بنغازي 28 يناير 2025 (الأنباء الليبية) – يواجه العالم تحديات غذائية متزايدة في ظل تغيرات المناخ والضغوط الاقتصادية، وتمتلك ليبيا إمكانيات كبيرة يمكن أن تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي، ويبلغ نحو 12 في المائة فقط من إجمالي المساحة البالغة 15.4 مليون هكتار صالحة للزراعة في ليبيا،
وتعد تجربة إحدى السيدات، وهي ربة البيت مبروكة، التي تمكنت من الاعتماد على حديقتها الصغيرة لتحقيق الاكتفاء خلال شهر رمضان، مثالا على ما يمكن أن تحققه الزراعة المحلية.
تقول مبروكة: “كنت أقطف الطماطم والفلفل والكوسة من حديقتي الخاصة في كل رمضان، حيث كانت الأرض تعطي كل ما أحتاجه، وكان ذلك يوفر لي جميع الخضروات التي أحتاجها دون الحاجة لشراء من السوق”، وتعطي هذه التجربة البسيطة إمكانيات ليبيا الزراعية، التي إذا استغلت بشكل صحيح، يمكن أن تساهم في تحقيق الأمن الغذائي.
-إدارة المياه
أشارت مديرة إدارة التعاون الدولي والفني بوزارة البيئة انتصار المجبري، إلى أن إدارة الموارد المائية تُعد من الخطوات الأساسية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الزراعة.
وقالت: “من الضروري التوسع في استخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والمحوري، التي تساهم في تقليل هدر المياه وزيادة كفاءتها في الزراعة”.
وأضافت أن “الاستثمار في تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة يعد حلا إضافيا في المناطق التي تعاني من شح المياه، مثل المناطق الساحلية”، كما دعت المجبري إلى تشجيع زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات أقل من المياه، مثل الحبوب والخضروات المقاومة للجفاف.
-مكافحة التصحر
شددت المجبري في إطار الحفاظ على الأراضي الزراعية، على أهمية مشاريع مكافحة التصحر، وقالت: “من الضروري زراعة الأشجار المحلية المقاومة للجفاف، التي تساهم في تثبيت التربة ومنع زحف الرمال”.
وركزت المجبري على ضرورة استصلاح الأراضي المتدهورة، من خلال استخدام تقنيات لتحسين خصوبة التربة مثل إضافة المواد العضوية، مؤكدة على أهمية إنشاء مصدات رياح طبيعية مثل الأحزمة الخضراء للحفاظ على الأراضي من التآكل.
-الزراعة المستدامة
تشجيع التنوع الزراعي يعد من أولويات استراتيجية الحكومة الليبية، حيث تؤكد المجبري على ضرورة دعم زراعة المحاصيل الأساسية التي تتحمل الظروف المناخية القاسية مثل الشعير والقمح، بالإضافة إلى زيادة إنتاج المحاصيل الاقتصادية مثل الخضروات.
وقالت: “التنوع الزراعي يساعد على تقليل المخاطر الناتجة عن تقلبات الأسواق العالمية، كما يعزز الاستقرار الغذائي في البلاد”.
وأشارت المجبري إلى أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في تعزيز الإنتاجية الزراعية، مثل الزراعة الذكية والزراعة العمودية، وأضافت: “تقنيات الزراعة الذكية، التي تعتمد على الاستشعار وتحليل البيانات، تسهم في تحسين كفاءة الري وتقليل التكاليف”. كما تعتبر الزراعة العمودية في المدن حلا مبتكرا لزيادة الإنتاج باستخدام مساحات صغيرة.
-البحث العلمي ودوره في تطوير تقنيات الزراعة
أكد الخبير الاقتصادي أحمد الخمسي، على ضرورة تعزيز البحث العلمي في القطاع الزراعي، وقال: “من المهم إنشاء مراكز بحثية لدراسة تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج، خاصة في مجال استصلاح الأراضي وتحسين أساليب الري”، مشيرا إلى أهمية التعاون مع الجامعات والمؤسسات الدولية لتقديم الدعم الفني والتكنولوجي.
-دعم المزارعين
في سياق دعم القطاع الزراعي، دعا الخمسي إلى توفير قروض مدعومة للمزارعين لتمويل المشاريع الزراعية المستدامة، وقال: “تقديم الدعم المالي سيساعد المزارعين على تبني التقنيات الحديثة وزيادة الإنتاجية”، مؤكدا على ضرورة إقامة برامج تدريبية للمزارعين لرفع كفاءتهم في استخدام التقنيات الحديثة.
-ضمان استدامة الزراعة المحلية
من جهته، سلط المدير التنفيذي لمنظمة سدر التطوعية، سامي الحراري، الضوء على أهمية استخدام البذور الأصلية في تحقيق الأمن الغذائي في ليبيا. وقال: “البذور الأصلية تتحمل الجفاف ولا تحتاج إلى الأسمدة والمبيدات الكيميائية، مما يجعلها خيارا استراتيجيا لضمان استدامة الزراعة المحلية، كما يمكن تخزين هذه البذور وإعادة زراعتها، مما يجعلها جزءا أساسيا في تأمين المخزون الغذائي للبلاد”.
وأشار الحراري إلى أن التحديات التي تواجه مشروع البذور الأصلية تتمثل في غياب الدعم والامداد الكافي مثل عدم وجود بنوك لحفظ هذه البذور، بالإضافة إلى قلة الوعي الإعلامي حول فوائدها.
-تحديات كبرى
رغم التقدم المحرز في بعض المجالات، تظل ليبيا تواجه تحديات كبيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي، وأبرز هذه التحديات هو ندرة المياه، حيث يعتمد القطاع الزراعي بشكل كبير على المياه الجوفية، التي تتعرض للاستنزاف.
كما يعاني القطاع من ضعف البنية التحتية، من شبكات الري إلى الطرق والموانئ، مما يعوق الوصول إلى الأسواق، بالإضافة إلى ذلك، يواجه القطاع نقصا في الدعم المالي والفني، مما يزيد من صعوبة تنفيذ المشاريع الزراعية المستدامة.
-الاستثمار والشراكات
أبرز الخمسي الحاجة إلى تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع الزراعي عبر حوافز مالية، مشيرا إلى أهمية تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وقال: “إذا نفذت مشاريع زراعية مبتكرة، فإنها ستؤثر بشكل إيجابي على تحسين الإنتاجية وتقليل الاعتماد على الواردات”.
-التضافر من أجل الأمن الغذائي
يتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي يتطلب استراتيجيات شاملة تتعامل مع التحديات التي تواجهها ليبيا، من إدارة المياه إلى تحسين التربة وتطبيق تقنيات الزراعة الحديثة،وسيظل التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص محوريا لتحقيق الأمن الغذائي في البلاد، وإذا نفذت هذه السياسات الزراعية المستدامة، فإن ليبيا قادرة على ضمان مستقبلا أفضل للقطاع الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.(الأنباء الليبية بنغازي) س خ.
-تقرير: أحلام الجبالي