المحيط الذي يعيش فيه؛ فهذا الرجل له قدرة فائقة في الانتقال من أقصى التيارات الأصولية تشددا، إلى أوسع الحركات السياسية ليبرالية، وهو مستعد أن يتحول إلى حمامة سلام تدعو إلى المصالحة ولم الشمل، وفي ذات الوقت يستطيع أن يصبح من الصقور المحسوبين على تيار فبراير المتشدد إذا كانت مصلحته الشخصية تقتضي منه اللحاق بأحد الطرفين.
هذا بوبكر ارميلة عضو الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية، الذي بإمكانه الثناء على جهود البعثة الأممية والتغني “بإنجازاتها” في تصريح صحفي، مثلما هو مستعد أيضا لسكب المديح على لجنة كورونا في تصريح آخر، رغم أن بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا لا تزال تطاردها لعنة الفشل، ورغم أن لجنة كورونا هي الأخرى ليست بعيدة عن حال البعثة، بعدما وصلت أرقام المصابين بكورونا في ليبيا إلى مستويات قياسية.
ولكن السؤال الذي يدور حول شخصية “ارميلة”.. هل يمكن الوثوق بهذا الرجل؟ وللوقوف إلى إجابة هذا السؤال يجب علينا مراجعة التاريخ السري لـ”ابوبكر ارميلة”.
أستاذ التزوير
مصادر أمنية مطلعة كشفت أن “ارميلة” انضم إلى تنظيم سرايا المجاهدين الجماعة المقاتلة عام 1990، عن طريق أبو المنذر الساعدى وكلف بالانضمام إلى اللجنة الأمنية قسم الوثائق بعد أخذ دورات أمنية وعسكرية وفى التزوير واكتسب خبرة في العلاقات والتزوير.
وأكدت المصادر نفسها أن أبو بكر ارميلة لديه خبرة واسعة في التزوير، مشيرة إلى أنه عاد عام 1992 إلى ليبيا عن طريق مصر، واستعمل بطاقة شخصية مزورة باسم منير الخويلدي، كما انتحل شخصية ضابط شرطة برتبة مقدم، واستعمل تعريف شرطة للمرور من البوابات ومطار بنينا ببنغازي.
وأوضحت المصادر أن عودة ارميلة كانت لغرض الزواج إلا أنه لم يوفق فرجع إلى سوريا وتزوج من سورية، وفي عام 1993 حصلت له مشاكل مع قيادات تنظيم الجماعة وكذلك نتيجة الحملات الأمنية الباكستانية على العرب الأفغان فقرر مغادرة باكستان كذلك رأت الجماعة إبعاده عنهم لفترة، فطلب منه السفر إلى سوريا لدراسة الساحة السورية واللبنانية، فبقى شهرا في سوريا ثم قرر السفر إلى بريطانيا للحصول على اللجوء السياسي.
ولعب حظ ارميلة العثر دورا في كشفه للسلطات السورية، فعند سفره رفقة المطلوب لدى السلطات الليبية عبدالباسط عزوز، تم القبض على زوجة “ارميلة” السورية التي تحمل جواز سفر ليبي مزور، تحصلت عليه من المذكور الأخير، حيث تم التحقيق معه وأفرج عن زوجته كونها حامل وتقرر ترحيله إلى ليبيا رفقة عبدالباسط عزوز.
وبعد فترة قضاها في سجن عين زارة، تمكن ارميلة من الهرب واختبأ لدى المحكوم عليه قضائيا أحمد الشويهدي حتى خرج من البلاد عن طريق منفذ رأس أجدير، بمساعدة ضابط يعمل بالجوازات، والمدعو محمد البكوش الذي قام باستخراج جواز سفر له مزور باسم عادل محمد الزليطني.
وانتقل “ارميلة” من تونس إلى الأردن ومنها إلى سوريا، حيث التقى بزوجته وأطفاله هناك، ثم رجع إلى الأردن ومنها سافر إلى السودان والتقى بعناصر الجماعة هناك وسرد لهم قصة هروبه من السجن، لكنهم لم يصدقوه وبقي هناك دون أي نشاط ولم يكلف بأي عمل حيث طلب منه أمير التنظيم السفر إلى الدنمارك لإبعاده عن ساحة السودان إلا أنه رفض وطلب منهم السفر إلى بريطانيا.
الجنسية البريطانية
وفي عام 1995 انتقل إلى اليمن وذهب إلى مقر الأمم المتحدة بصنعاء وطلب اللجوء السياسي كونه هارباً من ليبيا، وسبق سجنه في سوريا، حيث زود ببطاقة خاصة بالأمم المتحدة.
وانتقل إلى بريطانيا، وطلب اللجوء السياسي، والتحق من جديد في اللجنة الإعلامية للجماعة المقاتلة حتتى سنة 1997، ووقعت خلافات بينه وأمير الجماعة عام 1998، وقرر الابتعاد عن أننشطتها وممارسة حياته والاهتمام بأموره الشخصية والمادية.
في سنة 2000، تحصل “ارميلة” على الإقامة الدائمة في بريطانيا، كما تحصل على اللجوء السياسي، وفى سنة 2003 تحصل على الجنسية البريطانية، وفى سنة 2004 قرر تسوية وضعه الأمني في ليبيا والرجوع إلى ارض الوطن.
التملق للنظام السابق
اتجه أبو بكر ارميلة إلى العمل الحر وفتح مكتبا لبيع وشراء العقارات، زعم أنه خلال تواجده في بريطانيا رفض عروض الانضمام إلى جماعة الإخوان وكذلك جبهة إنقاذ ليبيا، وأبدى استعداده للتعاون مع الأجهزة الأمنية، وأنه باستطاعته إقناع الليبيين في الخارج بالعودة إلى أرض الوطن وإعطائهم الصورة الحقيقية عن الوضع داخل البلاد خلال النظام السابق.
وبعد تحريات الأجهزة الأمنية، تم شطب “ارميلة” من قوائم المطلوبين ووضع قيد المتابعة الأمنية،وتمكن بعد عودته من بريطانيا من العمل كمستشار خاص مع أمين اللجنة الشعبية العامة للاقتصاد والتجارة بمقر الأمانة الكائن بالسراج طريق المواشى واللحوم، كما أنه عمل بمؤسسة القذافى للتنمية، وتحديداً بمكتب الشكاوى الكائن بمنطقة حي الأندالس.
وتقرب “ارميلة” إلى النظام السابق، إذ سبق له الظهور عام 2008 على إذاعة الجماهيرية ببرنامج من ليبيا الغد، وتحدث في حوار أجرته معه صحيفة “أويا” عن مبادرة الدكتور سيف الإسلام القذافى والمتعلقة بالمصالحة، وقد وصفها “ارميلة” بأنها خيار إستراتيجى وليس مرحلة مؤقتة، قبل أن يعود إلى العمل المسلح ضد الجيش الليبي في الزنتان عام 2011. (وال – طرابلس) س س