طرابلس 17 فبراير (وال) – حيا محرر الشؤون المحلية الذكرى الـ 14 لثورة 17 فبراير التي وضعت حدا لحوالي أربعة عقود من نظام شمولي عرف نجاحات وإخفاقات كسائر الأنظمة الدكتاتورية في العالم غير أن تلك الإخفاقات جاءت في حقبة زمنية شديدة الحساسية على حساب التنمية المكانية والمجتمعية للبلاد بعد أن غرق النظام السياسي الليبي حينذاك في دائرة من الصراعات الإقليمية والدولية لم تكن فيها الأسلحة والأفكار متكافئة فكانت النتائج كارثية، دفع فواتيرها الشعب الليبي ولا يزال يتلقى الضربات عن تلك الحقبة حتى اليوم.
ولاحظ المحرر بهذه المناسبة بمرارة كبيرة أنه بعد مرور 14 عاما عن تلك الانتفاضة الشعبية التي خرجت بصورة عفوية دون قيادات سياسية أو عسكرية، متأثرة بالحراك، فيما عرف إعلاميا بثروات الربيع العربي، لا يزال الانقسام السياسي والصراع على السلطة والمال والنفوذ، وارتهان القرار الليبي للخارج، وانتشار القواعد والقوات الأجنبية وحشود المرتزقة في البلاد، وتعطيل الانتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، والاستفتاء عن الدستور لتحديد السلطات، السمات الأبرز في المشهد السياسي الليبي بعد عام 2011.
وأضاف المحرر أن وكالة الأنباء الليبية، المؤسسة الإعلامية الوطنية العريقة، التي تحاول أن تبقى موحدة وسط بحر من الانقسام، وتنقل الخبر الليبي بشفافية ومصداقية وتحارب الدعوة للحروب والعنف والكراهية، لازالت تصطف بقوة إلى جانب الشارع الليبي وتؤكد أن التقدم والتطور والرقي في العالم يُقاس بمؤشرات التعليم والصحة، وتعافي الاقتصاد، والإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، والاستثمار الأمثل لموارد النفط والغاز والثروات الأخرى التي من بها الله على بلادنا، وتحسين الأوضاع المعيشية لليبيات والليبيين، وحماية حدود الوطن، وضمان الأمن والاستقرار للمواطن الليبي، والكف عن نهب المال العام.
ورصد المحرر استمرار تأثير الجماعات المسلحة على مؤسسات الدولة، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتهريب الوقود والبشر، وعدم امتثال الكثير من الدول، خاصة تلك المتدخلة في الشأن الليبي، لحظر الأسلحة المفروض على بلادنا لتمرير مصالحها على حساب نزيف الدم الليبي ونهب موارده، وهو ما أكده تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، المؤرخ في 6 ديسمبر 2024، وتناول القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية المتعلقة بليبيا.
واستشهد في ذات السياق بما رصده التقرير من انتهاكات بشأن تجميد الأصول الليبية، وكشفه عدم امتثال 10 دول و16 مؤسسة مالية للعقوبات المالية المفروضة على ليبيا، ما أدى إلى تآكل الأصول الليبية المجمدة إلى جانب ممارسات مالية غير شفافة من المؤسسة الليبية للاستثمار.
كما أشار المحرر إلى بيان الإرادات والانفاق الصادر عن مصرف ليبيا المركزي عام 2024 الذي كشف عن كوارث مالية وعمليات إنفاق يشوبها الكثير من الفساد ونهب المال العام في انتظار تقرير ديوان المحاسبة للعام 2024 والذي لن يكون، برأي المحرر، بأحسن حال من تقرير العام 2023 الذي كشف عن مخالفات وعمليات يشوبها الكثير من الفساد ونهب المال العام مرصودة في مكتب النائب العام.
ودعا محرر الشؤون المحلية بهذه المناسبة متصدري المشهد إلى تحكيم لغة العقل والجلوس على طاولة مفاوضات واحدة في أي مدينة أو قرية ليبية لتجاوز الأزمة السياسية المتفاقمة التي باتت تهدد كيان الدولة الليبية، مؤكدا أن 10 مبعوثين دوليين وعشرات اللجان التي اجتمعت في عدد كبير من العواصم العربية والعالمية، آخرها اللجنة الاستشارية التي أنشأتها البعثة الأممية، وميثاق السلام والمصالحة الذي الهزيل الذي أنجزه الاتحاد الأفريقي الأسبوع الماضي دون أن توقع عليه جميع الأطراف الليبية، لم يفلحوا في حلحلة الوضع المتأزم في ليبيا ما يستدعي البحث عن حل ليبي – ليبي، لا يُمكن الوصول إليه إلا بتجاوز المصالح الشخصية والقبلية والمناطقية الضيقة والانحياز بالكامل إلى إرادة الشعب الليبي وإلى ليبيا الواحدة الموحدة.
وحذر المحرر في ختام تعليقه من أن استمرار العناد والصراع المحموم على السلطة في ليبيا وسط المتغيرات الدولية الحالية المتسارعة والخرائط الجغرافية والجيوسياسية والسياسية الجديدة التي بات يلوح بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل علني وتغول قوات الاحتلال الصهيوني واستغلال الكيان المحتل لرئاسة ترامب، والحرب القادمة على الموارد المائية وعلى الطاقات المتجددة، قد تجعل من ليبيا، البطن الرخوة، هدفا لتوطين ملايين البشر من المهاجرين غير الشرعيين، وربما لاستقبال ملايين الفلسطينيين الذين يسعى ترامب لتهجيرهم من القطاع والضفة، ولن يفلح، مذكرا في هذا الصدد بأن الجبل الأخضر كان يوما ما ليس بالبعيد خيارا لتوطين اليهود. (وال)