بنغازي 04 يونيو 2017 (وال)- نعت الهيأة العامة للإعلام والثقافة والمجتمع المدني في الحكومة المؤقتة الأحد،الشاعر والدبلوماسي الليبي محمد الفقيه صالح،الذي وافاه الأجل أمس السبت بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلاً في العاصمة الإسبانية مدريد.
هذا وتقدم الهيأة في بيان – تحصلت وكالة الأنباء الليبية على نسخة منه – التعازي لأسرة الفقيد وللأسرة الأدبية والثقافية في ليبيا،ولأصدقائه وزملائه ومحبيه في ليبيا والوطن العربي،وأن يتغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأن يجعل مثواه الجنة،وأن يلهم أهله وذويه وأصدقاءه وأحبابه جميل الصبر والسلوان” .
وتابع البيان “بلا شك إن رحيل الشاعر محمد الفقيه صالح،يُعد خسارة كبيرة للحركة الشعرية وللثقافة في بلادنا،لما يُمثّله الشاعر الراحل من قيمة ثقافية وإبداعية عالية،وتجربة أدبية راسخة،فهو أحد المُجدّدين في الحركة الشعرية،وأحد المساهمين البارزين في إثراء المشهد الثقافي بعطائه الإبداعي،والفكري على مدى عدة عقود تواصلت منذ منتصف السبعينيات،وقد كان مثابراً في عطائه الذي اتسم بانشغاله بالهم الوطني والتحرري،منحازاً من خلال شعره إلى ليبيا الحب والجمال والحرية والعدالة،حالماً بوطن يتجاوز المحن والآلام والقهر صوب الأمل والغد الأحلى والأجمل” .
وتابع البيان “كانت للراحل كتابات النثرية والنقدية،تمحورت باستمرار حول متابعة الحركة الأدبية والثقافية الليبية المعاصرة،ودراسة عطاءاتها وظواهرها دراسة نقدية تجمع بين التحليلي والتاريخي،وتحاول استنطاق بعض ما يتوارى منها في دائرة المسكوت عنه أو اللامفكر فيه،وسعت إلى أن تُؤرخ لبعض ملامح التوتر الخفي بين السلطة والثقافة إبان العهد السابق،دون أن يتخلى عنها هاجس التأصيل لثقافتنا الوطنية،وإبراز علاماتها المضيئة” .
سيرة الراحل
والشاعر الراحل محمد الفقيه صالح ولد 12 نوفمبر عام 1953 في طرابلس،وفيها تلقى تعليمه الأول ومن ثم سافر إلى القاهرة ليواصل دراسته الجامعية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،تحصل منها على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1975 وفي القاهرة كان تفاعله مع الحركة الأدبية هناك وتحديداً مع جيل السبعينيات في الثقافة المصرية،ليعود بعد تخرجه إلى طرابلس،ليلتحق بوزارة الخارجية موظفاً في إحدى إداراتها.
كما شارك الراحل في الحياة الثقافية منذ منتصف السبعينيات،ونشر نصوصه الشعرية ومقالاته في العديد من الصحف الليبية من بينها : الفجر الجديد،والأسبوع الثقافي،والثقافة العربية،وجيل،ورسالة،والجهاد،إضافة إلى المجلات العربية مثل : إضاءة المصرية،والطليعة الأدبية والأقلام العراقيتين وغيرها من الصحف والمجلات.
وقد اعتقل الشاعر الراحل ضمن مجموعة من الأدباء والكتاب والصحفيين الليبيين،الذين كانوا ينشرون نتاجهم الأدبي في صحيفة الأسبوع الثقافي والفجر الجديد الليبيتين،وحكم عليه وزملائه في قضية رأي سياسي بالسجن لمدة 10 سنوات،حيث عُرفت قضيتهم بقضية الصحافة وسجنوا في آواحر عام 1978 وأفرج عنهم في شهر مارس عام 1988.
وبعد خروجه من السجن،عاد الراحل إلى الكتابة مجدداً في الخارجية الليبية،ليشارك مجدداً في إثراء الحياة الثقافية بإسهاماته الإبداعية والفكرية،كما عمل في أكثر من دولة أجنبية آخرها سفيراً لليبيا في أسبانيا،حيث بقي في منصبه حتى وفاته صباح السبت.
نتاج الأدبي للراحل
وجدير بالذكر أن من بين النتاج الأدبي للراحل: خطوط في لوحة الطلوع (شعر) وحنو الضمة سمو الكسرة (شعر) وقصائد الظل (شعر) وأفق آخر ( كتاب نقدي) وفي الثقافة الليبية المعاصرة: ملامح ومتابعات ( كتاب نقدي ).
وفي مقدمة كتابه الأخير ” في الثقافة الليبية المعاصرة ” الذي صدر العام الماضي عن دار الرواد في طرابلس،كتب الشاعر الراحل يقول ” لقد خطر لي أن أجمع بين دفتي هذا الكتاب،وشتات ما أسهمت به طيلة 10 سنوات من الكتابات في الشأن الثقافي الليبي،تلت صدور كتابي ” أفق آخر ” كنت خلالها أتلمس باهتمام ودأب،نبض حياتنا الثقافية الليبية،وما يعمل فيها من أسئلة ومشاغل،وقد دفعني إلى الرجوع إليها،وإعادة التأمل فيها،ما تتعرض له ثقافتنا الوطنية،في هذه المرحلة العصيبة والحرجة،من خطر داهم حيث تتربص بها قوى سياسية وفكرية معروفة،تتخندق إما وراء الأيديولوجية العابرة،لفكرة الدولة المدنية الوطنية،أو وراء أيديولوجيات الهويات الفرعية الصغرى ( القبلية والجهوية والإثنية والانفصالية ) مستهدفة طمس خصوصيات ذاكرتنا،وحرف انشغالنا بالتنمية والتطور الاجتماعي إلى قضايا مفتعلة وجانبية،وإشاعة روح عدمية،توازي تماماً الرؤية العدمية لتراثنا الوطني،السياسي والاجتماعي والثقافي،الذي دأب النظام الاستبدادي السابق على ترسيخها طيلة أربعة عقود من الزمن” .
وتابع “على هذا الأساس تفرض اللحظة التاريخية الراهنة،تكثيف الجهد إلى درس تراثنا الثقافي الوطني الحديث المعاصر،والكشف عن جذوره القديمة،والسعي إلى تحليله وتأصيله بغية إعادة بنائه في الوعي الوطني،لأن من شأن هذا الصنيع الثقافي المتراكم أن يحمي ذاكرتنا وهويتنا الوطنية من عاديات المتربصين بها،وأن يؤصلها ويرسخ جذورها ويُنميها مع مضي الزمن وتعاقب الأجيال،بحيث يُشكل أساساً ثقافياً متيناً للفكرة الوطنية ولدولتنا الوطنية المؤملة،دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية والتنمية،التي لا يُمكن أن تنخلع من إطارها الإقليمي والحضاري العربي والإسلامي أو تتنكر له ” . (وال- بنغازي ) أ ع / ر ت