حيفا 19 يوليو 2022 (وال) _ صدر حديثاً عن مكتبة كل شيء في حيفا، كتاب “رسائل من القدس وإليها”، للكاتبين جميل السلحوت، وصباح بشير. يقع الكتاب الذي يحمل غلافه الأوّل لوحة للفنّان التّشكيليّ محمد نصر الله، في 182 صفحة من الحجم الكبير، وقد صمّمّ وأخرج الكتاب شربل الياس.
وقالت الكاتبة صباح بشير إن هذا الكتاب هو تجربة فريدة من نوعها في أدب الرسائل بين كاتب وكاتبة، فمن خلال ما يقرب من أربعين رسالة أدبية، منحتنا مساحة دافئة عبّرنا من خلالها عن أنفسنا من دون تكلّف، تبادلناها بشكل عفوي على امتداد إحدى عشرة سنة، ناقشنا فيها بعض القضايا الفكرية والثقافية، ومختلف شؤون الحياة والمجتمع، تشاركنا الأفكار والهموم العامة للمثقف العربي، حالنا وأحوالنا.
وعبرت هذه الرسائل عن أخوّة صادقة، وصداقة نقية خاليّة من المصالح تخطت حواجز الجغرافيا. وكما نعلم، فالصداقة الحقيقية كالمظلة، كلما اشتد المطر ازدادت الحاجة إليها، ومن المعروف أن الصداقة من أعذب المناهل التي تساعد الإنسان على الاستمتاع بالحياة.
وأضافت: في إحدى الرسائل، كتبت هذه الفقرة: ليس هنالك أجمل من صديقٍ بعبير أخ، لقد ظننت أنّ الأيام التي أقضيها في غربتي سوف تمرّ من دون وجود أصدقاء من داخل الوطن، لكن الأقدار أَبَت إلا أن ترزقني بصديق وأخ من حيث لا أدري ولا أحتسب، والحمد لله. شجعني ذلك التواصل على الكتابة والبحث والاجتهاد، فكان الأستاذ جميل صديقًا، ونموذجًا حيًا لكاتب ناجح وجدير بالاقتداء، وما تبادلناه من الرسائل عكس قدرته على تحدي الصعاب وتخطي المعاناة وتحقيق النجاح، والتميز في المسار المهني والإبداعي، من دون تفريط في القيم الأخلاقية والإنسانية النبيلة. أثرت بي تلك الرسائل لسنوات وهي تتحدّث عنه وعن أخبارِه بمحبة وروح شفافة وفكر منفتح، فأنشأَت بيننا شعورًا عميقًا بالأخوّة والاحترام. تعرفت إليه من خلال ما يكتبه لي، أقرأ وأرسم له صورًا من القيم الفاضلة والفكر المنفتح.
في إحدى الرسائل، كتبت له أيضًا: أقدِّر أنه ليس من السّهولة بمكان أن يكتب الإنسان لشخص لم يتعرّف إليه عن قرب. بدأت مراسلاتنا من مدينة القدس، حين تقابلنا في ندوة “اليوم السابع” المقدسية التي تقام في المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي”، ثم غادرت البلاد في رحلة طويلة، امتدت لسنوات، إلى العديد من الدول، وغادر الأستاذ جميل إلى الولايات المتحدة الأميركية. استمر تواصلنا عبر الرسائل، وفي الحقيقة ثمة قواسم مشتركة جمعتنا، كالجذور المكانية، والانتماء إلى قضية التنوير الثقافي، الإيمان بقضية المرأة، حب الكتابة والمطالعة، الانخراط في المجال الإبداعي والشأن الثقافي بشكل عام، حب المعرفة بمجالاتها المختلفة، وصقل كل ذلك بالأسفار المتعددة في أقطار كثيرة حول العالم. من هنا أعود إلى سرّ اهتمامنا “الثقافة والأدب”، وهذا هو جوهر تواصلنا الحقيقيّ واتصالنا. فبعد أن غادرت البلاد تركتُ فيها جزءًا من روحي، هذا البعد بث في نفسي الشّوق للأهل والوطن، وهذه الرسائل حملت بين سطورها عبق الوطن. وعن كل ذلك تحدثنا بعفوية وصدق، وأتصوّر أن ذلك التواصل قد أهدانا بعض السكينة والراحة. (وال _ حيفا) ح م