عمان 20 نوفمبر 2021 (وال) صدر عن دار العائدون للنشر والتوزيع، بعمان، كتاب للباحث والأكاديمي الفلسطيني محمد نعيم فرحات، حمل عنوان “كمين غسّان كنفاني: كيف تعقب النص تاريخه وأدركه”، وهو دراسة نقدية معمّقة في نصوص كنفاني القصَصية والروائية، وكتاب محكم من طرف مركز البحث العلمي في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية “كراسك” وهران التابع لإدارة البحث العلمي بوزارة التعليم العالي الجزائرية.
الدراسة، كما جاء في مقدمة المؤلف، تنتمي من الناحية النظرية والمنهجية عموما، إلى علم اجتماع الثقافة، وحقل العلاقة بين النص والتاريخ، إلا أنها بحثت بانفتاح وتطلع، عن كل امتداد ممكن من شأنه أن يمتنها ويعززها ويفتح أفقها في كل اتجاه مفيد.
وبحكم العناصر الحاكمة لها موضوعيا، فقد تحركت الدراسة، وهي تقدم مساهمتها السوسيولوجية في مجال نصي وتاريخي مركب، وكان عليها أن تتعامل مع عناصر الصيرورة كلها: النص والفاعل والواقع والأثر، ودائما من خلال المقولة المركزية الناظمة لها: أبنية الوعي.
وفي تقديم الناقد فيصل دراج للكتاب ومؤلفه، يكتب: “جاءت قراءة محمد فرحات وتعقبه اليقظ لخطاب غسان كنفاني مهجوسةً بفلسطين وبأسئلتها الكبرى، وأضمرت القراءة أيضا الأفق الفسيح لتأمل النشيد عند محمود درويش، ووضوح الوعي الصارم عند إدوارد سعيد، ومساهمات أخرى لفلسطينيين كثر ترامت في آفاق متعددة”.
كما يضيف دراج أن فرحات “أيقظ في قارئه أرواح غسان كنفاني، الأديب، المثقف الأكثر تكاملا ومأساوية في تاريخ الأدب الفلسطيني، حيث الفلسطيني المقاتل “إنسان يسير إلى موته”، طالما أن المتمرد الأصلي يختار نهايته، بعد أن فاته اختيار ميلاده.
ومع أن أدباء فلسطينيين، يتصدرهم إبراهيم طوقان، وجبرا إبراهيم جبرا، وسميح القاسم وسميرة عزام وغيرهم، اجتهدوا في رسم المأساة وغربة الخسران، إلا أن غسان ذهب نحو الأفق الأعلى في تمرده الشامل الذي قصر المسافة بين الطليعتين: الأدبية والسياسية، هنا لا غرابة أن يكون في كلمات فرحات، وهو يستعيد غسان، ظلال فرانتس فانون و”المعذبون في الأرض”، وأصداء ناجي العلي، الذي اعتقد أن الحقيقة تظل واقفة ولا تموت”.
ويختم دراج تقديمه “هذا بعض ما قاله محمد فرحات في أوراق لا زالت تتطاير في آفاق صعبة، أما جوابه عن سؤال: كيف تعقب النص تاريخه وأدركه، الذي بحث عنه في تخوم نصوص كنفاني الخصيبة، فقد ارتقى بنفسه ليشكل جملة وافية إلى حد بعيد، رسمت قولها في مشهد فلسطيني صعب ومعقد، تاخم الآمال الكبيرة لكنه زامل خيباتٍ أقامت في صلبه على نحو وافر، تحالفت مع أخرى كمنت في مساراته المركبة، ولا يزال محمد فرحات ينظر إلى الأعلى”.
وتناول المحور الأول من الدراسة مقاربة لعلاقة النص بالعالم ومكونات هذه العلاقة، وبعض خصوصيات السياق، فيما تناول المحور الثاني البنية الدالة لخطاب كنفاني ومندرجاتها المختلفة، لينتهي عند استعراض الوعي الذي قدمه الخطاب لتاريخه.(وال عمان) ح م / س خ.