درنة 06 مارس 2024 (الأنباء الليبية) _ شهر رمضان المبارك، يتميز بعادات وطقوس روحانية عديدة في المجتمع الليبي، وإضافة إلى مباهج الاستقبال يكون الاستعداد بإقامة موائد الإفطار والسحور ولم شمل الأسر لتدعيم أواصر العلاقات الأسرية، ولكن في هذا العام سيكون مختلفا كليا في لدى أهل مدينة درنة، تلك المدينة التي ودعت قبل ستة أشهر الآلاف من أبنائها الذين فقدوا في البحر بعد أن اجتاحتها سيول جارفة ناتجة من انهيار أكبر سدين بالمدينة بسبب إعصار “دانيال”.
“الأنباء الليبية” استطلعت آراء بعض أهالي من مدينة درنة عن ملامح استقبال شهر رمضان بعد الكارثة، حيث تصف المعلمة “إيمان بن رمان” الواقع المرير حسب وصفها، بعد الحادث المأساوي الذي شهده السكان قائلة: رمضان هذا العام سيكون فارقا جدا فقلوبنا مرهقة من فقدان أحبابنا، فقدنا أعز ما نملك في ليلة واحدة، جميعهم جيراننا وأحبابا وأخوة جميعهم خطفهم السيل وخطف معهم فرحتنا بأي شيء جميل في الحياة.
وأضافت: كنا في مثل هذه الأوقات من العام الماضي نستعد ونخرج للسوق نشتري جميع الأغراض اللازمة وحتى غير اللازمة، نشترى الفوانيس ونعد قائمة بالأطعمة التي نحتاجها وبرغم كل التعب الذي يصاحب هذه الاستعدادات إلا أن البهجة كانت تغطي عليه، ولكن هذا العام سيكون قاسيا بعد كل ما شاهدناه وعشناه من ألم وغصة.
فرحة ناقصة
ومن جانبها تقول المواطنة “بشرى تربح”: نستقبل هذا الشهر دائما من كل عام بفرحة لا تعادلها فرحة، ولكن هذه السنة بعد ما شهدناه ستكون فرحتنا ناقصة، فكل بيت في المدينة لديه مفقود، هناك منازل فقدت جميع ذويها، والتجمع العائلي الذي يحبه كل أفراد مدينة درنة سيكون ناقص فرد أو أكثر، نحن العائلات التي تضررت منازلها نعيش في حالة من التشتت وعدم الاستقرار منذ الحادثة، فالمنزل الذي كان يأوينا اختفى تماما، لم نستوعب بعد ما حدث وإلى الآن نشعر وكأنه مجرد كابوس حل علينا.
وأضافت: صدمتنا كبيرة سنحاول الفرح من أجل هذا الشهر الفضيل ولكن ستكون هذه الغصة مرافقة لنا مدى الحياة، ولا أعترض على حكم الله.
من جهتها تقول المواطنة “هناء الكيلاني” إن شهر رمضان في مدينة درنة له أجواء وتقاليد خاصة بداية من الاحتفالات بالمساجد، خاصة المسجد العتيق ومسجد الصحابة، كنا نعد الدقائق والأيام سابقا فرحا لقرب رمضان، ولكن هذا العام نتجنب حتى مجرد التفكير في قرب دخول هذا الشهر خاصة ما يحمله من ذكريات، وبالنسبة لأهل المدينة الحزن والكسر والفقد والضعف جميعها تخيم على نفسيتنا وعلى أطلال المدينة المفقودة
ويعبر بحسرة أحد أفراد الهلال الأحمر فرع درنة، فرج المنفي، قائلا: بالنسبة لاستقبال المدينة لهذا الشهر الفضيل نحن نعلم أن المصاب جلل والكارثة كبيرة، لذلك ستجد ذلك محفورا على وجوه كل سكانها جميع الوجوه علتها ملامح الحسرة والفقد، والحزن مسيطر على كافة الأجواء التي كانت سابقا وفي هذه الأوقات تعج بالفرح والحماس، كمواطن من المدينة غير مستعد نفسيا، سائلين الله -عز وجل- أن يفرج علينا.
وأضاف: كانت مدينة درنة عامرة بعادات وطقوس خاصة فقط لها وأجواء رمضانية جميلة، ذلك من خلال الباعة المتجولين الذين كانوا يفترشون الطرقات بكافة أنواع الأطعمة والمشروبات الرمضانية وخبز “التنور” واللبن والحلويات، أيضا منطقة الكورنيش كانت تزدحم بشكل مفعم بالحياة إلى جانب السهرات الرمضانية التي لا يمكن أن تعوض أغلب الناس الذين كانوا قائمين على السهرات الرمضانية كانوا من سكان منطقة وسط البلاد التي تضررت وفقدوا جميعهم.
وبالنسبة لنشاطات الهلال الأحمر فرع درنة في شهر رمضان قال: كان لدينا برامج على الإذاعة المسموعة بعنوان “صوت الهلال” والتي كانت قائمة على العديد من اللقاءات مع مثقفي المدينة وبعض من الشخصيات في مؤسسات المجتمع المدني وللأسف سنفتقد كافة هذه العادات.
وتابع: كنا في السنوات السابقة نعلن عن حملة تحت مسمى “العز الواحد” نقوم عبرها بجمع التبرعات المادية من قبل المواطنين ومساعدة ذوي الدخل المحدود، ولكن في الوقت الحالي يوجد العديد من الجمعيات الخيرية في درنة والهيئة الليبية للإغاثة هي التي تقوم بمساعدة المواطنين.
الأجواء الرمضانية
بدوره، يسرد عضو لجنة الأزمة بمدينة درنة “حمد الشلوي” تفاصيل الأجواء الرمضانية المعتادة لمدينة درنة التي لها خصوصية حيث إنها مشهورة بالجمال والخضار، والتسوق الدرناوي، المعروف بين قاطنيها وحتى من خارج المدينة وضواحيها والقرى المجاورة، الذين يأتون من كل عام ويقتدون منها ومن أسواق درنة.
وأضاف “الشلوي”: أيضا مما ستفتقده المدينة هذا العام هو السهرات الرمضانية والأمسيات الفنية والثقافية والندوات الأدبية التي يحييها المثقفون والشعراء والتي كانت تقام في المدينة القديمة، هذا المكان الذي كان الأكثر تضررا من الفيضانات التي حدثت نتيجة انهيار السد، وسببت في اختفاء هذه المعالم التاريخية بشكل كامل.
وختم “الشلوي” حديثه قائلا: سنعيد إحياء هذا الشهر في درنة الضائعة في البحر، والأمل المرجو بأن الله في هذا الشهر الكريم المبارك يمن علينا بالخير والأمن والرخاء. (درنة- الأنباء الليبية)
متابعة: فاطمة الورفلي