بنغازي 25 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية) – مع تسارع تطور الوسائل التقنية الحديثة وانتشار القراءة الرقمية، بدأت الكتب الورقية والمكتبات تفقد بريقها، حيث أصبح الإقبال عليها ضعيفا بشكل ملحوظ، ومع هذا ظهرت مبادرات فردية تهدف إلى إحياء هذا العالم الثقافي، من أبرزها مكتبة “شطيرة الكتب” التي أسسها معاذ الحمري في مدينة بنغازي.
قال معاذ الحمري، مهندس برمجيات وطالب لغة عربية، في حديثه للأنباء الليبية: إن بدايته مع الكتب كانت عبر نشر كتابه في أدب الرعب، ثم حول شغفه بالكتب إلى مشروع تجاري حيث أسس في عام 2019 متجرا إلكترونيا لبيع الكتب، لكنه لم يحقق النجاح المطلوب.
وأضاف أنه افتتح دار نشر في العام التالي لدعم الأقلام الشابة، ولكن جائحة كورونا شكلت عائقا كبيرا وأغلقت الأبواب أمام مشروعه الجديد.
-تحديات وصعاب
رغم تلك التحديات، لم يتوقف معاذ عن متابعة حلمه، فأسس في عام 2022 مكتبة “شطيرة الكتب”، التي بدأت كمشروع صغير وبإمكانات متواضعة، لكنها سرعان ما أصبحت من أبرز المعالم الثقافية في مدينة بنغازي. تجمع المكتبة محبي القراءة من مختلف الأعمار والاهتمامات، وأصبحت مكانا مميزا في عالم الكتب.
أحد أبرز عوامل جذب المكتبة كان “ركن الكتاب المجاني”، حيث يستطيع أي شخص أخذ كتاب دون تكاليف، هذا الركن أصبح ملاذا لعشاق القراءة الذين يرغبون في استكشاف عوالم أدبية وعلمية بدون أي عائق مالي، إضافة إلى ذلك، تقدم المكتبة خدمات مميزة مثل إمكانية تبديل الكتب، واستعارة الكتب العلمية مجانا، مما يعزز تشجيع القراءة الورقية ويجعلها جزءا من الحياة اليومية للزوار.
-التأثير السلبي للهواتف الذكية
يشير معاذ الحمري إلى أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية أثر سلبا على الصحة الجسدية والعقلية، وأدى إلى تراجع القراءة الورقية. كما ساهم في الانتقاء العشوائي للمعلومات والثقافات التي قد لا تتماشى مع القيم والموروث الثقافي للمجتمع.
ويؤكد الحمري أن مكتبة “شطيرة الكتب” تهدف إلى تصحيح هذا المسار عبر تقديم محتوى ثقافي يساهم في تنشئة جيل واع بأهمية القراءة في بناء الفكر وتنمية العقول.
-طموح وأهداف
أعرب معاذ عن طموحه لتوسيع المكتبة، وافتتاح فروع جديدة في مدن أخرى مثل البيضاء وطرابلس، مؤمنا بأن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز الوعي الثقافي ونشر القراءة بين الشباب.
في وقت أصبحت فيه الكتب الورقية رفاهية نادرة، تأتي مكتبة “شطيرة الكتب” لتؤكد أن القراءة ليست مجرد هواية، بل ضرورة لإثراء العقول وبناء الأجيال، وتعد جهود معاذ الحمري مثالا للمبادرات الفردية التي تسهم في العودة إلى عالم الكتب الورقية، معادة ربط الأجيال الجديدة بجذورها الثقافية الأصيلة.
يذكر أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة القراء من الكتب الورقية في المرحلة الثانوية تصل إلى أكثر من 55 في المائة، بينما لا يتجاوز عدد قراء الكتب الإلكترونية 15 في المائة، أما في صفوف طلاب الكليات، فإن نسبة قراء الكتب المطبوعة تبلغ 81 في المائة، في حين يصل عدد قراء الكتب الرقمية إلى 41 في المائة.
كما تشير البيانات إلى أن النساء أكثر إقبالا على قراءة الكتب الإلكترونية من الرجال، حيث تصل النسبة إلى 81 في المائة، مقابل 71 في المائة للرجال. بالإضافة إلى ذلك، يتناقص عدد القراء مع تقدم العمر، حيث يظهر تراجع ملحوظ في نسبة القراءة مع تقدم الفئة العمرية. (الأنباء اللبية بنغازي) س خ.
-تقرير: حنان الحوتي