دمشق 16 أبريل 2023 (وال)- صدرت أخيرًا عن “دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع” في دمشق، طبعة جديدة من كتاب “حوادث دمشق اليوميّة من (1154هـ إلى 1176هـ)”، لشهاب الدين أحمد بن بدير الحلّاق؛ بتحقيق المؤرّخ والباحث في التراث العربي ـ الإسلامي الدكتور فارس أحمد العلاوي، في 528 صفحة. وكانت الطبعة الأولى منه صدرت في عام 1959م في القاهرة، بتحقيق أنجزه المؤرّخ المصري د. أحمد عزّت عبد الكريم، في 387 صفحة، لتتالى من بعدها صدور طبعات عدّة، بخاصة في دمشق، على أيدي محقّقين مختلفين، ومن تلك الطبعة الصادرة عن منشورات “الهيئة العامّة السورية للكتاب” في دمشق عام 2008م، التي قدّم لها وأعدّها وضبطها الأديب السوري الراحل خيري الذهبي، في 271 صفحة.
يستعرض هذا الكتاب الذي يُعدُّ المترجم: فارس أحمد العلاوي، من الكتب الهامّة التي أرّخت لمدينة دمشق في العهد العثماني. يشير العلاوي في مقدّمة كتابه إلى أنّ “مؤلّفه رجل من عامّة الناس، اتّخذ من الحلاقة مهنة يتكسب منها، وينفق على أسرته، لكن كونه كان يعمل حلّاقًا لا يعني أنّه كان رجلًا عاديًا، لقد كان فقيهًا ومتصوفًا، تلقى العلم من مجموعة كبيرة من علماء دمشق وشيوخ الطرق الصوفية فيها، ويأتي في مقدّمتهم الشيخ عبد الغني النابلسي، وابنه الشيخ إسماعيل النابلسي، وقد طلب منه عدد من معارفه أن يكتب ويسجّل الحوادث اليوميّة التي تقع في مدينة دمشق، فاستجاب لطلبهم، وسجّل حوادث 23 سنة، وهي تقع في المدة (1154هـ – 1176هـ)، سجّلها باللغة التي يستخدمها، وهي لغة تجمع بين العامّيّة والفصحى.
نقح الشيخ محمد سعيد القاسمي هذه اليوميّات، وهذبها، لكن التنقيح والتهذيب والتشذيب جعلنا أمام نصّ جديد بصياغة جديدة، غابت فيها شخصيّة ابن بدير الحلّاق، وحلّت محلّها شخصيّة القاسمي، وذلك لأنّ القاسمي حاول جاهدًا جعل المحتوى يتماشى مع أفكاره وتوجّهاته، وجعله قريبًا من اللغة العربية الفصحى، وقريبًا من اللغة التي كان يفهمها القارئ في عصره، ولذلك لم نرَ بين أيدينا ما كتبه ابن بدير الحلّاق، وإنّما وجدنا ما أعاد القاسمي صياغته”.
ويوضح العلاوي أنّه حصل مؤخرًا على نسخة مصورة عن مخطوط حوادث ابن بدير الموجود في “مكتبة تشستر بيتي” في أيرلندا، وهو ضمن مجموع رقمه 3551، و”قد قابلناها على نسخة مخطوط “المكتبة الظاهرية” من تنقيح القاسمي، وقابلناها أيضًا على مطبوع هذا التنقيح الذي تولى تحقيقه أحمد عزّت عبد الكريم.
كشفت المقابلة بينها أنّ القاسمي أحدث تغييرًا كبيرًا على كتاب ابن بدير، فأعاد بشكل عامّ صياغة الكتاب، وحذف وأضاف، وقدّم وأخّر، ومع أنّ غلاف المخطوط يذكر أنّ حوادث الكتاب تنتهي سنة 1176هـ، إلّا أنّ القاسمي يؤكّد أنّ حوادثه تنتهي سنة 1175هـ، وتابعه في ذلك كلُّ من كتب وتناول هذا الكتاب بالنقد والتحليل، ونحن نؤكّد أنّ حوادث ابن بدير اليوميّة تنتهي في سنة 1176هـ، وأنّ حذف القاسمي لسنة من سنوات الكتاب كان سببه عدم انتباهه إلى أنّه في المخطوط الأصلي قد تمّ دمج أحداث سنة 1172هـ مع أحداث سنة 1173هـ، ومما يؤكّد ذلك أن ابن بدير كان يذكر هلّة شهر محرم في كلّ سنة هجرية، لكنه لم يذكرها في بداية حوادث سنة 1173هـ، وبدأها بيوم السابع والعشرين من شهر محرم، وكانت حوادث السنة التي سبقتها”.(وال) ح م/ ر ت