البيضاء 14 مايو 2017 (وال) – أبدت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان بليبيا عن قلقها حيال مسودة الصياغة التوافقية للدستور (مسودة أبريل 2017) التي تقيد حقوق الإنسان بما يشمل حرية التعبير والتجمع، ولا تضمن المساواة بسبب التعارض بين المواد، ونتيجة لذلك، تنذر مسودة أبريل 2017 في صيغتها الحالية بتمييز متأصل تجاه قطاعات كاملة من السكان المقيمين في ليبيا.
وأكدت اللجنة في بيان لها اليوم الأحد – تحصلت وكالة الأنباء الليبية على نسخة منه – على أن الغرض من الدستور هو توفير الحماية لأبناء الدولة من إساءة الاستخدام المحتملة وتجاوز سلطة الدولة وان مسودة أبريل 2017م، في صورتها الحالية، تركز على تعزيز قيود خطيرة على الحقوق والحريات وهي قابلة للاستغلال، كما أن هذه المسودة مسودة دستور لا تضمن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها .
ولذلك، فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، قلقة بسبب أن مسودة أبريل 2017 لم توفر ضمانات كافية تحمي حقوق الإنسان في ليبيا في العديد من الجوانب التي من الممكن أن تضعف الالتزامات الحقوقية الموجودة. وهذا بدوره ربما يؤصل عدم المساواة في المعاملة وفي أن تكون إجراءات حماية حقوق الإنسان والحريات في ليبيا دون المستوى بالنسبة للأجيال القادمة.
وقدم عدد من أعضاء لجنة التوافقات الدستورية يوم 16 ابريل 2017 وهم تسعة أعضاء من واقع اثني عشر عضوا ضم ستة من الموقعين على ما عرف بمشروع صلالة وستة من غير الموقعين عليه بحسب ما ورد في القرار رقم (1) لسنة 2017 الصادر عن الهيأة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور وتم الاتفاق فيما بين غير الموقعين أن يكون ثلاثة من الرافضين لمشروع صلالة وثلاثة من المقاطعين لأعمال الهيأة نهاية شهر يناير 2016.
وقد تضمن هذا المقترح العديد من الملاحظات القانونية والحقوقية عكفت الجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا على رصدها بشكل مبدئي من خلال قراءة هذا المقترح.
فعلى سبيل المثال لا الحصر يلاحظ على هذا المقترح، على سبيل المثال وليس الحصر ومنها ما يلي :-
أولا: أن هذا المقترح يبدوا من ظاهره أنه يؤسس لدولة مدنية قائمة على التعددية والتداول السلمي للسلطة واحترام مبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص إلا أن في جوهره غير ذلك إذ لم يرد في الديباجة، فرغم أنها جاءت مقتضبة، ذكر أن الشعب الليبي هو مصدر السلطات. وأيضا جعل المادة السادسة المتعلقة بمصدر التشريع هي نقطة الارتكاز في هذا المقترح إذ هي المصدر الوحيد للتشريع أيضا تفسر أحكام الدستور وفقا لها ناهيك على أن المبدأ الوارد بها لا يجوز المساس به وفق ما ورد في الفقرة الثانية من المادة 193 من هذا المقترح. أيضا عدم النص على الحق في ممارسة الشعائر الدينية.
ثانيا: تم إهدار مبدأ المواطنة بشكل صارخ من خلال العديد من المواطن أولها ما ورد في المادة الثانية المتعلقة بالهوية واللغة إذ ورد ذكر بعض مكونات الشعب الليبي وتعمدت عدم ذكر البعض الآخر صراحتا مما يترتب عليه إنكار لحقوقهم التي أُقرت في هذا المقترح للمكونات التي تم ذكرها وأسقطت هذه الحقوق عن المكونات التي لم يتم ذكرها كالاواجلة والشركسة والقريتلية والكراغله، وكان من المفترض وضع صيغة جامعة تقر مبدأ التنوع دون أن تقع في المحظور وهو ما تقدمه للبعض تنكره على البعض الآخر. وثاني إهدار لمبدأ المواطنة هو عدم وضع ضوابط في الدستور تتعلق بمسألة الجنسية بالنسبة للمرأة الليبية المتزوجة من غير ليبي إذ الواقع العملي يبيّن المشاكل والمعاناة بالنسبة لهن بداء من نقل الورقة العائلة الخاصة بهن إلى سجلات الأجانب وحرمانهن من الرقم الوطني انتهاءا من عدم ربط إقامة أبناءهن بهن وغيرها من المشاكل التي لا يتسع الحديث لذكره مع التنويه إلى أنه تم حذف الفقرة المتعلقة بهن في المادة التي جاءت بعنوان الحق في الحياة الكريمة دون أن يوضع بديل لها في هذا المقترح بما يضمن حقوقهن وحقوق أبناءهن إلى أن تنظم الجنسية بالقانون الذي تم الإحالة إليه. أما ثالث إهدار فهو إلغاء المادة المتعلقة بحقوق الأجانب التي وردت في كافة المقترحات التي صدرت عن الهيئة في السابق.
ثالثا: إهدار مبدأ تكافؤ الفرص إذ لم تراع هذه المسألة في تشكيل مجلس النواب إذ حق المشاركة وتمثيل المصالح لم توضع له معيارية تضمن مشاركة التوزع الجغرافي للسكان بشكل عادل ونصف مما سوف يخل بشكل كبير في مسألتي التمثيل والمشاركة بالنسبة للمناطق التائية والحدودية وقليلة السكان وهذا سوف ينعكس على التمثيل غير العادل ًو المتفاوت بشكل كبير لمجلس النواب بين الأقاليم الثلاثة (المادة 68) بينما تم مراعاة ذلك في مجلس الشيوخ وتم تقسيم المقاعد في مجلس الشيوخ بشكل غير متساوي بين الأقاليم الثلاثة( المادة 76)، كما تم إهدار تكافؤ الفرص بالنسبة الكوتا جاءت في المادة المعلقة بحكم خاص للمرأة إذ تمثيلها لم ينص عليه في كافة المجالس المتخبة وإنما تم حصرها في مجلس النواب والمجالس البلدية.
أيضا المادة المتعلقة بتوطين مشاريع بديلة (172) جاءت غير كافية إذا لم تعط نسبة من عوائد الإنتاج للمناطق المنتجة أو مناطق العبور لمعالجة التلوث والأمراض التي تعاني منها هذه المناطق.
رابعا : كما تعرب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ،عن قلقها بشكل أخص بشأن القيود الموسعة على الحريات الأساسية مثل حرية التجمع المعرضة لإساءة الاستخدام. فبينما تضمن المادة (44 )الحق في “الاجتماع والتجمع والتظاهر السلمي”، فإنها قيدت ذلك بالسماح للدولة باستخدام القوة على نطاق واسع “في حالة الضرورة” والقانون الدولي واضح في أن التجمعات يمكن تقييد نطاقها واستخدام القوة فقط في أضيق نطاق، ومنها على سبيل المثال إذا كان التظاهر يستند إلى العنف أو غير قانوني، وهو ما لم توضحه المادة (44 )ويعني عدم الوضوح هذا أن المادة (44 ) لا تقدم الحماية الكافية لمنع إساءة استخدام القوة التي يمكن أن تستخدم لتقييد نطاق التجمع السلمي. وعلى المستوى الدستوري، ينبغي أن يكون الهدف حماية حق الشعب في ممارسة حقه في التجمع السلمي، وألا يتضمن حماية خيار استخدام القوة.
خامسا : حرية التعبير، جاء النص عليها في المادة ( 39 ) في أضيق نطاق، وتخضع للعديد من القيود التي لا مكان لها في مجال الدستور، مثل حظر التشهير والتكفير، ودون وجود ضمانات مشمولة بحماية واضحة لحرية التعبير التي لا يمكن تقييدها، إلا بما يتماشى مع القانون الدولي، فإن هناك مخاطر من أن يجد جميع أفراد الشعب المقيمون في ليبيا تقييدا لحريتهم في التعبير.
وختاما توجهت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ،الدعوة إلى الهيأة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور لتعديل مسودة دستور أبريل 2017 لضمان أن والعمل سويا لضمان أن يوفر الدستور المستقبلي حماية حقيقية لحقوق الإنسان لكل الشعب الليبي. وينبغي للهيأة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور أن تحدد الخطوات التالية في عملية بناء الدستور، وأن تعقد مشاورات عامة ذات معنى مع جميع أصحاب المصلحة قبل الانتهاء من أعملها. (وال – البيضاء) ع م