درنة 14 سبتمبر 2023 (وال) –شهدت مدينة درنة وعدد من المدن بشرق البلاد، مرور منخفض جوي، مخلفا الأف الضحايا، والجرحى، والمفقودين، وأضرارا في الممتلكات، وكان لهذا المنخفض قصصا خلفت جروحا ومآسي للكثير من المواطنين.
-لحظات قبل الكارثة
روى أحد الناجين من سكان منطقة الجبيلة بدرنة، المواطن توفيق خليفة معصب اللحظات الصعبة، التي مروا بهل وعائلته قبل بدء حركة المنخفض الجوي في التحرك بشكل قوي، قائلا: قبل يوم واحد علمنا بقدوم العاصفة المتوسطية “دانيال”، وما أطلقته الحكومة من تحذيرات بشأن تلك العاصفة، فتوجهت بعائلتي لمنطقة شيحه، حيث يوجد منزل أهل زوجتي، وسألت رجال الأمن هل المنطقة المتواجدين بها (الجبيلة) يشملها التحذير؟
فكانت الإجابة لا، لأن الجميع حسب توقعاتهم أن جهة البحر أكثر جهة تشكل خطرا، وضرورة أخذ الحذر منها، وتناسوا مجرى الوادي والسد.
ويضيف: أثناء تواجدي بالمنطقة حتى المساء بدأت الاتصالات بالتذبذب، ثم أخذت العاصفة تتسارع وتشتد، فقررت الخروج من المنزل بسبب قوة هطول الأمطار، وحاولت استعمال مركبتي لكنها تعطلت.
-الصراع مع سيول الوادي
عند رجوعي وأخي إلى المنزل، تفاجأنا بدخول سيول الوادي علينا من الجهتين، وفي لحظات كانت المياه تملأ المكان، وأرتفع مستوى الماء، وأصبح أعلى من ارتفاع أسطح المنازل، وانقطعت الكهرباء، ولأني اجيد السباحة، وصلت لباب المنزل وواجهت صعوبة في فتحه.
ويضيف بأسف: كان أخي يعاني أكثر مني بسبب ارتفاع منسوب المياه، ولم أفكر وقتها إلا في النطق بالشهادة، وذكر الله، و ظننت أنها لحظاتي الأخيرة في الحياة، لكني سمعت بدوي صوت عالي، وكأنه صوت طائرة نفاثة، لأجد انهيار الحائط الذي يفصلني عن بيت جارنا الملاصق، نتيجة شدة وقوة تدفق مياه السيل، فدخلت على منزل جاري، لأرى جثثهم، حيث انتقلوا إلى رحمة الله جميعا.
بعد ذلك الانهيار قل منسوب المياه عندي، واستطعت أن افتح باب منزلي، وخرجت إلى الشارع وجدت جثث مرمية هنا وهناك في الشوارع.
-الجيش سهل عمليات النقل والانقاذ
يستمر قائلا: لم أجد نفسي إلا حافيا مجروح القدمين، اتخطى الجثث فخارت قواي، بسبب نزيف جرحي، حتى وصلت إلى سيارات الجيش الوطني، وفي تلك اللحظات غبت عن الوعي، وتم إسعافي، وشعرت أني قد وصلت إلى بر الأمان.بعد وصولي منطقة شيحه ذهبت إلى أبنائي، لأخذ قسط من الراحة، لكن الجيش أمر بإخلاء المنطقة، ورغم شعوري بالتعب الشديد، إلا أنني قاومت، وأخذت عائلتي وعائلة صهري، وتم نقلنا بسيارات الجيش إلى منطقة “المخيلي”، ثم إلى منطقة القبة بإحدى المدارس، ليأتي أهالي المنطقة ويقدموا لنا منزل، أقمنا به وكل من معي. (وال درنة).