بنغازي 16 نوفمبر 2024 (الأنباء الليبية) – تعد أمراض الجهاز التنفسي من أكثر الأمراض شيوعًا التي تؤثر على صحة الإنسان، وتتنوع هذه الأمراض بين الالتهابات الرئوية المزمنة، مثل مرض الربو الشعبي، والأمراض الأكثر خطورة مثل الدرن الرئوي (السل).
ولذلك، تُعتبر المستشفيات المتخصصة في أمراض الصدر والدرن، مثل مستشفى الكويفية ببنغازي، من الركائز الأساسية في علاج هذه الأمراض، حيث توفر الرعاية الطبية المتكاملة والحديثة لتشخيص وعلاج مرضى الدرن وأمراض التنفس المزمنة.
وفي حديث خاص لصحيفة الأنباء الليبية، استعرضت اختصاصية أمراض الصدر والدرن الرئوي، ومساعد مدير مستشفى الكويفية للأمراض الصدرية، الدكتورة ليلي العنيزي، أبرز التحديات التي تواجه المستشفى في علاج الأمراض التنفسية، بالإضافة إلى الجهود المستمرة لتحسين الأداء الطبي وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للمرضى.
تلوث الهواء وزيادة الإصابات
وأكدت العنيزي في حديثها على العلاقة الوثيقة بين تلوث الهواء وزيادة الإصابات بأمراض التنفس، مشيرة إلى أن التعرض المستمر للهواء الملوث يزيد من نسبة الإصابة بالربو الشعبي، التهاب الشعب الهوائية، وسرطان الرئة.
وأوضحت أن هذا التأثير يتفاقم خصوصًا في أيام الطقس السيء مثل الغبار والبرد، أو في حال التعرض للمواد الكيميائية الضارة.
وتابعت العنيزي قائلة: “التعرض المستمر لهذه العوامل البيئية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الحالة لدى المصابين بالربو، بل ويزيد من فرص إصابة الأشخاص السليمين بالمرض.”
زيادة حالات الإصابة بالأمراض التنفسية
وقالت العنيزي، إن المستشفى شهد في السنوات الأخيرة، زيادة ملحوظة في عدد الحالات المترددة على العيادات الخارجية، حيث تزايد عدد المصابين بالتهاب الشعب الهوائية المزمن، وهو المرض الذي كان يصيب المدخنين بشكل رئيسي في سن ما بعد الأربعين، مشيرة إلى أن المستشفى سجل مؤخرًا حالات إصابة في أعمار أصغر، وهو ما يعتبر مؤشرًا مقلقًا على تزايد الأمراض التنفسية في المجتمع، خاصة بين فئات الشباب.
الربو الشعبي
وتطرقت العنيزي أيضًا إلى مرض الربو الشعبي الذي يعتبر من الأمراض المزمنة التي تصيب الأطفال وقد تستمر حتى مرحلة البلوغ. وأوضحت أن هناك نوعين من الربو، هما: “الربو الداخلي والربو الخارجي”، حيث يمكن أن يكون للوراثة دور كبير في الإصابة به، ولكن البيئة الملوثة أيضًا تلعب دورًا أساسيًا في حدوث المرض.
وأشارت العنيزي إلى أن تشخيص الربو ليس أمرًا سهلاً، حيث يتطلب دقة في الفحوصات الطبية مثل اختبار وظائف الرئة، والذي يساعد الأطباء على تحديد ما إذا كان المريض يعاني من الربو أم لا.
إدمان العلاج بالبخار ما حقيقته؟
وأعربت العنيزي عن قلقها من الشائعات المنتشرة حول العلاج بالبخار، حيث يقوم بعض أولياء الأمور بتجنب هذا العلاج خوفًا من “إدمان الطفل عليه”. وأكدت أن العلاج بالبخار لا يؤدي إلى الإدمان، بل يعتبر علاجًا مهمًا للتهيج التنفسي الذي يعاني منه المريض نتيجة التعرض للعدوى البكتيرية أو الفيروسية.
وأشارت إلى أن تجاهل العلاج قد يؤدي إلى تفاقم حالة الطفل الصحية، خاصة في حالات التهابات الشعب الهوائية أو الربو.
التليف الرئوي وتأثيرات ما بعد كورونا
أما عن تأثير جائحة كورونا على صحة الجهاز التنفسي، أشارت العنيزي إلى زيادة حالات التليف الرئوي بشكل كبير بعد إصابة العديد من الأشخاص بفيروس كورونا.
وأضافت أن التليف الرئوي، الذي يحدث نتيجة ضرر في أنسجة الرئة، أصبح أكثر شيوعًا بين المرضى الذين تعافوا من كورونا، مشيرة إلى أن العلاج من التليف قد يكون طويلًا وصعبًا، خاصة بالنسبة لكبار السن والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
الدرن الرئوي وتحديات العلاج
وفيما يخص مرض الدرن الرئوي، أوضحت العنيزي أن مستشفى الكويفية يعالج العديد من حالات الإصابة بالدرن، التي تعد من الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي وتنتقل عبر الهواء.
وأكدت أن التطعيم ضد الدرن لا يمنع الإصابة به بشكل كامل، بل يساهم في الوقاية من الأنواع الأكثر شدة وخطورة من المرض، مشيرة إلى أن مقاومة البكتيريا للأدوية جعلت علاج الدرن أكثر صعوبة في الآونة الأخيرة، إلا أن المستشفى استطاع التعامل مع هذه الحالات من خلال أساليب علاجية حديثة أثبتت فعاليتها.
الارتقاء بالخدمات الطبية
بجانب التحديات العلاجية، أكدّت العنيزي على الجهود التي تبذلها إدارة مستشفى الكويفية لتطوير وتحسين الخدمات الطبية المقدمة. وقالت: “قمنا باستحداث أقسام جديدة بالمستشفى، مثل قسم الجراحة، بهدف تخفيف الضغط عن المستشفيات الأخرى في بنغازي وتقديم خدمات طبية متكاملة.”
كما لفتت إلى التوسع في العيادات الخارجية وزيادة عدد التخصصات الطبية مثل الربو، انسداد الشعب الهوائية، والتليف الرئوي. وتعمل المستشفى على تجهيز قسم خاص للنساء والولادة، ما يعزز من القدرة الاستيعابية للمستشفى لتلبية احتياجات المواطنين.
التقنيات الحديثة وعلاج أمراض التنفس
وأكدت العنيزي، أن المستشفى يعتمد على أحدث التقنيات في علاج أمراض التنفس، مثل استخدام مناظير الصدر التي تعتبر من الأدوات الحديثة التي تستخدم في تشخيص وعلاج العديد من الحالات التنفسية. كما ذكرت أن المستشفى من أوائل المستشفيات التي استخدمت تقنية الأشعة فوق البنفسجية لتعقيم الأماكن الطبية، ما يساعد في القضاء على البكتيريا المقاومة للأدوية ويضمن بيئة صحية أفضل للمرضى.
وفي الختام، أوضحت العنيزي أن مستشفى الكويفية تواصل تقديم خدماتها الطبية المتنوعة على مدار الساعة، مع التركيز على توفير أعلى مستويات الرعاية للمرضى في مجالات التنفس والدرن والأمراض الصدرية بشكل عام. (الأنباء الليبية بنغازي) ف خ
حوار: أماني الفايدي / فاطمة الورفلي
تصوير: عبدالسلام الفيتوري