بنغازي 19 أبريل 2021 (وال)- للعام الثالث على التوالي المسلسل الليبي “شط الحرية” يكتسب نجاحًا باهرًا ويحضا بمشاهدة كبيرة جدًا في الأوساط المحلية والعربية، متفوقًا بذلك على عدة أعمال درامية من حيث نسبة المشاهدة وتأثر المشاهدين به وبشخصياته رغم بساطة بيئته المحيطة وعفوية ممثليه، ونجاحه في طرح بعض المواضيع الحساسة في المجتمع وترك مهمة فك وفهم الرسالة للجمهور.
وكالة الأنباء الليبية؛ كان لها حديث مع مؤلف المسلسل والبعض من شخصياته، حيث قال الفنان خالد أبريك الممثل المعروف بشخصية “مراجع”، إن سر نجاح “شط الحرية” هو قربه من المواطن وعفوية الممثلين غير المتكلفين في تقديم أدوارهم وإيصال بعض رسائلهم في قالب كوميدي بشكل سلس.
يُتابع أبريك: ” أقدم كل الاحترام لكل الممثلين الذين قدموا أعمالا عدة في الموسم الرمضاني، والذين عملوا بكل جهدهم وتحملهم مُعاناة وأتعاب هذه المهنة.
ويتابع أبريك: “حرصنا أثناء تقديم هذا العمل؛ أن نقدم للمشاهد أدوارنا بأدق التفاصيل، وأن نلتفت لمشاكل المواطن و طرحها، كوننا جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، ومن واجب مهنتنا تسليط الضوء على سلبيات الحياة المجتمعية بكل أشكالها”.
وأوضح أبريك أنه “من خلال تقديم هذا العمل بأجزائه الثلاثة أتضح لنا أن المشاهد الليبي مشاهد ذكي جدًا، ولا يشعر بهذا إلا من يقدم لهم عمل درامي ما ويشاهد تفاعلهم معه، فلابد عند تقديم أي عمل درامي للمشاهد الليبي الحرص الشديد واحترام ذكاء المشاهدين وعدم الاستخفاف بمدى أدراكم وذوقهم الفني، وأن يحترم رأيهم ومشاعرهم وأن يأخذ ملاحظاتهم في عين الاعتبار، فالذوق الدرامي الليبي رفيع جدًا”.
ويضيف أبريك أن شط الحرية يقدم عمل كوميدي درامي، كما تعرف بالكوميديا السوداء، وتعتبر من أصعب أنواع الدراما، التطرق لمواضيع حساسة جدًا، ومعالجة قضايا ولكن بقالب فكاهي.
ويُوضح أبريك أن “كل فرد يُفسر حلقات هذا المسلسل من وجهة نظره المختلفة، ولكن عملنا الصعب كان الاهتمام بإرضاء كافة الأذواق لاختلاف مشاهدينا من شرق وغرب وجنوب، وحتى عربيا، وكل فئات المجتمع من شباب ونساء والكبار في السن وهذا ما أرتكز عليه هذا العمل”.
وعن بعض الاتهامات التي لاحقت العمل كونه قدم صورة مسيئة للبادية، ينفي الممثل خالد أبريك ذلك ويؤكد: “هذا غير صحيح، فنحن كبادية نفتخر بأصولنا، وبتاريخنا وعراقتنا، وأري أن “شط الحرية” في كثير من الأحيان أنتهز الفرص لتقديم بعض من عاداتنا وتقاليدنا بالشكل المشرف، ولا نلتفت أبدًا لمثل هذه الملاحظات السلبية”.
من جانبه، يقول الممثل سالم المغربي المعروف بشخصية “العتنتي”، في حديثه: “اختياري لشخصية “العتنتي” جاء محض صدفة، بعد لقاء جمعني بطاقم العمل وعلى رأسهم الأستاذ فتحي القابسي، الذي بدوره أقترح علي لعب هذا الدور، وحدث اختيار الشخصية التي رفضتها في البداية، لترددي من عدم نجاحها، لأقبل بها أخيرا، وليفاجئني جدا نجاحها وقبولها لدى الناس، بعد أن راهن الأستاذ فتحي على أن حلقة ظهور شخصية “العتنتي” ستكون ملفتة ونجاحه وبالفعل هذا ما قد حصل”.
يتابع المغربي: “المسلسل عفوي رغم قلة الإمكانيات، لكن طبيعة تصوير العمل وعدم التكلف به ساعدتنا كثيرا، وهو ما حقق نجاح المسلسل الذي كان قريب من الجمهور، والكاتب لعب دور هام جدا في نجاح هذا العمل، من حيث ترك كل المجال لنا وأن نقوم بتأدية مهامنا بدون ضغط أو تقييد منه، وكان يعاملنا بكل مرونة”.
وتابع المغربي: “أما رأيي المتواضع في هذا العمل، فشهادتي بالطبع مجروحة به ولأنه عمل تم وسط أجواء من الود والمحبة وهذا ما ساهم في نجاحه وتعاون طاقم العمل ودعمهم لبعضهم وخلق انسجام كبير بين أفراد الطاقم، وبالتوفيق من الله ومن الأستاذ فتحي كانت تجربتي بالمسلسل ناجحة، رغم كوني جديد جدا في عالم التمثيل، فهذه سنة الثانية فقط لي أمارس فيها التمثيل، ودور “العتنتي” هذا الموسم سيظهر في ثلاثة حلقات مشوقة”.
ويلفت المغربي، بأن الكثير من ممثلين المسلسل كوادر ممتازة في عالم التمثيل لكن للأسف لم يحصلوا قبل على فرصة ناجحة لإظهار مواهبهم التي نجح مؤلف المسلسل في عرضها بالشكل المطلوب وهو ما حقق نجاحا باهرا.
وبدوره، يوضح مؤلف ومخرج المسلسل فتحي القابسي في حديثه لوكالة الأنباء الليبية، أن نجاح المسلسل ينبع أولا من محبة الجمهور الذي بدوره يرفض أو يحبط أي عمل آخر لا يعجبه أو لا يحترم ذكاءه.
ويقول القابسي إن “المسلسل لم ينجح فقط على الصعيد المحلي، بل حقق نجاح كبير جدا على مستوى الوطن العربي، فلديه جماهير من السودان وتونس والجزائر ومصر، وفي السعودية مشاهدين بشكل كبير، فكل جماهير الوطن العربي أصبحت تبحث عن البساطة، والدراما غير المتكلفة والمتكبرة، فعلى سبيل المثال نحن هنا في ليبيا كنا قد تابعنا في فترة ماضية أحداث مسلسل “طاش ما طاش”، فبرغم اختلاف الثقافة بيننا وبين الشعب السعودي، حقق العمل تأثير لدينا لشعور الجمهور وأن العمل متواضع غير متكلف، وغير متكبر عليه، ليكون “شط الحرية” تكملة بسيطة لدائرة هذه الأعمال العفوية”.
ويتابع القابسي : “المشاهد الليبي ذكي جدًا ومشاهد مثقف وواعي، وفي حالة احترامه من قبل كل العاملين في المجالات الفنية، فيجب أن يوضع المشاهد الليبي محط التركيز أثناء التصوير، فيعتمد بعض صانعي الدراما الليبية على أن الجمهور سوف يشاهد العرض لاحقا ولا يفكرون في الجمهور أثناء وقبل حتى البدء في عملهم، الأمر الذي تنتج عنه مشكلة كبيرة في الأداء فيجب أثناء تأدية الأدوار قبل العرض التفكير في المشاهد الليبي، منذ البداية، وهذا فعله شط الحرية”.
وعن بعض الإسقاطات التي يصنعها المسلسل، يوضح القابسي أنه ليست كل حلقات المسلسلة تحتوي على رسالة ما، بعض الحلقات تقوم فقط على تسلية وإضحاك الناس فقط.
وتابع القابسي: “نتمنى أن تكون الرسائل التي وضعت في العمل قد وصلت، وأنه هنالك حلقات خاصة في الجزء الأول والجزء الثاني أكتشف الجمهور بعض المعاني لم يكن من المقصود بثها، وأصبحت أنتظر تحليل واكتشاف الناس في كل حلقة قمت بكتابتها، فالذي تبين أن المشاهد أخذ على عاتقه متابعة حلقات المسلسل بشكل أعمق، ومجموعة حلقات متواصلة في “شط الحرية ” البساطة والتلقائية، والشيء المهم الآخر هو وجوه ممثلين هذا العمل غير المعروفين من قبل، فالمشاهد أحيانا يشعر بالملل من تكرار نفس الممثلين الذي يحتكرون الكوميديا مثلا لأنفسهم”.
وعن غياب العنصر النسائي في أجزاء العمل، يكشف القابسي: “لست ضد العناصر النسائية في التمثيل أبدا، فكل أعمالي من غير “شط الحرية” كلها كانت تحتوى على مشاركات نسائية، لكن الأمر كان مختلف في هذا العمل، أولا في أجدابيا لا يوجد لدينا ممثلات من المدينة، ليكون صعبا علينا أن نتعاون مع ممثلة من مدينة بنغازي، بسبب المسافة، والأمر الآخر هو مدينة أجدابيا مدينة محافظة، ويصعب على الممثلات التحرك بحرية أكبر من المدن الكبيرة الأخرى، فجربنا في الجزء الأول ولعدم توفر الكوادر النسائية أن يكون حاليًا منه فحقق المسلسل نجاح كبير، والأمر ليس مقصودًا بتجنب تشريك الممثلات”.
يتابع القابسي: “تقديم المرأة الليبية في بعض الأعمال الليبية مهين إلى حد ما، فالمرأة في الدراما الليبية مصنفة كعنصر نسائي، ولا يتم تقديمها كممثلة، فهذا التقديم السيئ أنا ضده والمرأة لا بد أن تقدم بالشكل الصحيح والذي تستحقه أو لا تقدم أبدا وهذا ما جعل “شط الحرية” خالي من المشاركات النسائية ليس تقليلا منهن، ولكن خوفا من أن تقدم المرأة بشكل الذي لا تستحقه أو أن تتعرض لهجوم من قبل الجمهور لعدم تقبله لمثل هذه المشاركات فنحن نتابع بشكل كبير أراهم الجماهير بالرغم من وجود الكثير من الممثلات الليبيات القديرات جدًا”.
ويقول القابسي: أن “شط الحرية” أصبح ملك خاص للجمهور الذي يشارك في كثير الأحيان بكتابة أحداثه، وتحديد من يمثل في هذا العمل ومن يرفضون تواجده، وعدد حلقاته، فأنا أعتبر نفسي الآن أسير هذا العمل وأن الجمهور هو المتحكم الأول، الأمر الذي اعتبره له جانبان ايجابي من ناحية رغبة الجمهور في أن يحافظ على هذا العمل الذي وجد فيه ضآلته، بنفس الجودة، ولكن سلبية لنا نحن، الأمر الذي حتم علينا تكثيف الجهود لكي نرضي المشاهد”.
ويشير القابسي: “في الجزء الثالث عند كتابة السيناريو يتم التدقيق بكل كلمة تقال فيه والبحث في معنى هذه الكلمة في كافة مدن الغرب والجنوب وحتى اقسي الشرق، تجنبا منا لاستخدام أي جملة أو كلمة يتم فهمها بشكل خاطئ لدى جمهورنا في هذه المناطق، وتنبيه كل العاملين أن هذا العمل لدي جمهور من كافية ربوع البلاد ولابد منا الحذر الشديد”.
ويضيف القابسي: أنه “من المحتمل أنه سيكون هنالك جزء رابع لكن، هل سيكون بذات الأسلوب في الأحداث الزمنية القديمة أو سيكون هنالك تطوير وتقدم على صعيد القصة، أم هذا المجتمع القروي الصغير ينتقل من مكان لمكان أو سيتغير الزمن؟ كلها تساؤلات تؤدي إلى استنتاج أنه منا الصعب الحفاظ على عمل على مدار أربع سنوات بنفس السياق، فمن الممكن أن يحتوي الجزء الرابع على تطور درامي والكثير من التحديثات لكي لا يفقد العمل جودته، وأن يكون مقدم بشكل منطقي في النفس الوقت لن نبتعد كثيرا عن هوية المسلسل الأولى التي كانت سببا في نجاحه وهي بساطته وعفويته مع وجود طرح لمواضيع ومناقشات أكثر تهم المجتمع”.. وأخيرا اختتم القابسي حديثة بأنه نحن مجرد موظفين وعمال فقط وأن الجمهور هو الذي يملك هذا العمل”. (وال- بنغازي)
تقرير | فاطمة المبروك