تاورغاء 25 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية)- في مدينة تاورغاء، حيث لا تزال آثار الدمار واضحة في العديد من الأماكن، تبرز مدرسة “الشعب” كرمز لصمود الأطفال الذين يواجهون صعوبات كبيرة من أجل التعليم.
تأسست المدرسة في السبعينات وشهدت تخريج العديد من الكوادر العلمية، لكنها اليوم تعاني من ظروف صعبة، إذ أن جدرانها المحروقة ونوافذها المكسورة تشهد على معاناة أكثر من 500 طالب وطالبة، يتنقلون بين فصول مدمرة.
ورغم هذه الظروف، لا يزال الطلاب يصرون على متابعة دراستهم، مدفوعين بإيمانهم أن العلم هو طريقهم نحو مستقبل أفضل.
والمدرسة التي كانت يومًا ما منارة علمية، أصبحت اليوم تجسد مأساة حقيقية، حيث تعاني من تدمير شامل في العديد من فصولها ومرافقها الأساسية.
والطابق الأول، الذي تعرض للدمار منذ عام 2018، لم يُشمل بأي أعمال صيانة حتى بعد عودة الأهالي إلى المدينة. هذا الوضع الحالي في المدرسة ليس فقط قاسيًا بالنسبة للطلاب، بل أيضًا يُحمل المعلمين وإدارة المدرسة عبئًا ثقيلًا في محاولة لإتمام العملية التعليمية في ظل بيئة غير ملائمة.
وفي حديث مع “صحيفة الأنباء الليبية”، تحدث مدير المدرسة، خليفة احباره، عن معاناته اليومية في تنظيم العملية الدراسية وسط الظروف المدمرة.
تحديات كبيرة
التعليم في المدرسة لم يعد يقتصر فقط على تقديم المعرفة، بل أصبح تحديًا حقيقيًا في حد ذاته. ومن نقص المرافق الصحية إلى تهدم الفصول الدراسية، يجد المعلمون والطلاب أنفسهم في مواجهة تحديات قد تكون فوق طاقاتهم، لكنهم يواصلون المسير، مستمدين قوتهم من رغبتهم الجامحة في التعليم، وفق ما تحدث احباره.
كما يذكر مدير المدرسة، أن نقص الدعم المادي كان سببًا رئيسيًا في تأخر صيانة المدرسة، حيث لم تشمل عمليات الصيانة إلا بعض الفصول في الدور الثاني، بينما ظل الطابق الأول محروقًا تمامًا.
ويشير إلى أنه مع استمرار زيادة أعداد الطلاب، يضطرون إلى التكيف مع الوضع، فتُفتَح الفصول الأرضية لتوزيع الطلاب بشكل يناسب حجم الامتحانات.
الأهالي وأولياء الأمور في تاورغاء لا يترددون في تقديم يد العون للمدرسة، فقد قاموا بتوفير الإعانات والمساعدات التي تكاد تكون القشة التي تمسك بها المدرسة لتستمر في أداء رسالتها، ولكن، وبالرغم من هذه الجهود، يبقى الضرر كبيرًا جدًا بحيث لا يمكن للأهالي وحدهم تحمل تكاليف الإصلاحات، كما أفاد حباره.
مناشدة
ويختتم خليفة احباره حديثه بالمناداة إلى الجهات المسؤولة بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ الوضع، حيث أن الظروف في مدارس المدينة لم تعد تحتمل، مشيرًا إلى هناك مدارس لا تستطيع استيعاب الطلاب إلا بحسب الحالة الجوية، كما أن العديد من المرافق الأساسية لا توجد فيها، مثل المعامل ودورات المياه الصحية، فضلاً عن نقص المياه الصالحة للشرب.
من جانبه، أشار مراقب التربية والتعليم في المدينة، محمد بالعيد، إلى أن مدرسة “الشعب” لم تكن من بين المدارس التي شملتها الصيانة من قبل الوزارة، وأن عمليات الصيانة التي جرت كانت فقط بتعاون الأهالي والمجلس البلدي، وهو ما يعكس نقص الدعم الرسمي.
ورغم وجود تحسن طفيف في بعض المرافق العامة في تاورغاء، إلا أن الوضع التعليمي ما زال يعاني من الإهمال المستمر.
تبقى مدرسة “الشعب” في تاورغاء صامدة، حاملة في جدرانها المحروقة أحلام الأجيال الجديدة، الذين يواصلون مسيرتهم التعليمية رغم كل الصعاب، في انتظار دعم حقيقي من الجهات المسؤولة لترميم هذا المعقل التعليمي الذي أصبح رمزًا للأمل في ظل الخراب. (الأنباء الليبية تاورغاء) ف خ
تقرير: فاطمة الورفلي