طرابلس 30 ديسمبر 2023 (الأنباء الليبية) -جددت الاعتراضات التي أبدتها عدد من الجهات الرقابية والتنفيذية، الحديث حول تعاقدات إنتاج النفط والغاز في البلاد، حيث تثار بين الحين والآخر اتهامات لعدد من الشركات الأجنبية العاملة في البلاد، باستغلالها للأوضاع السياسية في البلاد، وفرض شروط مجحفة على الدولة الليبية في أعمال إنتاج وتصدير النفط الليبي للخارج.
آخر الاعتراضات أثارتها وزارة النفط والغاز التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، ضد ما أعلنته المؤسسة الوطنية للنفط، عن عزمها التعاقد مع ائتلاف شركات أجنبية للعمل في حقل “الحمادة” النفطي، إذ كان الاتفاق على أن يتم بين الوطنية للنفط وشركات «أدنوك» الإمارتية و«إيني» الإيطالية، و«توتال» الفرنسية على تطوير حقل «م ن7 أ» الواقع بالحمادة الحمراء، مقابل (40%) من المستخرج، وهو ما رأته وزارة النفط إجحافا بالحقوق الليبية، واعتداء على الثروات الليبية.
-وزارة النفط تكشف
أصدرت مؤخرا وزارة النفط والغاز، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، بيانا ثمنت فيه مواقف عدد من الجهات السيادية والرسمية بالدولة الليبية (التشريعية والتنفيذية والقانونية والرقابية والمحاسبية)، لرفضها الاتفاق مع ائتلاف الشركات الأجنبية، مشيرة إلى أنها ترحب بما أصدره هؤلاء من قرارات أو تعليمات أو بيانات رافضة ومعارضة لإعتزام المؤسسة الوطنية للنفط التعاقد مع إئتلاف شركات: (الإيني الإيطالية) و (الأدنوك الإماراتية) و (توتال الفرنسية) والموافقة على منحهم حصة 40% من إنتاج الحقل (م ن7 أ) الواقع بالحمادة الحمراء .
وقالت الوزارة، إنها ترحب بما صدر من بيانات استنكار وشجب عن كثير من الليبيين الوطنيين الغيورين على ثروة بلادهم، الذين لم ولن يرضوا بالتفريط فيها، لتبقى مصانة لأهالي الوطن وللأجيال القادمة، ونخص بالإشادة منهم أهل الخبرة والدراية من الشخصيات النفطية وما أوردوه من آراء ومقترحات بالخصوص.
وأكد الوزارة في بيان لها أن منذ الساعات الأولى لصدور خبر التفاوض قد تنبهت للأخطار والمساوئ التي ستنجم عن هذا الاتفاق، فبكّرت بتنبيه غيرها، كما أنها خاطبت وراسلت كثير من الجهات وأولها المؤسسة الوطنية للنفط وباقي الجهات التشريعية والتنفيذية والرقابية والمحاسبية، “البرلمان الليبي، وحكومة الوحدة الوطنية، وديوان المحاسبة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والمستشار النائب العام”.
-الاتفاقيات من اختصاص الوزارة
وأوضحت أن النظر في مثل هذه الاتفاقيات من صميم اختصاص وزارة النفط والغاز بصريح نص القانون رقم 25 لسنة 1955، وفي اسوأ الاحتمالات تعتبر هذه الحصة وبجميع المقاييس، مرتفعة جداً وغير مسبوقة مقارنة بالحصص المعمول بها في ليبيا حاليا.
كما أنها تعد حصة مخلة بتوازن العقود النفطية في ليبيا، مخالفة للترتيبات التعاقدية النفطية المعمول بها في دولة ليبيا، كذلك المخالفة البينة في عدم الحصول على موافقة وزارة النفط والغاز ولا الحكومة على التفاوض الأحادي قبل مباشرته.
وأكدت الوزارة أنه كان يمكن للمؤسسة الوطنية للنفط الحصول على حصة أعلى في الإنتاج لو عرضت هذا الحقل في عطاء دولي مفتوح وشفاف، ولكان أفضل اختبار لقبولية الشركات العالمية العمل في ليبيا.
وشددت الوزارة على أنها سبق وأن حذرت من خطورة مثل هذه التعاقدات، وأنها قد تفتح الباب لبقية الشركات النفطية الأخرى للمطالبة بتعديل عقودها ومنحها حصص أوفر، أو مساوية لما هو مخطط لمنحه لهذا الائتلاف، وهذا ما حصل فعلياً حين تقدمت شركتي “توتال وكونكوفيلبيس” طالبة تعديل العقود المبرمة معهم.
-تطوير الاكتشافات النفطية
وقال الوزارة إنها ترى أنه من الواجب أن تطور الدولة الليبية هذا الاكتشاف بالمشاركة مع مؤسسات مالية ليبية أو عن طريق الاقتراض، كما تنوه إلى الحقيقة الفنية أن تطوير هذا الحقل سهل وغير معقد، حيث تمر بجواره خطوط نفط وغاز ومكثفات غازية يمكن الربط عليها بسرعة.
وجددت الوزارة المطالبة بالعودة عن هذا الاتفاق، والعمل بما جاء في توجيهات الجهات الرقابية والقضائية، والأخذ بما قدمته الوزارة في هذا الشأن من رأي فني وطني ملتزم محكم صادر عن خبرة ودراية.
-استغلال الأوضاع السياسية في البلاد
في وقت سابق قال وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية “محمد عون”، إن الشركات الدولية العاملة في القطاع النفطي تستغل الأوضاع السياسية في البلاد لصالحها من خلال الحصول على نسب أكبر في التعاقدات التي تجريها مع الجانب الليبي.
وأضاف في حوار أجراه مع منصة “الطاقة” أن شركات مثل “توتال إنرجي الفرنسية، و(TotalEnergies) وكونوكو فيليبس” الأميركية تقدمتا لتعديل شروط الاتفاقيات مع الدولة الليبية، على أساس أنها ستطور من الاكتشافات النفطية لكن ذلك لم يحدث، وما حدث أن الشركات رفعت من حصتها التي تتحصل عليها من النفط الليبي دون أن تلتزم بشروط التطوير التي نص عليها الاتفاق.
وأوضح أن شركة “كونوكو فيليبس”، اتفقت على هذا التطوير منذ عام 2006، وإلى الآن لم تُطوّر، بينما شركة توتال حصلت على حصة نفطية كبيرة في عام 2019، وتعهدت حينها بتطوير الاكتشافات التي تديرها شركة الواحة الليبية لكن هذا لم يحدث أيضا.
ووصف الوزير هذه الممارسات باستغلال الشركات للأوضاع السياسية في البلاد، والاستفادة من ضعف الدولة الليبية في الوقت الحالي لتحقيق أكبر منافع ممكنة.
وأكد أنه اعترض على شروط التعاقد مع هذه الشركات، لأن المؤسسات الليبية نجحت منذ عامي (2007 و2008) في وضع تصور وأسس لقضية التعاقدات وأنجزت منذ ذلك التاريخ تعاقدات مميزات، وكانت الشركات الإيطالية والأوروبية جزء منها، لكن الأمر اختلف بعد 2011.
وتابع أن الشركات زادت خلال الفترة الماضية في حصتها من المستخرج النفطي، ولم تفي بتعهداتها في تطوير المواقع المكتشفة منذ السبعينيات، أي منذ أكثر من 30 عامًا، لافتا إلى أنه كان من المفترض، تطوير هذه المواقع أو إعادتها إلى المؤسسة الوطنية للنفط، ولكن هذا لم يحدث.
-مجلس الدولة على خطى الرفض
في سياق متصل قالت كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلي للدولة، إنها ترفض مفاوضات المؤسسة الوطنية للنفط مع ائتلاف شركات أجنبية، بشأن تطوير حقل الحمادة النفطي.
-النفط مقابل البقاء
قالت الكتلة في بيان لها إن ارتهان عقود النفط والغاز لدول بعينها يُمثل تهديدًا خطيرًا لأمن الطاقة الليبي، لا يقل تهديدًا عن الاحتلال الأجنبي.
وحذرت الكتلة من مغبة دبلوماسية النفط مقابل البقاء، مؤكدة أنها ترفض التلاعب بعقود النفط والغاز واستخدامها كسلعة سياسية وعائلية.
وأشارت إلى أن محاولة بعض الدول استغلال الوضع السياسي في ليبيا لتوسيع نفوذها في قطاع النفط الليبي، سيكون له عواقب وخيمة، ولن يمر دون حساب.
ودعت الكتلة الأجهزة الرقابية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية موارد الليبيين من التهديدات المتصاعدة وغير المسبوقة.( الأنباء الليبية طرابلس) س خ.