درنة 09 نوفمبر 2023 (الأنباء الليبية) – تعرضت المدينة القديمة التاريخية في درنة إلى أضرار كبيرة بفعل السيول والفيضانات الناجمة عن إعصار (دانيال) الذي ضرب منطقة الجبل الأخضر في سبتمبر الماضي وكانت شدة ضراوته في مدينة درنة حيث تسبب في انهيار سدي المدينة وخلف خسائر بشرية بالآلاف بين شهيد ومفقود.
ولاحظ مراسل صحيفة الأنباء الليبية أن أضرارا كبيرة لحقت بالمدينة القديمة والمعالم والمباني التاريخية المبنية على وادي درنة والتي أضحى بعضها أثرا بعد عين ومن أهم هذه المعالم، سوق الظلام ، القاصة الحمراء، سوق الخرازة، سوق الخضرة، وكالة الحصادى، الأزقة الشرقية، المسجد العتيق، الكنيسة الكاتدرائية، كنيسة اليهودي، زنقة اليهود، وغيرها من المباني والأزقة التي كان يروي فيها كل حجر حقبة تاريخيه مرت بها المدينة والحضارات المتعاقبة عليها منها العهد الروماني، الفتوحات الإسلامية، هجرة القبائل من الأندلس إلى شمال أفريقيا، العهد العثماني وحقبة الاحتلال الإيطالي.
وتركت هذه الحضارات بصمة تاريخيه في المدينة القديمة تمثلت في حجارة ونقوش ورسومات غير أن جزء كبيرًا منها دُمر جراء الحرب على الإرهاب في المدينة والجزء المتبقي جرفته الفيضانات والسيول التي ضربت المدينة بالكامل.
المدن التاريخية
وأوضح مدير جهاز المدن التاريخية في درنه، هيثم المنصوري، في تصريح لصحيفة الأنباء الليبية أن مباني المدينة القديمة لم يتبق أي شيء منها يمكن ترميمه لأنها مُسحت بالكامل وتحتاج اليوم إلى إعادة بناء من جديد بنفس المخططات ونفس التصميم وفق الدراسات الموجودة.
وأضاف أنه فيما يتعلق بالمعالم التاريخية خارج المدينة القديمة تُوجد عدة مباني هامة تحتاج إلى تدخل بشكل عاجل لترميمها وصيانتها وتأهيلها مثل قصر الزهور المعروف بمكتبة (الملك إدريس) والبريد الإيطالي القديم، ومدرسة الزهور التي بنيت عام 1935 في حقبة الاحتلال الإيطالي ومسجد الرشيد.
وأكد المنصوري أن مهندسي جهاز إدارة المدن التاريخية أعدوا خطة كاملة لإعادة المدينة القديمة والمعالم التاريخية إلى سابق عهدها بنفس الشكل والمضمون نظرا لكونها تمثل الهوية المكانية لمدينة درنة مشددا على أهمية الحفاظ عليها بنفس المواصفات وإعادة الصبغة التاريخية لها من جديد.
الممتلكات الثقافية
وقال إن الجهاز مسؤول قانونيا على استعادة هذه المدن التاريخية، مشيرا في الخصوص إلى عقد الجهاز عدة اجتماعات مع منظمات دولية منها برنامج الأمم المتحدة الانمائي في ليبيا، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية، ومنظمة حماية التراث وبناء السلام، التي أبدت جميعها استعدادها التام لمد يد العون لاستعادة هذه المباني التاريخية والثقافية وتقديم منح لإعادة بناء أهم المعالم التاريخية في منطقة الجبل الأخضر خاصة المدن الأثرية في شحات.
وأعلن مدير جهاز المدن التاريخية عن وضع خطط تدريبية منها تدريب كادر جهاز المدن التاريخية على استعادة المباني القديمة بالمدينة على خلفية الأضرار التي سببتها كارثة إعصار (دانيال) التي لم يسبق أن شهدتها المدن الليبية، وكيفية التعامل مع مثل هذه الكوارث من أجل رفع جاهزية الجهاز لتمكينه من الإشراف على الشركات المختصة في إعادة بناء المدن القديمة.
مواجهة الأضرار
ومن جهته أعلن مراقب آثار شحات، عادل بوفجرة عن حاجة المراقبة إلي دعم لتوفير الإمكانيات الضرورية لمواجهة الأضرار التي ألحقتها السيول والفيضانات بالمعالم الأثرية والتاريخية بشكل عام مشيرا إلى أن مصلحة الآثار أيضا تفتقر إلى الإمكانيات والمخصصات المالية لاقتناء المعدات الخاصة بالأعمال الميدانية منها رافعات وآلات جرف أصغر حجما ومركبات للنقل.
وشدد على أهمية الآثار في ليبيا كموروث حضاري غني جدا يمكن استغلاله في تنويع مصادر الدخل من خلال ترقية القطاع السياحي غير أنه أشار إلى أن الدولة الليبية ما زالت لم تعر الاهتمام الكافي إلى هذا الموروث العريق.
قلة الإمكانيات
وكشف بوفجرة أن آثار شحات موجودة في قائمة الخطر في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بسبب ضعف أعمال الترميم السابقة والخاطئة، ومشكلة الزحف العمراني، وما الأضرار التي خلفها إعصار (دانيال)، وقلة الإمكانيات لدر الأجهزة المختصة.
وأعلن بوفجرة بالمناسبة عن اكتشاف موقع أثري مميز داخل المنطقة الأثرية شحات قائم على شكل متدرج من 2 إلى 6 متر بشكل منحني وهو عباره عن قناة مياه رومانية جزء منها له ألحاد مائل وجزء آخر منحوت في الجبل مؤكدا أن هذه القناة فريدة من نوعها وقيمة استثنائية تزيد مدينة قورينا قوة في منظمة اليونسكو وقد تخرجها من منطقة الخطر.
إقفال المدينة الأثرية شحات
وقال بوفجرة إن إعصار (دانيال) ألحق أضرارا كبيرة بالمدينة الأثرية شحات منها جرف الحجارة ودخولها داخل الحمامات الرومانية، مشيرًا إلى أن المنطقة الأثرية مقفلة حاليا وتحتاج إلى تنظيف وإعادة تأهيل.
وكشف أن مجموعة من مدرجات المسرح الروماني انهارت بعد مرور خمسة أيام من العاصفة الهوجاء قبل أن يشير إلى أن الكثير من المعالم تحتاج إلى إعادة تفكيك وترميم بالكامل وبشكل صحيح.
كما كشف أن نبع عين أبولو غمرته مياه الصرف الصحي عن طريق وادي بن غدير المحاذي له من الجهة الشرقية واختلطت مياه الصرف الصحي مع مياه النبع وتسببت في كارثة بيئية إلا أنه تمت معالجتها، بحسب قوله، عن طريق التعاون مع بلدية شحات وشفط المياه العادمة وحل هذه المشكلة.
وحذر مراقب آثار شحات في ختام تصريحه من احتمال انهيار بعض المعالم الأثرية مبينا أن التقييم النهائي صعب جدا وغير منطقي في هذه المرحلة ولا يُمكن إعطاء نتيجة نهائية قبل مرور مدة ليست بالقصيرة لاعتبارات عدة منها عوامل الجو وتقلباته. (الأنباء الليبية – بنغازي) تقرير / بشري الخفيفي