بنغازي 05 أكتوبر 2022 (وال) -صدر عن دار الفورتي للطباعة والنشر كتاب جديد للكاتب سعيد العريبي، تحت عنوان (البعد الآخر للكلمة: مقالات في فلسفة اللغة).
المقالات كتبها الكاتب أثناء دراسته الجامعة ببنغازي، ونشرت أغلبها بمجلة الثقافة العربية، التي عمل بها بعد التخرج، عندما كانت كان يرأس تحريرها دكتور محمد حسن البرغثي.
ولا يضم هذا (الكتيب) كما قال الكاتب، “كل ما كتبته تحت هذا العنوان، بل ما استطعت لملمته وانقاذه من الضياع”.
غلاف الكتاب جاء بتصميم أحمد رحيل المنصوري الورفلي، ويقع في (50) صفحة، أما المقالات التي يتضمنها فهي اللغة في بعدها التاريخي، اللغة والعقل، اللغة والفكر، الموازنة بين التعبير والتفكير، الموازنة بين المعنى واللفظ، اللغة والأشياء، لغة الشعر، و أزمة اللغة.
وفي ذلك يقول الكاتب، على لسان برغسون: “مضامين النفس لا يعبـر عنها.. بل يوحى بها فتصبح قريبة.
يوقظ الشاعـر الطبيعة من غفوتها.. يأخذ بيدها إلى مدارج الكمال وسبحات الفكر.. فيحيل سكونها إلى حركة.. وموتها إلى حياة.. وتفردها إلى تعدد وتكاثف.. وجمودهـا إلى جمال وبهجة.. يثيران الدهشة، ويسحران العقول.
ذلك أن الوجدان كما يقول – الأستاذ كمال يوسف الحاج : (عندما يلمس الطبيعة تحترق الأشياء وتتبخر ويلتفت الوجود المادي.. وينغمس في ضياء الإنسان.. عندئذ يتضح ويقيم.. تلك هي عملية تحويل الطبيعة وصب معانينا في تجاويفها).
فالزهرة مثلا.. جزء من الطبيعة.. جزء صغير من لوحة الوجود.. هي في الطبيعة لا تستطيع أن تتجاوز حقيقتها المحسوسة.. شيء مادى نراه ونحسه بمختلف الحواس.. هي هكذا وكفى.. لكنها في القصيدة.. تتجاوز كونها زهرة.. تتعدى صدور الألوان والأوراق.. ونطاق الطبيعة بأسرها.. لتنزرع فينا.. في أحاسيسنا.. وخواطرنا ومعانى تتجدد.. وصورا لا تنى تنبض بالوعة والبهجة والجمال”.
إن مجرد تذكر صورتها في الذهن.. وتمثل شكلها أمام بصيرة العقل.. ينقلها من مجردات التجسيم.. إلى سبحات الخيال.. حيث تتحد الصورة مع الفكرة.. مع الشعور والإحساس.. وينشأ حينئذ من اتحادهما حوارا نفسيا.. قائما في ما وراء حدود اللسان.. وخارج دائرة الألفاظ.
من هنا تبدأ النقطة الفارقة بين جمال الطبيعة وجمال الفن.. الطبيعة تقف عند مجرد التعبير عن العواطف.. لا تتعدى حدود البصر.. وبقية الحواس المجردة.. بينما الفن يوحى بالمعاني من بعيد.. يمزج حقائق الطبيعة بمعاني العقل.. يقلب أشيائها المألوفة رأسا على عقب.. لتكتسب بذلك بعدها الآخر.. بل لتتوالد أبعادها في النفس.. بكثافة الإيحاء.. وخصب الخيال.. وجمال ودقة التعبير.
وبذلك تخرج الأشياء المعبر عنها.. من جمود الطبيعة وسكونها.. الى خفق الخاطر وحرارة الوجدان.. ذلك أنها أصبحـت جزءا من النفـس : (ومضامين النفس لا يعبـر عنها.. بل يوحى بها فتصبح قريبة).. كما يقول برغسون. (وال بنغازي) س خ.