إعداد / هدى الشيخي
لا شك أن التلاعب بمواصفات المنتجات يعد من الظواهر العالمية التي تؤثر بشكل سلبي على اقتصاديات الدول وأمن وسلامة المستهلك وانتهاك جسيم لعلامات تجارية يكبد أصحابها خسائر فادحة.
لقد شهد العام 2023 ارتفاع في عدد بلاغات المتضررين من الغش التجاري في ليبيا بحسب ما أفادت به وحدة التحقيق المختصة لمراسلة صحيفة الأبناء الليبية التي تابعت الظاهرة لكشف خفاياها ما يدور فيها ضمن سلسلة من التقارير الصحفية التي تهدف توعية وحماية المستهلك والسوق المحلي من الغش التجاري.
التلاعب بالمنتجات بالسوق المحلي
وبدأ تتبع خيوط القضية من خلال لقاء مراسلة الصحيفة مع الناطق الرسمي لجهاز الحرس البلدي فرع بنغازي، المقدم ” صلاح الساحلي” الذي أوضح أن وحدة التحقيق المركزي وغرف الحرس البلدي تتلقى كثير من البلاغات والشكاوى عن الغش التجاري والتي ترد من أصحاب العلامات التجارية أو الوكلاء والموزعين المعتمدين للمنتجات المختلفة.
وأضاف أن البلاغات تكشف عن تداول منتجات بنفس الاسم أو العلامة التجارية داخل السوق المحلي، وأشار أن جهاز الحرس البلدي يقوم بالتحري ومتابعة البلاغ ويباشر باتخاذ الإجراءات القانونية المتمثلة في سحب المنتجات المغشوشة من السوق والتحري عن مصدرها وإحالة الإجراءات للنيابة العامة.
وأكد ” الساحلي ” أن الغش التجاري والتلاعب بالمنتجات داخل السوق المحلي يحدث في السلع الغذائية والأدوية، والملابس والأحذية، واللحوم المجمدة، والدواجن المجمدة التي يتم بيعها للمستهلك في شكل لحوم محلية المنشأ.
اقتصاد الظل مظلة للغش التجاري
من جانبه قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي ” علي الشريف ” لصحيفة الأنباء الليبية أن ظاهرة الغش التجاري تفشت وانتشرت في المجتمع بسبب انتشار الاقتصاد الموازي غير الرسمي وهو ما يعرف باقتصاد الظل.
وأضاف: أكثر من 70 % من الاقتصاد المحلي هو اقتصاد غير رسمي (اقتصاد ظل)، والكثير من الأنشطة التجارية يتم ممارستها دون أي تراخيص أو متابعة قانونية أو علامة للجودة، ونوه أن غياب المعايير والضوابط ساهم بشكل كبير في تفشي ظاهرة الغش التجاري.
ووصف الخبير الاقتصادي – السوق الليبي بأنه سوق صغير ليس له تأثير كبير على المنتجين الكبار و لكن قد يساهم في الإساءة لمنتجاتهم وبالتالي يتوجب عليهم اخذ التدابير الوقائية التي تحول دون تزييف العلامات التجارية أو تزويرها عبر تكثيفهم للدعاية والإعلان خاصة وتوعية المستهلكين الذين قد ينجذبون لمنتجات مغشوشة بسبب أسعارها المنخفضة مقارنة بأسعار المنتجات الاصلية.
وأشار ” الشريف ” أن المنتجات الغذائية المغشوشة قد تكون من مسببات ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية بين المواطنين.
الحماية الجنائية للمستهلك
ووصفت المستشارة القانونية الدكتورة ” إیمان صالح علاق” – في بحثها حول مظاهر الحماية الجنائية لمستهلك المواد الغذائية – أن الغش التجاري يشمل كل تغيير أو تعديل يقع على التكوين الطبيعي للسلعة المعدة للبيع وينال من خواصها الأساسية ويخفي عيوبها، ويعطيها مظهر سلعة أخرى تختلف عنها كلياً، وذلك بغرض الاستفادة من الخواص المسلوبة منها، والحصـول على فارق السعر.
وتعد جريمة الغش من الجرائم العمدية التي ترتكب عن علم وإرادة، أي العلم بـالغش وإرادة تعمد إدخاله على المشتري، وقد قرر لها المشرع عقوبة السجن مدة لا تقـل عـن خمس سنوات المادة (306) والسجن المؤبد إذا مات شخص واحد، والإعدام إذا مات أكثر من شخص واحد وبالحبس مدة لا تزيد عن سنتين في المادة (307) والحـبس مـدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وغرامه لا تتجاوز مائة دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين في جريمة غش الأغذية أو الألبان (المادة 138 من القانون الصحي) .
ويظل السؤال الذي يتكرر دائماً في أذهان المستهلكين .. ما دور الأجهزة الأمنية والرقابية وأمن المنافذ الحدودية في الحد من المنتجات المقلدة الموردة من الخارج أو المصنعة محليا.
وكيف يمكن تقدير الأضرار التي تلحق بالمستهلكين وبأصحاب العلامات التجارية.
وأين دور جمعية حماية المستهلك من كل ذلك. (الأنباء الليبية)