بنغازي 16 أبريل 2022 (وال) -تزخر مدينة بنغازي بالعديد من المعالم التاريخية، وتعد كاتدرائية بنغازي الكاثوليكية، أحد تلك المعالم، حيث تم وضع حجر أساسها في 12 يناير 1929، لتفتتح رسميا في ديسمبر 1939، وهي أكبر كاتدرائية من حيث المساحة في شمال أفريقيا، وتتميز بقبتيها النحاسيتين، إضافة إلى الصليبين اللذان كانا أعلى القبتين.
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، صور توضح وضع لافتة تحمل اسم مسجد” الإمام مالك بن أنس”، على مدخل الكاتدرائية التي تقع في وسط مدينة بنغازي، حيث أثار الخبر الكثير من الجدل وانقسام أراء المواطنين بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، بحجة أن المبني معلم من معالم المدينة القديمة، حيث لم تعلن أي جهة حتى الآن عن مسؤوليتها.
مدير المشروعات في بلدية بنغازي أسامة الكزة، أكد لوكالة الأنباء الليبية ” بأن ما حدث من وضع لافتة باسم مسجد على مبني الكاتدرائية ما هو إلا تصرف فردي مجهول المصدر، ولم يصدر عن أي مؤسسة أو جهة حكومية، وأن الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة لأن تقرر ماذا سيتم استخدام مبنى الكاتدرائية، عليه بعد أن تتم عملية ترميمه وصيانته.
وأضاف: منذ فترة سابقة عقد اجتماع موسع مع عدد من المهندسين الإيطاليين، وتم وضع هذا المبنى الذي جاء من بين (170) مبنى أثري مصنف في مدينة بنغازي، ومبنى الكاتدرائية وقصر المنار ضمن المباني المتعاقد على ترميمهما عن طريق جهاز تنمية وتطوير المدن بالشكل المعماري الأصلي، دون تغيير تصميمها المعماري بواسطة شركات إيطالية متخصصة.
وتابع أن بلدية بنغازي تعمل دائما على الحِفاظ على ذاكرة المدينة التاريخية التي مرت بها عبر جميع العصور التاريخية، وفي كافة الفترات التاريخية المختلفة، وأنها تضع ضمن برامج عملها ترميم المباني القديمة باعتبارها إرثا تاريخيا للمدينة.
حيث انتهت في الفترة الماضية من ترميم العديد من المباني منها منارة بنغازي، والمجلس التشريعي البرقاوي سابقا، وبيت الثقافة “حوش الكيخيا “.
وكالة الأنباء الليبية تابعت ردود بعض الآراء، حيث عبرت المواطنة أسماء العلي “أن القرار جيد وأنهم من سكان منطقة وسط البلاد القريبة من الكاتدرائية، ولا يوجد لدينا مسجد قريب من المنطقة، لذلك يكون ذلك فارق كبير لدينا ولدي سكان المنطقة، وأرى أن المسجد هنا سيضفي الكثير من الحياة بالمنطقة”.
وتعبر جنات سعد عن رفضها لهذا القرار بقولها “إن فكرة مسجد ليست حديث الساعة، وأنه من فترة العهد السابق، لكن واجهتهم مشكلة القبلة ثانيا هناك مساجد كثيرة تاريخية وعريقة وسط المدينة مهملة بدون صيانة، لذلك اتمنى الاهتمام بأخلاق المصلين وتوعيتهم، وزيادة الثقافة الدينية وليس بكثرة المساجد”.
المواطن المبروك محمد قال ” قديما في مطلع السبعينيات طلب تغيير الكاتدرائية إلى مسجد، وأن عدم وجود قبلة حال دون تنفيذ هذا القرار، وتم استخدام المبنى كمقر للاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت”.
تشير المواطنة هبة المبروك “أن هذا المبنى يعتبر ميراث قيم للمدينة، ومن المعالم المتبقية من تاريخ بنغازي القديمة، وأنه جزء من هوية المدينة وأنه لا بأس ومن الجيد تحويله لمسجد ليكون معلم بشكل آخر”.
يري المواطن زكريا سعد “أن القرار ليس خاطئ، وقرار في محله كون المبني مهجور، ولم يستفاد به بأي شكل، وفكرة تحويله لمسجد أثري، ليست جديدة فهنالك أكثر من (2000) مسجد حول العالم تم تحويلها إلى كنائس وأديرة ومسارح ومتاحف وفق دراسة أعدت من قبل منظمة التعاون الإسلامي لدعم وتطبيق الشريعة الإسلامية، والتي أكدت فيها أن أكثر من (2000) مسجد حول العالم تم تحويلها إلى كنائس ومسارح ومخازن ومتاحف وملاه ليلية”.
محمد نوري يقول “القرار خاطئ، وأنه يجب عدم المساس بمعالم بنغازي التاريخية، إلا من قبل المتخصصين في الصيانة والترميم، وأنه من المؤسف تحويل القضية إلى دينية، من قبل بعض المعلقين وبأن من يرفض القرار يكون رافض للدين، مناشدا المسؤولين عن هذا القرار بالوقوف أمام هذا العبث في هوية المدينة، فمعالم المدينة الباقية قليلة، وأن لا يدعوا مجال للعابثين”.
ومن جانب آخر أوضحت بلدية بنغازي بحسب المكتب الإعلامي للبلدية، إن البلدية تعمل دائما على الحِفاظ على ذاكرة المدينة التاريخية التي مرت بها عبر جميع العصور التاريخية، وفي كافة عهود الحكم المختلفة، وأنها تضع ضمن برامج عملها ترميم المباني التاريخية باعتبارها إرثا تاريخيا للمدينة، مهيبة بكافة المواطنين بضرورة التعاون بشأن الحفاظ على جميع المباني التاريخية، وبالتالي الحفاظ على هوية المدينة، ومبنى كاتدرائية بنغازي من الإرث التاريخي، والبلدية بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية حيال إحداث أي تغييرات فيه.
يذكر أن الكاتدرائية تقع بوسط المدينة خلف فندق قصر الجزيرة التاريخي، ويقع أمامها ميدان عرف وقتها باسم ميدان الكاتدرائية، وفي العام 1962 أطلق على الميدان رسميا اسم ميدان الجزائر، وفي الثمانينيات أطلق عليه اسم ميدان الوحدة العربية.
أثناء الحرب العالمية الثانية والقصف الشديد الذي تعرضت له المدينة تضررت الكاتدرائية، حيث تم قصفها في أكتوبر 1940 من قبل سلاح الطيران الإنجليزي، لكن تم ترميمها في فترة لاحقة لتظل تعمل حتى تم تحويلها في 1971 إلى مقر للاتحاد الاشتراكي العربي، كما شب بها حريق في العام 1976، وتم اغلاقها لاحقا. (وال بنغازي) ف و / س خ.
-تقرير فاطمة الورفلي.