تقرير / هدى الشيخي – تصوير / وليد الحفار
عند متابعتنا لسلوك المستهلكين أثناء تجوالهم في الأسواق الكبيرة وجدنا أن قيامهم بتعبئة عربات التسوق قد يرجع لحاجتهم الماسة لسلع معينة ضرورية واساسية أو يكون بسبب تخفيضات في الأسعار تعرضها تلك الأسواق فترة زمنية محدودة.
ولكن من منا لم يكتشف أن طعم بعض السلع الغذائية على سبيل المثال لم يعد مستساغ، وكأن مواصفاته قد شابها تغيير، أو مسحوق تنظيف لم يكن بنفس الفاعلية التي عهدناها به، أو تناول عقار طبيا لم يجدى نفعاً ولم يساهم في تخفيف الألم .
لا زالنا نبحث و نزيح اللثام عن الحقائق المفجعة بين طيات ملف الغش التجاري و ما يشكله من خطر على صحة المستهلك و تهديداً للأمن الغذائي والدوائي للمجتمع، وسنسرد في هذا الجانب قصة أحد التجار والذي يعد في نفس الوقت أحد المتضررين من الغش التجاري .
تقليد العلامات التجارية والتلاعب في جودة المكونات
يقول رئيس مجلس ادارة شركة عكاظ للتجارة والتسويق – محمد الجازوي بصفته أحد التجار المتضررين من ظاهرة الغش التجاري : وردت الينا في الشركة عدة شكاوي من المستهلكين عن انخفاض مستوى جودة في منتجات الفول و التن و الجبنة “جبنتي “، وعندما تتبعنا الشكاوى اكتشفنا وجود منتج مقلد بنفس العبوة والعلامة التجارية ويتم بيعه في السوق بسعر أقل من سعرنا بنسبة 25% .
وأوضح ” الجازوي ” لصحيفة الأنباء الليبية أن الفرق بين العلبة الاصلية والمقلدة هو أن الأولى تتضمن بيانات الشركة المستوردة والقيمة الغذائية والمنشأ والصلاحية، أما العلبة الثانية المقلدة فلا تتضمن البيانات التي يفترض أن تكون موجودة.
وأضاف ” الجازوي ” : قمنا بتبليغ الجهات الأمنية المختصة وجهاز الحرس البلدي ببنغازي و اتضح ان تلك المنتجات المقلدة والمغشوشة تتسرب للسوق المحلي عن طريق التهريب.
ولم يتوقف ” الجازوي” عند حدود التبليغ عن وجود منتج مقلد لعلامة تجارية هو وكيلها في ليبيا، واتجه للبحث والتحري عن مصدر تقليدها خارج البلاد ، وقال : سافرت الى تايلند و التقيت عن طريق احدهم بالوسيط في بانكوك و اقنعته برغبتي في تقليد أحد السلع الغذائية ذات العلامة التجارية الموثوقة لدى المستهلك الليبي و بالفعل اخذني الى المعمل الذي يقوم بتقليد السلع الغذائية وكان المشهد هناك جدا مفزع ومروع فالمكان قذر ومليء بالقوارض و خالي من أي اشتراطات صحية واكتشفت انه يعمل فقط على تقليد السلع المتجهة تحديداً إلى ليبيا باعتبارها تعاني من ضعف جزئي في الأجهزة الامنية و الرقابية والتي من بينها منفذ منطقة ” أمساعد ” على الحدود الليبية المصرية.
ونوه ” الجازوي ” أن هناك بالمقابل منافذ يرتفع فيها مستوى الوعي الأمني وتقوم برصد وحجز المنتجات المقلدة والمهربة وتقوم بإعدامها والتخلص منها لحماية المواطنين.
وسرد لنا الجازوي قصة واقعة حدثت في منفذ الخمس البحري في اوائل العام 2023 حيث دخلت عبره خمس حاويات لمنتجات مقلدة لعلامتنا التجارية وبعد التوجه للنائب العام “الصديق الصور” في طرابلس، واطلاعه على الواقعة، أصدر النائب العام تعليماته للتصدي لهذا الأمر وأصبح منفذ ميناء الخمس من بعد هذه الواقعة حريصاً على عدم تسرب سلع مقلدة ومهربة.
التلاعب بالمواصفات يدمر ثقة المستهلك بالمنتجات
يقول التاجر ” الجازوي ” أن التجار يتكبدون خسائر كبيرة بسبب تسرب السلع المقلدة والمغشوشة، فالتجار بحسب قوله يقومون بتحويل العملة الأجنبية لمصانع السلع الغذائية ذات العلامة التجارية عن طريق القنوات الرسمية للدولة، بينما تجار السلع يقومون بتحويل بالعملة المحلية الى مصر وشراء منتجات بجودة منخفضة ولا تخضع للرقابة.
بينما وكلاء العلامات التجارية يتحملون تكاليف إضافية من بينها فحص المنتجات وتكاليف الضرائب وغيرها من المصروفات المرتبطة بعمليات الاستيراد عبر القنوات الرسمية، ونوه أن أكبر خسارة للتجار هي فقد ثقة المستهلك في المنتج بسبب سلع مقلدة ومغشوشة.
قضايا التلاعب بالمواصفات والغش التجاري
من جهته أوضح مناوب وحدة التحقيق بجهاز الحرس البلدي بنغازي ” حسن الشريف ” في حديثه عن قضايا التلاعب بالمواصفات والغش التجاري أن الجهاز يتلقى باستمرار بلاغات من وكلاء عملات تجارية عن وجود سلع مقلدة ومغشوشة مشابهة للمنتجات الأصلية.
وحذر مناوب وحدة التحقيق بجهاز الحرس البلدي بنغازي حسن الشريف المواطنين من التعامل مع الشركات الوهمية التي تستخدم إعلاناتها الترويجية على موقع التواصل الاجتماعي وتقدم خدماتها بأسعار منخفضة والتي تمثل مظهر من مظاهر متعددة للغش التجاري.
ورغم كل ذلك لا يزال الناس ينجذبون لمهرجانات تخفيضات الأسعار ولا ينتبهون لبيانات السلع للتأكد من مطابقتها للمواصفات والمعايير، الأمر الذي يعكس نقص كبير في وعي المستهلكين تجاه أمر خطير يتعلق بسلامتهم الشخصية. (الأنباء الليبية)