بنغازي 15 سبتمبر 2022 (وال) -كشف رئيس قسم الجراحة العامة بمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث بنغازي دكتور خالد الجازوي، “أن مرضى الأورام هم أكثر فئة متضررة وأكثرهم معاناة في المنظومة الطبية في ليبيا.
وأضاف أن هذا الأمر، قد يؤثر سلبا خلال الأعوام القادمة في ثقة المريض في الطبيب الليبي والمستشفيات الليبية، إن لم يتلقى المريض علاجه في بلده ويتوجه إلى تلقي الخدمة الصحية في مكان آخر مثل دول الجوار.
وقال الجازوي: الحقيقة التي من المفترض أن نعيها كأطباء، أننا لا نسير في الطريق الصحيح، وذلك أن المواطن الليبي لم ينل حقه في الرعاية الصحية، أسوة بأي إنسان يعيش في أسوأ وأفقر دول العالم، فالخدمات الصحية أساسية ويجب فصلها عن أي مخاض سياسي.
الجازوي، حذر من تعثر توفر العلاج لمرضى الأورام، جراء قرارات وزارات الصحة المتتابعة وأخطاءها في إصدار تكليفات للجان العلاج في الخارج، وتجاوزات تلك اللجان واصفا الحالة بمنظومة فساد.
وقال أنه لا يعقل ومع مرور قرابة (11) عاما، مازالت الدولة عاجزة عن توفير أدوية الأورام، مع أنها متوفرة في دول العالم، وسبق أن كانت تورد بانتظام ودون أي تأخير من قِبل جهاز الإمداد الطبي، مشيرا إلى أن أطباء الجراحة في مستشفى الجلاء ومنذ العام 2007 وحتى تاريخ اليوم، يمتلكون خبرة طويلة في مجال جراحة أورام الثدي والقولون والغدد الصماء، وبعض أنواع الأورام الأخرى، لافتا إلى أن مستشفى الجلاء، يعتبر خلال السنوات الماضية المكان الوحيد المتخصص في جراحة الأورام، وبعد افتتاح مركز بنغازي الطبي أصبح العمل مشترك في هذا الاختصاص.
وأضاف: من الأورام التي أصبحت منتشرة في وقتنا الحالي، أورام الثدي والقولون خاصة في المنطقة الشرقية، أما بالنسبة للأورام ككل فعدد الحالات في المدن شرقي مدينة بنغازي هي الأكبر مقارنةً بالمدن الأخرى.
وقال الجازوي أن أغلب الحالات تحديدا، تأتي إلى المستشفى من مدن البيضاء وهي الأعلى نسبة، تليها مدينة طبرق ثم درنة، مشيراً إلى أهمية إجراء بحث مجتمعي خاصة حول أورام “الثدي”.
وبين أيضا أن أورام الثدي أصبحت في تزايد مستمر بين الفتيات في أعمار (20 و25 و30) فما فوق.
في الوقت الحالي نجد ما بين ثلاثة إلى أربعة نساء مصابات في الشهر الواحد، كما لفت إلى أنه أجرى عدد (3) أبحاث حول أمراض الأورام وانتشارها خلال الأعوام (2012 و2013 و2014)، وحاليا لا يتوفر أبحاث رسمية، وأنه وفي الغالب أن، “الأبحاث” تتولاها أقسام معينة مثل قسم طب الأسرة والمجتمع في مجمع الكليات الطبية في بنغازي، وهو من يقوم بإعداد دراسات تخص المجتمع الليبي.
وأفصح الجازوي بأن عدم توفر الإمكانيات في المرافق الصحية العامة هو المعضلة التي تواجهنا كأطباء جراحين، وعدم توفرها يؤثر حتى على القرار الذي يتخذه الاستشاري أو الجراح اتجاه المريض، فنحن مسئولون على استئصال الورم لكنه ليس كافي، فالجراحة تشكل نسبة (50%) من العلاج.
وتابع: أما نسبة (50%) الباقية تتمثل في متابعة المريض بعد إجراء العملية كالتمريض والإمكانيات، والجزء الأكبر والمهم وهو هل سيتلقى بعدها المريض العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، وما مدى توفر وجودة هذه العلاجات في المستشفيات العامة والخاصة؟!.
وأضاف ثبت علميا، أن الأورام التي لها حجم معين في الثدي مثلا على حسب حجم الثدي نفسه، وهنا لا يضطر الجراح إلى استئصال للثدي كامل، بل سيكون استئصال جزئي، وهذا يتطلب إجراء جلسات العلاج بالإشعاع بعد العملية.
وقال الجازوي: بالتالي أوجه رسالة، وهي أن الطبيب جزء من المنظومة التي من المفترض أن يتلقى خلالها المريض العلاج، فإذا كان هناك خلل في المنظومة فسيقف عندها الطبيب عاجزا عن تأدية واجبه الإنساني تجاه المرضى.
واختتم الجازوي قائلا: أما بالنسبة للإحصائيات لو حسبنا فهناك نقطتين؛ الأولى وهي نسبة التزايد في الأورام في الفترة الأخيرة، والثانية مدى تقصير الدولة، للأسف لم نصل إلى ( 10%) من الخدمة الطبية التي من الممكن أن يتلقاها مريض الأورام”.
وفي وقت سابق، أكد مستشار المركز الوطني لمكافحة الأمراض، ومدير عام الأكاديمية العربية الأفريقية للدراسات، دكتور عادل الذيب، أنه بدون دراسة علمية لا يمكن معرفة السبب الحقيقي وراء انتشار السرطان في معظم المناطق في ليبيا.
وأرجح الذيب، أن تكون هناك مجموعة من العوامل المسببة لانتشار المرض خلال السنوات الأخيرة، وكان أول هذه العوامل “محسنات الخبز”، مشيرا أن من بين العوامل، استخدام أنواع محظورة من السماد الزراعي، والأعلاف الحيوانية والمبيدات الحشرية، وحقن الدجاج بالهرمونات والمواد الحافظة والبلاستيك، وبعض أنواع العطور ومزيلات العرق.
وصرح الذيب لوكالة الأنباء الليبية “أن الأكاديمية قدمت عدد (15) عشر مقترحا لتطوير الهيكل التنظيمي بقطاع الصحة، جميعها تنتظر التنفيذ على أرض الواقع، وأنه طوال السنوات الماضية، ومع تغيير الوزراء في قطاع الصحة تمت مخاطبة أكثر من وزير بشأن تنفيذ مشروع (365) يوم لإدارة الأزمة في الصحة.
إلى ذلك، فقد كشفت الإحصائية الصادرة مؤخرا عن قسم المعلومات والإحصاء الطبي، بمستشفى طب وجراحة الأطفال بنغازي، أن عدد وفيات الأطفال المصابين بالأورام بلغ (9) حالات منتصف العام الحالي، كما بلغ عدد المترددين على قسم الأورام عدد (614) مريض.
وعن عدد دخول الحالات المسجلة، والتي تتابع بقسم أمراض الدم بين (220 و225) حالة، ومن المؤسف إن في الآونة الأخيرة والوضع الذي تمر به البلاد، عجزت المستشفى عن توفير الأدوية، ونشعر بالخجل عندما تقول لأولياء أمور الأطفال المرضى، بضرورة شراء الجرعات من الخارج أي من الصيدليات.
كما حذرت رئيس قسم أمراض الدم والأورام بمستشفى الأطفال بنغازي، دكتورة نورا الترهوني، من تداعيات إهمال وعدم مراعاة الظروف الصعبة لمعاناة الأطفال المصابين بالأورام، عدا عن الارتفاع الملحوظ بالإصابة خلال السنوات الأخيرة.
وناشدت الترهوني، لجنة الصحة في مجلس النواب الليبي، إلى الوقوف وقفة جادة لحلحلة الصعوبات التي يوجهها الأطفال المرضى، والقسم المعني بتقديم الخدمات الصحية لهم، وذلك وفقا للتقرير الذي أعدته بالخصوص.
وذكر التقرير الذي تحصلت الوكالة على نسخة منه جاء فيه أن قسم أمراض الدم والأورام بمستشفى الأطفال بنغازي، يقدم خدمات كمركز أورام متخصص، ويعتمد بنسبة (70%) على التبرعات والعمل الخيري، وسنويا يتم تشخيص ما يعادل (100) حالة أورام أطفال جديدة على مدار (5) سنوات الماضية كمتوسط، أما الحالات التي تتلقى العلاج في قسم أمراض الدم والأورام تصل إلى (200) طفل من الجنسين بأعمار تتراوح ما بين (6) أشهر، و(16) عاما.
وأورد تقرير رئيس قسم أمراض الدم والأورام، جملة من الحقائق الرئيسية من بينها أنه يصاب بالأورام على المستوى الدولي في كل عام نحو (400000) طفل ومراهق، تتراوح أعمارهم ما بين (0 سنة و19 سنة)، وأكثر أنواع الأورام شيوعا بين الأطفال سرطان الدم أو “اللوكيميا”، وورم الدماغ والأورام اللمفاوية، والأورام الصلبة، مثل أورام الأرومة العصبية وأورام ويلمز، معدلات الشفاء في البلدان المرتفعة الدخل التي تتاح فيها عموما خدمات شاملة، يُشفى أكثر من ( 80%) من الأطفال المصابين بالأورام، وفي البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، يشفى أقل من ( 30%) من هؤلاء الأطفال، كما يمكن علاج معظم أنواع أورام الأطفال بالأدوية الكيماوية وغيرها من أنواع العلاج، بما في ذلك الجراحة والعلاج الإشعاعي .
وتعزى الوفيات الناجمة عن أنواع أورام الأطفال التي يمكن تجنبها في البلدان المنخفضة الدخل، والبلدان المتوسطة الدخل، إلى ضعف التشخيص أو التشخيص الخاطئ أو التأخر في التشخيص، وإلى عقبات تحول دون إتاحة الرعاية، وإلى التخلي عن العلاج، وإلى الوفاة بسبب سمية المرض والانتكاسة، وفي البلدان المنخفضة الدخل (29%) فقط، من أدوية الأورام متاحة عموما لسكان هذه البلدان، بينما في البلدان المرتفعة الدخل يتوفر (96%) من هذه الأدوية.
وفي فبراير الماضي، صدر عن مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، القرار رقم (164) لسنة 2022 القاضي بإنشاء جهاز “دعم وتطوير الخدمات العلاجية” مقره الرئيسي في طرابلس، وتم تكليف دكتور أحمد سالم بمهام إدارة الجهاز.
وسلم الجهاز عدد (234) رسالة علاج لمرضى الأورام لمندوب مدينة بنغازي “إدريس الربع ” المكلف من قِبل المركز الوطني للأورام بإحضار ملفات المرضى واستلام الرسائل من الجهاز.
وكان مركز الكيش للعيادات التخصصية والرعاية الصحية الأولية، أعلن في سبتمبر عن توفير جهاز التصوير “الماموجرام” الذي يستخدم في الكشف المبكر عن أورام الثدي، وإظهار أي نمو غير طبيعي في أنسجة الثديين.
وذكر المركز في صفحته الرسمية على “فيس بوك” أنه ويعمل للتشخيص على هذا الجهاز في المركز كوكبة من المختصين من الكفاءات الليبية من الاستشاريين والأطباء والفنيين. (وال بنغازي). ف م – أ س / س خ.
تقرير/ فاتح مناع – أماني الفايدي- فاديا البرغثي.