الخرطوم 21 ديسمبر 2023 (الأنباء الليبية) _ فشلت كافة المساعي الدولية والعربية لوقف الحرب الدائرة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي، وزاد من عمق الأزمة تراجعها في حسابات الأطراف الدولية التي اتجه تركيزها منذ السابع من أكتوبر الماضي نحو أزمة قطاع غزة بعد عدوان الكيان الصهيوني على أهالي القطاع لإجبارهم على النزوح من أراضيهم. ويتوقع مراقبون إطالة أمد الحرب في السودان لعدم قدرة أي من الطرفين على الحسم العسكري.
آلاف الضحايا
وبحسب تقارير دولية، أودت الحرب في السودان بآلاف الضحايا ما بين قتيل ومصاب، كما تسببت في نزوح ولجوء ما لا يقل عن 3 ملايين من العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، باتجاه ولايات أكثر أمنا ودول الجوار.
كما أسفرت عن مأساة إنسانية غير مسبوقة إزاء الأوضاع الاقتصادية الصعبة للغاية وتهدم البنية التحتية لمؤسسات الدولة، وقالت منظمة دولية أن نحو 24 مليون شخص – نصف سكان البلاد- في حاجة إلى الغذاء ومساعدات أخرى. وتعيش أغلب المناطق تحت نيران القصف اليومي خاصة العاصمة الخرطوم وجنوب كردفان ومناطق غرب دارفور حيث مزقتها أعمال العنف.
ووفقا لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح مئات الآلاف، وتعرضت المرافق الصحية للهجمات، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود والمواد الأساسية الأخرى بشكل هائل.
وأشارت إلى أن القتال تسبب في حالة طوارئ إنسانية داخل السودان وفي البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر، حيث تفر أعداد كبيرة من السكان بحثاً عن ملاذ آمن.
تداعيات وخيمة
وحذرت المنظمة من أن عدم التوصل إلى حل سريع وسلمي، سيؤدي لتداعيات وخيمة على السودان والمنطقة الأوسع نطاقاً، وكلاهما كانا يصارعان من أجل التعامل مع النزوح الجماعي والأزمة الاقتصادية والكوارث المناخية حتى قبل اندلاع الأزمة الأخيرة.
كما حذرت هيئات صحية من أن يؤدي القتال الدائر حاليا في وسط البلاد، إلى انهيار كامل وخطير في المنظومة الصحية بعد خروج أكثر من 90 % من مستشفيات العاصمة الخرطوم عن الخدمة بعد اندلاع القتال.
بدوره، أوقف “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة، المساعدات التي يقدمها في بعض أجزاء ولاية الجزيرة السودانية، حيث كان يدعم أكثر من 800 ألف شخص، بينما تنتشر أعمال القتال.
ونقلت وكالة “بلومبرج” للأنباء عن “برنامج الأغذية العالمي” قوله في بيان تم إن هناك نحو 300 ألف شخص فروا من الجزيرة منذ 15 من ديسمبر الجاري عندما اندلعت الاشتباكات.
وأضاف البيان أن “أعمال القتال المستمرة تجعل من الصعب للغاية على الوكالات الإنسانية تقديم المساعدات بأمان، ولاسيما في ظل تزايد أعداد الأشخاص الذين يتنقلون ويفرون خوفا على حياتهم”.
وقالت الأمم المتحدة: إن ما لا يقل عن ربع مليون شخص فروا بعيدا عن أماكن إقامتهم في الأيام القليلة الماضية، بسبب الاشتباكات بين قوات الجيش، وقوات الدعم السريع، في مدينة ود مدني جنوبي العاصمة الخرطوم.
وتحاول الأمم المتحدة إيصال المساعدات إلى 18 مليون سوداني، لكن 93 من شركائها في المجال الإنساني تمكنوا من الوصول إلى 2.5 مليون فقط بين أبريل ويونيو بسبب القتال العنيف والصعوبات في الوصول إلى المحتاجين.
وقالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة، اليونيسيف إن الحرب في السودان تسببت حتى الآن في نزوح أكثر من 3.5 مليون طفل مع أسرهم، ليصبحوا بلا مأوى، ما يجعلها أسوأ أزمة لتشريد الأطفال في العالم بأسره.
مواجهات ضارية
على الصعيد الميداني، أعلنت قوات الدعم السريع، أنها دخلت مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، حيث أكد شهود وجود القوات وتحدثوا عن إطلاق نار داخل المدينة الواقعة جنوب شرقي العاصمة الخرطوم. وقالت الدعم السريع في مقاطع فيديو إنها تمكنت من دخول عاصمة ولاية الجزيرة.
وأعلنت “الدعم السريع” سيطرتها على اللواء الأول مشاة التابع للجيش السوداني بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد. وشهدت الأيام الماضية احتدام للمعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدد من مدن ومناطق ولاية الجزيرة في وسط السودان.
وأجج القتال حول مدينة ود مدني موجة جديدة من النزوح وسط أوضاع إنسانية مأساوية، ومخارج محدودة من المدينة، إذ بات السبيل الوحيد للفرار منها هو الاتجاه الجنوبي.
وفي أعقاب اندلاع القتال في الخرطوم في منتصف أبريل، شكلت مدينة ود مدني والمناطق المحيطة بها أهم ملاذات إيواء الفارين من القتال في الخرطوم، ويقدر عدد من نزحوا اليها خلال الأشهر الثمانية الماضية بنحو 3 ملايين.
وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن نحو 15 ألف شخص فروا من المنطقة وتوجهوا إلى مناطق أخرى مع دخول القتال يومه الثالث.
وأدانت دول ومجموعات حقوقية وسياسية التوسع في رقعة القتال، وحذرت من تأثير ذلك على المدنيين.
وحذرت الخارجية الأمريكية قوات الدعم السريع من التوغل داخل مدينة ود مدني، وقالت إن الخطوة من شأنها أن تفاقم معاناة السكان والنازحين الذين يعيشون أصلا في أوضاع قاسية.
وارتفعت وتيرة المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وامتدت إلى خمس ولايات هي ( الخرطوم والجزيرة وكردفان وولايتي غرب وجنوب دارفور)، وفتحت قوات الدعم جبهات قتال عديدة بهدف توسيع نطاق المواجهة وإرهاق الجيش وتشتيت جهوده على أكثر من محور. وتشهد مدن (أم درمان والخرطوم والخرطوم البحري) غارات جوية وقصف مدفعي ومعارك ضارية بين طرفي الصراع .
وطرحت القوى السياسية والمدنية والأهلية مبادرة، قامت على ضرورة تكوين مظلة لآلية تضم الشركاء الإقليمين مثل: (جامعة الدول العربية، الاتحاد الأفريقي، الإيجاد، الأمم المتحدة)، بغرض بذل مزيد من الجهود لتسوية إنهاء الحرب، منعًا لأي تدخلات خارجية، وتعقد الأزمة الحالية.
كما قالت منظمة التنمية في إفريقيا “إيغاد” التي وضعت خارطة طريق في قمة عقدتها مطلع ديسمبر الجاري وتضمنت 6 نقاط للحل، إنها شكلت لجنة اتصال لتسريع مخرجات القمة التي وجدت قبولا دوليا واسعا، وحصلت على تعهد من قائدي الجيش والدعم السريع بلقاء مباشر بينهما، من أجل العودة لطاولة التفاوض من خلال منبر جدة الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة.
واندلعت الأزمة في السودان، بعد محاولة قوات الدعم السريع الاستيلاء على قاعدة جوية للجيش في مروي، وإعلان القوات المسلحة السودانية في بيان أذاعه الناطق الرسمي باسمها، يوم 13 أبريل 2023، أشار فيه إلى تحركات قوات الدعم السريع وانتشارها في مناطق عدة من العاصمة، من دون موافقة القوات المسلحة السودانية أو حتى التنسيق معها. (الأنباء _ الأنباء الليبية) هــ ع