ورشفانة 06 مايو 2017 (وال)- انطلقت صباح اليوم السبت فعاليات مهرجان السلام ورشفانة الداعي لتحقيق السلام وإعادة البناء والإعمار لمنطقة ورشفانة، وحضر المهرجان عدد كبير وفود المدن والمناطق الليبية المشاركة.
النص الكامل لكلمة أهالي ورشفانة:
إنه لمن دواعي الإعتزاز، أن تحتضن ورشفانة ، أرض الجهاد، مهرجان السلام الذي أبى أهالي ورشفانة إلا أن يضفوا عليه رعايتهم.
في البداية نرحب بكل الحاضرين من كل المدن والقبائل الليبية ونحمد الله على سلامة وصولهم وندعو لهم بعودة آمنة لمناطقهم ومدنهم، ونقبل عذر كل من أعتذر عن الحضور لظروفه الخاصة كما نعتذر إلى كل المدن والقبائل التي لم نتمكن من الوصول إليها ودعوتها نتيجة حجم المجهود للإعداد لهذا المهرجان.
وفى الوقت نفسه يطيب لنا، أن نعرب عن خالص تقديرنا لـ” لجنة مهرجان السلام” ولكافة المشاركين والداعمين، على جهودهم الدؤوبة في سبيل تنمية الوعي بثوابت السلام ومبادئة وقيمة، وإعلاء قيم الحوار والتسامح وحسن الجوار بين ورشفانة وجيرانها وأشقائها في المنطقة الغربية وكل المدن والقبائل الليبية.
إن مهرجان السلام مناسبة سانحة لاستحضار المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق التيار الوطني في ورشفانة والمدن الليبية، ودوره في التوعية والتنوير لطي صفحة الماضي والنظر للمستقبل من أجل الاجيال القادمة، وما مشاركتكم وحضوركم اليوم إلا دليل على استشعاركم جميعا لهذه المسؤولية الوطنية، وحرصكم على المساهمة بنصيبكم، في مد المزيد من جسور الوحدة والتآخي بين ورشفانة وأشقائها في المناطق الليبية، وفي تحقيق السلام والتضامن بين كل مكوّناتهم.
إن ما يجمع المدن والقبائل الليبية أكثر مما يفرّقها، فهي موحّدة بقوة التاريخ والحضارة، وهي متواصلة جغرافيا، ومنسجمة إنسانيا، ومتكاملة طبيعيا، بفضل ما تزخر به من موارد بشرية وطبيعية هائلة ، أما السكان فتجمعهم وحدة العقيدة واللغة والثقافة، وروابط الدم والأخوة والمصير المشترك.
غير أن ما يبعث على الحسرة والأسف، هو واقع التشظي والإنقسام، الذي يطبع العلاقات فيما بينها.
فمعظم المدن والقبائل الليبية تعيش على وقع خلافات بينية، وصراعات داخلية عقيمة، فضلا عن تنامي النعرات القبلية والجهوية.
كما أن بعض هذه المناطق تهدر طاقات أبنائها في قضايا وهمية، ونزاعات مفتعلة تغذّي نزاعات التفرقة والإنقسام الاجتماعي.
وأمام هذا الوضع الذي يرفضه أبناء ورشفانة بشكل خاص والشعب الليبي بشكل عام ، فقد أصبح تحقيق الأمن والاستقرار ضرورة ملحة غير أنه في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها ليبيا، ينبغي التعاطي مع هذا الموضوع بمنظور واقعي جديد.
فرغم توجه بعض المدن والمناطق الليبية، منذ سنوات، نحو إرساء البنيات الأساسية للسلم الاجتماعي كمحطة أولى على طريق المصالحة الشاملة، بإبرام العديد من الاتفاقيات والعهود والمواثيق لإنهاء الصراع المسلح ، فإن النتائج كانت مخيّبة للآمال، ودون مستوى التطلعات الشعبية التي يطمح فيها الليبيين.
غير أن بناء الدولة وتفعيل المؤسسات العامة وعلى رأسها مؤسستي الجيش والشرطة ليست حلما صعب المنال، أو سراباً لا فائدة من الجري وراءه، بل هي تطلع لمشروع وطني قابل للتحقيق، وضرورة استراتيجية على جميع الليبيين المساهمة في تجسيدها.
إن منطقة ورشفانة بكافة مكوناتها الاجتماعية اليوم في مفترق الطرق. فهناك تحديات أمنية، وتطلعات شعبية ملحة، إلى المزيد من الأمن والاستقرار ومحاربة الظواهر الهدامة، ولا سبيل للاستجابة لها إلا عبر وحدة الصف والاندماج في العملية السياسية والحصول على الدعم من حكومة الوفاق الوطني لتفعيل السلطات الامنية والقضائية والمحلية وجبر الضرر الذى لحق بالمنطقة خلال الفترة الماضية والإهتمام بالشباب وفق منهج مهني منظم بعيد عن العشوائية.
إن الخارجين عن القانون والأعراف الاجتماعية لا يمثلون ورشفانة ويبقوا هم وعائلاتهم مثار استهجان واستنكار في المجتمع المحلي ورشفانة ، كما أن الغطاء الاجتماعي لا يشملهم ولا يتمتعون بأي حصانة اجتماعية ، فكل ورشفانة تتبرأ من أفعالهم وممارساتهم، علاوة على مقاطعتهم اجتماعيا بما في ذلك المصالحة والمصاهرة.
كما أن حق الضيافة يسقط على كل من أرتكب جُرماً أو عملاً مشيناً يتنافى مع عادات وأعراف وقيم أهالي ورشفانة ، أو كان وجوده بهدف زعزعة أمن واستقرار منطقة ورشفانة أو المناطق المجاورة لها.
لقد آن الأوان للانكباب على ضرورة إعادة اللحمة الاجتماعية لورشفانة بينها و بين أخوتها في جميع المدن و القبائل الليبية، وتوحيد صفهم وكلمتهم، بنيّة صادقة وإرادة قوية، لرفع المعاناة الحقيقية عن سكان ورشفانة و عن كل الشعب الليبي، وفق منظور شامل ومتعدد الأبعاد والتعاون من الجميع على محاربة كل من يريد استمرار الفوضى لأجل مصالح شخصية وجهوية وقبلية ومناطقية وسياسية.
ولن يتأتى ذلك إلا بإجراء مصالحات محلية ووطنية بينية، وتجاوز أسباب الفرقة والتجزئة، وتوحيد المواقف، وتعزيز العمل الأهلي والوطني المشترك، في نطاق الإحترام المتبادل والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي والموروث الثقافي.
كما ينبغي العمل على إصلاح المجالس الاجتماعية وإعادة بنائها وتعزيز صلاحياتها، باعتبارها بيتنا المشترك، والإطار المناسب لمعالجة القضايا المحلية، ولوضع رؤيتها الاجتماعية والوطنية.
ويُعتبر البعد الاقتصادي ركيزة أساسية لتوطيد السلام في ورشفانة كما هو الأمر في جميع أنحاء ليبيا، وتحقيق الرخاء للشعب الليبي بما يعود بالنفع عليه، من خلال استثمار الموارد الطبيعية التي تزخر بها منطقة ورشفانة و موقعها الاستراتيجي، والتي يجب أن تشكّل عاملاً لتوطيد السلام والوئام، لا سببا للفرقة والانقسام
إن ما يحز في النفس، ويدعو إلى الحسرة، أن الكثير من أعيان ووجهاء وشيوخ ورجال اعمال وسياسيين في منطقة ورشفانة ومجالسهم الاجتماعية لم يحققوا الوفاق الاجتماعي المطلوب، كما أنها تعيش جمودا مرفوضا، بسبب توجهات لا تخدم أية مصلحة، ولن تؤدي إلا إلى تكريس الحالة الراهنة، وإطالة أمدها، بما يبعث الإحباط في نفوس أبناء ورشفانة ، ويفقدها الثقة في المستقبل.
أما على الصعيد الشعبي، فإنه ينبغي مد المزيد من جسور التواصل والتفاهم بين أبناء المناطق المجاورة لورشفانة ، وفتح وتأمين الطرق أمامهم، وتمكينهم من التفاعل مع محيطهم ، فضلا عن تشجيع المبادرات الأهلية وتوقيع وثائق حسن الجوار والتعايش السلمي وفى هذه المناسبة فإننا نوجه الدعوة إلى كافة المدن والقبائل إلى ضرورة التعاون من أجل محاربة الجريمة بدلاً من اللوم والعتاب والإتهام.
إن ورشفانة ، وفاء منها لروابط الأخوة وحسن الجيرة والعيش المشترك ، والتزاما منها بفضيلة التضامن، ستظل دائما منفتحة على كل المبادرات الوطنية من أجل السلام والمصالحة الشاملة وداعمة كل الجهود من أجل ذلك .
وإيمانا من ورشفانة بحتمية المصير المشترك، وحرصا على إستثمار القواسم المشتركة مع جميع المدن والقبائل الليبية، فإنها لن تدخر أي جهد من أجل المشاركة في الدفاع عن القضية الوطنية وفتح حوار مجتمعي مع جميع الليبيين على اختلاف توجهاتهم السياسية وتحقيق المصالحة الشاملة.
وأننا لواثقون أن ملتقى السلام في ورشفانة بفضل الشخصيات والمناطق والجهات المشاركة فيه وما تتوفر فيه من كفاءات وخبرات واسعة ،وما تتحلى به من غيرة صادقة على وحدة ليبيا وتحقيـــق السلام ،سيكلل بإصدار توصيات ومقترحات بناءة كفيلة بتجاوز واقع التجزئة والانقسام وانبثــــاق الأمل في مستقبل أفضل ،مطبوع بروح الأخاء والوحدة والتضامن والتعايش السلمى.
وإذ نرحب بضيوف ورشفانة الكرام، متمنين لهم مقاما طيبا بين ظهرانينا ، فأننا نسأل الله العلى القدير أن يكلل أعمالكم بكامل التوفيق. ( وال – ورشفانة) ع م