بنغازي 25 نوفمبر 2024 (الأنباء الليبية) – ارتفعت السنوات الأخيرة نسبة الرضاعة الصناعية للأطفال حديثي الولادة، ما أثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التوجه ومدى تأثيره على صحة الأطفال مقارنةً بالرضاعة الطبيعية.
يرجع العديد من الخبراء هذا التحول إلى عدة عوامل اجتماعية وطبية تؤثر على اختيارات الأمهات أبرزها الضغوط المهنية والاجتماعية، صعوبة الرضاعة الطبيعية، تسويق حليب الأطفال، تغير نمط الحياة.
– لا بديل عن الرضاعة الطبيعية
ويشير الأطباء إلى أن الرضاعة الطبيعية تظل الخيار الأفضل للأطفال حديثي الولادة من جميع النواحي، لما توفره من تغذية متكاملة تحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة لنمو الطفل بشكل صحي، فضلاً عن كونها تقوي جهاز المناعة وتقلل من فرص الإصابة بالعديد من الأمراض.
وتعزز الرضاعة الطبيعية العلاقة بين الأم والطفل وتقوي الرابط العاطفي بينهما، أما الرضاعة الصناعية ورغم أنها توفر بديلاً عمليًا، إلا أنه لا يحتوي على نفس المركبات المناعية التي يحتوي عليها حليب الأم، ما يجعل الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الصناعية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
– فوائد الرضاعة الطبيعية
اختصاصية النساء والولادة لمياء بالو، بينت للأنباء الليبية، أن الرضاعة الطبيعية تُقلل بالنسبة للأم خطر الإصابة بهشاشة العظام والإصابة بسرطان الثدي والمبيض إلى جانب إنتاج هرمون (الأوكسيتوسين) الذي يساعد على انكماش الرحم وعودته إلى حجمه قبل الحمل، وحرق السعرات الحرارية، واستخدام مخزون الدهون لديها لإنتاج حليب الثدي، وتقليل فرص إصابتها بالاكتئاب بعد الولادة، حيث إن الرضاعة الطبيعية تمكن هرمونات الحمل من الانخفاض ببطء، بدلاً من الانخفاض المفاجئ وتوفير المال.
ويعتبر تفضيل الأطفال للحليب الصناعي على الحليب الطبيعي أمرًا معقدًا في الواقع، فلا يوجد دليل قاطع يشير إلى أن الأطفال حديثي الولادة يفضلون الحليب الصناعي على الطبيعي، إلا أن بعض الأمهات قد يواجهن تحديات تتعلق بتقبُل الأطفال للرضاعة الطبيعية بسبب صعوبة الرضاعة أو الفطام المبكر، مع ضرورة التذكير أن الأطفال حديثو الولادة يمتلكون قدرة فطرية على الرضاعة الطبيعية إذا ما توفرت الظروف المناسبة.
– تفضيل الصناعية عن الطبيعية
وحول تفضيل الكثير من الأمهات للرضاعة الصناعية عن الطبيعية أوضحت اختصاصية طب الأطفال إسعاد بوغرارة في تصريح لصحيفة الأنباء الليبية، أن العلماء وجدوا 80%من نمو واكتمال المخ يتم خلال أول عامين للطفل من خلال الرضاعة الطبيعية، ويعد عامل مهم للطفل من ناحية للاتصال العصبي وتكوين الجهاز الهضمي والمناعة.
وتابعت: يرجع تفضيل الأمهات للرضاعة الصناعية عن الطبيعية للضغوط الاجتماعية التي يمروا بها بعد فترة الولادة بأن حليبها لا يشبع الطفل، وأن الحليب الصناعي أسهل وأكثر راحة من الرضاعة الطبيعية فتفضلها، مشيرة إلى أن الحليب الصناعي مجهز داخل معمل فيعتبر مادة مصنعة يحمل مادة الفركتوز بنسبة سكر عالية جداً، ما يجعل الطفل لا يتقبل الرضاعة الطبيعية ويلجأ للصناعية، والسبب الأخر الطفل يجد مجهود في شفط الحليب من الأم في الرضاعة الطبيعية فيلجأ للصناعية لأنها توفر عليه المجهود.
– دراسة علمية
وأثبتت دراسة علمية نُشرت في مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية، أن زيادة نسب الرضاعة الطبيعة للرضع والأطفال الصغار قد تنقذ حياة 820 ألف طفل سنوياً حول العالم، فضلا عن الوقاية من 13 % من جميع وفيات الأطفال دون سن الخامسة.
وأوضح سيزار فيكتورا الطبيب وبروفيسور علم الأوبئة السابق في جامعة بيلوتاس الاتحادية في البرازيل وأحد مؤلفي التقرير، إن “حليب الأم يعمل كلقاح أول للأطفال ويساعد في مكافحة الأمراض والأوبئة.”
ووفقا للتقرير، فإن الرضاعة الطبيعية تساعد على تجنب ثلث التهابات الجهاز التنفسي وحوالي نصف حالات الإسهال عند الأطفال في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. أما في البلدان المرتفعة الدخل، فإن الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر وفيات الرضع المفاجئة بنسبة تصل إلى أكثر من الثلث. كما أوضحت الدراسات أن الأطفال الذين رضعوا لفترات أطول لديهم نسبة ذكاء أعلى من الذين رضعوا لفترات قصيرة.
ولكن الدراسة لم تخص الأطفال فقط، إذ تبين أن الرضاعة الطبيعية تفيد الأمهات أيضا، إذ أنها يمكن أن تحد من نسبة خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، وتمنع 20 ألف حالة وفاة من تلك المصابة بسرطان الثدي كل عام.
ورغم كل هذه الدراسات، إلا أن معدل الرضاعة الطبيعية قد ظل راكداً نسبيا على مدى العقدين الماضيين، ليتبين أن الأمهات في البلدان الأكثر ثراء هن أقل عرضة للإرضاع الطبيعي. اليوم مثلاً، واحد من كل خمسة أطفال فقط في البلدان المرتفعة الدخل يرضعون لمدة 12 شهرا، في حين أن واحد من كل ثلاثة أطفال يرضعون حصراً لأول ستة أشهر من ولادتهم في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
إذا ما الحل لحث الأمهات على تفضيل الرضاعة الطبيعية، إذا كان بإمكانهن، على الحليب الصناعي؟ تؤكد الدراسات أن التسويق هو أحد أهم مسببات التخلي عن الرضاعة الطبيعية، إذ تسوق الكثير من المستشفيات لأنواع الحليب الصناعية المختلفة. لذلك، يجب زيادة رقابة التسويق في العالم للحد من الرغبة في اقتناء الحليب المصنع. (الأنباء الليبية – بنغازي) هــ ع
متابعة: نور الهدى طاهر