بنغازي 23 سبتمبر 2023 (وال) – فور وقوع الكارثة وانهيار سدي مدينة درنة بسبب الإعصار دانيال وجرف السيل لأحياء سكنية كاملة ووفاة الآلاف من سكان المدن المتضررة.
سارعت المؤسسة الوطنية للنفط بتشكيل لجنة طوارئ برئاسة المهندس محمد بن شتوان للعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتقديم يد العون للمدن المتضررة بالجبل الأخضر ومباشرة بدأت اللجنة العمل على أرض الواقع وشكلت فرق ميدانية وأرسلت قوافل الإغاثة والمعدات للمدن المتضررة من الفيضانات.
ولتغطية أعمال لجنة الطوارئ التابعة للمؤسسة العربية للنفط، أجرت وكالة الأنباء الليبية حوارا مع بن شتوان عن التدابير التي اتخذتها المؤسسة لحماية مقراتها من إعصار دانيال .
قال: لا يسعني في البداية سوى الترحم على أرواح ضحايا السيول والفيضانات التي اجتاحت عدة مدن ومناطق بالجبل الأخضر ، أما بخصوص المقرات فقد اتخذت المؤسسة بعض الإجراءات الاحترازية قبل وصول الإعصار دانيال لتأمين وحماية مقرات الشركة والعاملين فيها و بعد ما حدث من انهيار سد درنة وجرف المدينة باتجاه البحر، شُكِّلت لجنة الطوارئ من قبل المؤسسة و كُلّفت برئاستها، ومنحتُ كافة الصلاحيات في التصرف وكنا في صراع مع الوقت من ليلة يوم الأحد الموافق للعاشر من سبتمبر، وقمنا بتجهيز شاحنات الإغاثة المحملة بكل ما يحتاجه المتضررون من فُرُش وبطاطين وأدوية وغيرها، وأيضا معدات تسهيل الطريق وشفط المياه وسيارات المطافئ والمعدات الثقيلة وكان التركيز عليها.
صعوبات
ويتابع في البداية كان العمل غير منظم ولا يوجد تنسيق على أرض الواقع لتحديد المهام، ولكن بعد وصول المستشفى الميداني لمؤسسة النفط من طرابلس وفيه واحد وعشرون طبيباً وباقي الفريق الميداني من جماعة الإنقاذ الذين نقلوا مباشرة إلى درنة وباقي المدن المتضررة، و قد واجهتنا صعوبة بسبب بعد المسافة بين المدن من سوسة والبيضاء وتاكنس ولاثرون، وإلى الآن لازلنا نعمل في منطقة لاثرون، وكان هناك مشكلة في الطريق المؤدي للمنطقة فهي غير ممهدة للأسف.
بالنسبة لمدينة درنة، يوضح بن شتوان: شكلنا فريقا في المدخل الشرقي وآخر في المدخل الغربي للمدينة، ولحل مشكلة الاتصالات المقطوعة وفرنا أجهزة الثريا وتوزيعها على الفرق الميدانية بسبب إنقطاع الاتصالات حينها وبالتواصل مع شركة مليتة وشركة المقرون تم توفير طائرات إسعاف وطائرة هليكوبتر وتم نقل الأطباء من الأبرق لمدينة سوسة وتشكلت مستشفيات ميدانية في سوسة وشحات ودرنة ولم يكن هناك إمكانية لتجهيز الطعام لهذه الفرق التي تعمل على الأرض لهذا تعاقدنا وبشكل سريع مع شركة الشواطئ الذهبية لتجهيز الوجبات اليومية للفرق وبلغ عددها 800 وجبة في اليوم وتكفل أهالي درنة بتوزيعها، و قد تنازل مدير الشركة مشكورا عن نصف القيمة تضامنا مع المتضررين.
تعاون مع الجهات الرسمية
وعن تعاون باقي الجهات التي تعمل على الأرض مع لجنة المؤسسة، قال: جميع الأجهزة متعاونة وقمنا بالتواصل مع الهلال الأحمر، وزودناهم بكل ما طلبوه من سيارات نقل وآلات شفط المياه، وأيضا كان هناك تعاون مع غرفة العمليات التابعة للقيادة، ووفرنا لهم احتياجاتهم، كما تواصلت معنا شركة الكهرباء وطلبوا بعض قطع الغيار ولوحات كهربائية لإعادة الإضاءة لمنطقة سوسة وزودناهم بمولدات كهرباء بقوة عالية من 1 ميجا إلى 350 ميجا لتشغيل المستشفى، وبعدد من المولدات الصغيرة الحجم ونقلناها إلى منطقة البياضة وغيرها من المناطق المتضررة ونحن نتعامل مع أناس أهل للثقة ومن خلال الزيارة الميدانية تأكدنا من ذلك .
توفير الوقود
وعن تنظيم عمل الفرق التابعة للجنة الأزمة المشكّلة من المؤسسة الوطنية للنفط، أضاف بن شتوان: قمنا بتشكيل لجان فرعية برئاسة الدكتور فؤاد بالرحيم رئيس مجلس إدارة شركة البريقة لتسويق النفط و قد كُلِّف بمتابعة الوقود والكهرباء، وقام بتوفير الوقود بنسبة 90% كما قام بتوزيع غاز الطهو مجاناً على المواطنين وتولت التوزيع شركة البريقة التي قامت بصيانة المحطات التي تعرضت للضرر حيث تم شفط المياه منها وإعادة تشغليها .
رصد ميزانية
وعن رصد ميزانية للجنة المؤسسة، أوضح في البداية لم يتوقع أحد حجم الكارثة التي ستحدث لتخصيص ميزانية للجنة، وعندما كُلِّفتُ بدأت أعمل على أرض الواقع وتنادت باقي فروع المؤسسة لدعم أعمال اللجنة بدون رصد ميزانية تذكر، لأن الوضع لا يحتمل التأخير، وقد وصلتنا بضائع يقدر ثمنها بالملايين ولم ندفع قرشا واحدا ثمناً لها .
وتابع أن شركة رأس الانوف أرسلت معدات إغاثة كاملة وهم من قاموا بشرائها والآن نحن بصدد حصر هذه المواد بغرض تحديد قيمتها المادية، ومنذ أول يوم من تشكيل اللجنة رُصِدت قيمة مالية كعهدة لتسهيل بعض الأمور وهي مبالغ ليست بالكبيرة، ولا يمكن تحديد تكاليف اللجنة حاليا ولكننا نعمل على توثيقها وقام الأستاذ عبد العزيز قدربوه بجمع البيانات لمعرفة ماذا قدمت كل شركة؟ لافتًا أنه تم تدشين مخازن موجودة في درنة وشحات والأبرق لتوزيع المعونات على الناس بالمدن المتضررة.
مشاركة الفرق الدولية
وعن مشاركة اللجنة في أعمال الإنقاذ وانتشال الجثث، قال: إن الفرق الدولية التابعة لنا تعمل تحت إشرافنا مثل شركة “إيني” الإيطالية، والتي أرسلت باخرة رست في ميناء درنة و هي أول باخرة وصلت للميناء و كانت قادمة من طرابلس، وفي البداية كانت هناك صعوبة في الدخول للميناء، ولكن بالتعاون مع العاملين في شركة مليته تم تذليل الصعاب وتحديد أعماق الأرصفة ودخلت السفينة بسلام .
وأوضح أن فريق اللجنة تمكن من تفريغ الشحنة لأول سفينة، وبعدها وصلت باخرة من “ايني” ونحن حاليًا في انتظار وصول باخرة أخرى، مشيرًا إلى أنه نظرا لتكدس الأدوية نحتاج لأماكن خاصة لتخزينها لذا قمنا بنقلها لمخازننا بمدينة طبرق ولدينا مخازن في بنغازي وأخرى في طرابلس .
وتابع، تواصلنا مع مكتب الإمداد الطبي لإيصال الأدوية لكل المواطنين وعملنا كان بديلا لوزارة الصحة، وإدارة بشكل مؤقت، وحاليًا نعمل على تجهيز سلات غذائية للنازحين وسوف تتولى توزيعها فرق الكشافة والهلال الأحمر.
تجهيز أماكن للنازحين
كشف بن شتوان أن المؤسسة لا تمتلك مباني تستوعب النازحين، أما موظفو الشركة القادمون من خارج بنغازي نقوم بتسكينهم في فنادق، و تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة الوطنية للنفط وفروعها وشركاءها ليست متخصصة في الإغاثة، ولا نملك الخبرة ولكن الظروف هي من جعلتنا نعمل من أجل تخفيف معاناة أهلنا في مدن الجبل الأخضر، ولا أستطيع استلام عمل فوق قدرة المؤسسة أو إمكانياتها ، نحن تكفلنا بالمرحلة الأولى للكارثة من إغاثة، والمرحلة الثانية من عمل اللجنة كانت تعقيم وتطهير المناطق المتضررة، وقمنا بتوفير مواد عالية التركيز ولكن مرحلة تسكين المتضررين واستيعابهم ليست من اختصاص المؤسسة .
تعويض المتضررين
وبشأن التدابير التي اتخذتها المؤسسة بخصوص تعويض المتضررين وتخفيف المعاناة على أهالي درنة، أفاد بن شنوان نحن في أزمة دولية لا تستطيع الدولة ولا الحكومة حلحلتها ومن البداية طالبت بالمساعدات الدولية ليس لإعادة الأعمار فقط بل لتقديم الخدمات للناس المتضررة، وكان هناك تصور مع شركائنا لتوفير مدارس ومستشفيات متنقلة ومبان جاهزة وتحديد فضاء لها، وليس بنقل النازحين لمدن أخرى بعيدة، وكل هذه التصورات تحتاج لموافقة الدولة وفي حال طلب منا المساعدة نحن مستعدون لتقديم كل ما نستطيع تقديمه، وهناك بعض المشاريع الإسكانية شبه الجاهزة وعددها كبير يمكن استغلالها لتسكين النازحين بشكل مؤقت كل هذه مقترحات وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف معاناة الناس .
مقترحات
وفي إجابة عن سؤال المراسلة بخصوص مقترح للخروج من أزمة إعصار دانيال، أوضح بن شتوان “نحن لدينا شركاء قدموا الكثير ونشكرهم على وقوفهم معنا ونستطيع التنسيق معهم لصيانة أو إعادة تشغيل بعض الجهات التي تضررت بشكل كبير من السيول مثل محطة سوسة لتحلية المياه أو صيانة وتشغيل محطة كهرباء درنة ولا نريد منهم تبرعات عينية بل إعادة إحياء ما تضرر من الإعصار، وكل هذه مقترحات وأفكار قابلة للتنفيذ في حال تبنتها الدولة . (وال – بنغازي) حاورته : هدى العبدلي