16 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية)- يُعد العنف الأسري من أبرز القضايا الاجتماعية التي تهدد استقرار الأسر والمجتمعات في ليبيا.
ورغم التقدم في بعض المجالات الفكرية والاجتماعية، لا يزال العنف الأسري يمثل ظاهرة خفية يعاني منها العديد من الأفراد، خاصة النساء، في صمت بسبب القيود الاجتماعية والعرفية التي تمنعهم من التحدث أو طلب المساعدة.
ويشمل العنف الأسري عدة أشكال تبدأ من العنف الجسدي والنفسي، وقد تمتد إلى العنف الجنسي والاقتصادي.
هذا التقرير يتناول الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة، تأثيراتها على الأفراد والمجتمع، ودور التوعية والحماية القانونية في مواجهتها.
أشكال العنف الأسري وأثره على النساء
في حديثها لصحيفة “الأنباء الليبية”، أكدت عند الفائدي، مدير إدارة تنمية الأسرة والمرأة في وزارة الشؤون الاجتماعية، أن العنف الأسري في ليبيا يتخذ أشكالًا متعددة، تشمل العنف الجسدي (مثل الضرب)، والعنف النفسي (مثل الإساءة اللفظية)، والعنف الجنسي والاقتصادي.
وأشارت الفائدي، إلى أن العنف في المجتمع الليبي غالبًا ما يرتبط بالعادات الاجتماعية التي تقيد الحريات الفردية، وخاصة بالنسبة للنساء.
وقالت، إن العديد من النساء يعانين في صمت بسبب هذه القيود التي تمنعهن من التبليغ عن العنف أو طلب المساعدة. وأضافت، أن العنف الأسري لا يقتصر فقط على العنف الجسدي، بل يمتد أيضًا إلى الاستغلال المالي، حيث تتعرض بعض النساء للاستغلال المالي من قبل أفراد أسرهن، خاصة بعد وفاة الوالدين أو في حالة الأرامل اللواتي يواجهن تحكمًا في رزقهن من قبل أقاربهن.
العرف الاجتماعي في مواجهة العنف الأسري
واعتبرت الفائدي، أن العرف الاجتماعي يُعد من أكبر العوائق التي تواجه النساء في ليبيا عند التعامل مع العنف الأسري.
ورأت أن النساء يواجهن ضغوطًا اجتماعية تمنعهن من اتخاذ أي خطوات لحماية أنفسهن بسبب الخوف من العواقب الاجتماعية مثل الطلاق أو اللجوء إلى القضاء.
وقالت، إن هذه الضغوط تُحاصر النساء بين العنف الذي يتعرضن له والقيود الاجتماعية التي تمنعهن من التحدث.
العنف الأسري وأثره على النسيج الاجتماعي
وفي سياق تأثير العنف الأسري على المجتمع، أشار الاختصاصي النفسي والاجتماعي خالد عطية، إلى أن العنف الأسري يُدمّر النسيج الاجتماعي بشكل عام.
وقال في حديثه لـ “صحيفة الأنباء الليبية”، إن تفكك الزواج بسبب العنف، يؤدي إلى مشكلات اجتماعية أبرزها الطلاق الأمر الذي يؤثر سلبًا على الأطفال، ويجعلهم عرضة للانحرافات السلوكية وتعاطي المخدرات.
ورأى عطية، أن العوامل النفسية والصحية مثل الأمراض المزمنة كالسُكري وضغط الدم المرتفع، قد تساهم في تفاقم العنف الأسري وزيادة حدة المشكلات داخل الأسرة.
أهمية التوعية والحماية القانونية
وشدد الاختصاصي النفسي والاجتماعي على أهمية التوعية النفسية والقانونية في المجتمع كأداة رئيسية للحد من العنف الأسري، مشيرًا إلى أنها تُسهم في تمكين الأفراد من معرفة حقوقهم وكيفية حماية أنفسهم من العنف.
كما شدد عطية على ضرورة تفعيل القوانين التي تضمن حماية الأفراد من الانتهاكات الأسرية، مؤكدًا أن “التوعية هي الخطوة الأولى نحو الحد من العنف الأسري.”
من جانبها، أكدت رندة السوسي، مدير مكتب الخدمة الاجتماعية والصحة المدرسية والإرشاد النفسي في بنغازي، على أهمية المتابعة المستمرة للمكاتب المتخصصة في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، خاصة للطلاب.
وشددت في حديثها مع “صحيفة الأنباء الليبية” على دور البرامج التوعوية والإرشادية في مساعدة الأفراد على التكيف مع الضغوط النفسية والاجتماعية.
من جهتها شددت كذلك المرشدة النفسية نجاح المسلاتي على أهمية تنفيذ برامج توعية نفسية تشمل جميع فئات المجتمع.
وقالت، لـ “صحيفة الأنباء الليبية”، إن مثل هذه البرامج تلعب دورًا كبيرًا في خلق بيئة أسرية ومجتمعية أكثر استقرارًا، وتساعد في الوقاية من العنف الأسري من خلال تعزيز الوعي المجتمعي حول آثاره وأسبابه.
يبقى أن نقول إن العنف الأسري ليس مجرد قضية فردية بل هو ظاهرة اجتماعية تهدد استقرار الأسر والمجتمعات، ورغم التحديات التي تفرضها بعض العادات والتقاليد، فإن التغيير ليس مستحيلًا، ويمكن تحقيقه من خلال تعزيز الوعي العام، وتطبيق القوانين التي تحمي الأفراد، والتعاون بين المؤسسات الاجتماعية، من خلال هذه الجهود، يمكن الحد من هذه الظاهرة وبناء بيئة أسرية ومجتمعية آمنة وصحية للجميع. (الأنباء الليبية ـ بنغازي) ك و
تقرير: أحلام الجبالي / أماني الفايدي