بنغازي 17 يونيو 2017 (وال) أقيمت يوم الأربعاء الموافق 14/06/2017 ضمن الموسم الفكري لشهر رمضان المبارك لمعهد الدراسات الدبلوماسية في الجامعة الليبية البريطانية – بنغازي، محاضرة في الصالون الدبلوماسي للمعهد بعنوان ( السياسة الخارجية للصين تجاه متغير قيادة العالم) ألقاها الأستاذ / محمد عمر البشير العجيلي.
استهل الأستاذ الدبلوماسي الليبي السيد/ علاء الدين العقوري إدارة الجلسة بالتنويه على خصوصية اختيار موضوع المحاضرة،وأشار إلى قلة مثيله في الساحة الليبية، وقدم السيرة الذاتية للسيد المحاضر.
افتتح السيد العجيلي محاضرته بتقديم الثلاث محاور الأساسية فيها ألا وهي : الصين وسياستها الخارجية،النظام الدولي وقيادة العالم،والعوامل والمعوقات.
قدم الأستاذ المحاضر نبذه مختصرة عن الصين من حيث عدد السكان والمساحة والموقع الجغرافي والمكانة الدولية اقتصادياً وسياسياً،وتطرق الى طبيعة النظام الحاكم فيها والذي يتميز ب ( الاشتراكية ذات الخصائص الصينية) كما تطلق وسائل الإعلام الصينية عليه.
وتناول فترة حكم الرئيس الحالي ( شي جين بينغ) التي بدأت منذ مارس2013م وتستمر لفترة 10 سنوات لدورتين متتاليتين في حال استمرار انتخابه.
وأشار السيد العجيلي إلى حملة الرئيس الصيني لمواجهة الفساد التي تلقى ترحيباً ودعماً لدى الراي العام الصيني،والتي طالت مسؤولين كبار في الحزب الشيوعي الحاكم والحكومة والجيش في الصين.
وتحدث المحاضر عن السياسة الخارجية الصينية التى ترتكز في الوقت الحالي حسب وجهة نظره على ثلاثة أسس : عدم التدخل في شؤون الآخرين،مبدأ الانفتاح القائم على المنفعة المتبادلة “الجميع يكسب” الدعوة إلى تسوية المشاكل من خلال الحوار والتنسيق والتشاور.
واستدرك المحاضر بأن الصين اتبعت شبه سياسة العزلة في خمسينيات وستينيات وحتى سبعينيات القرن الماضي،مشيراً إلى أن ذلك قد يكون بسبب عدم اعتراف معظم دول العالم بها.
وتناول مبدأ ” دنغ شياو بينغ” 1992م في السياسة الخارجية الصينية القائم على ( الصعود في الساحة الدولية ونحو المكانة العالمية دون إحداث ضجيج ومن دون تحمل أعباء) وهو المبدأ الذي سارت عليه هذه السياسة حتى العام 2010م.
وبعد ذلك قدم السيد العجيلي ملخص عن طبيعة النظام الدولي خلال القرن الماضي،من ثنائي القطبية إلى متعدد القطبية ثم ثنائي إلى أحادي القطبية بعد العام 1990م، بانفراد أمريكا بالقيادة والهيمنة على دول العالم.
وانتقل المحاضر إلى رصدٍ لعوامل القيادة بالنسبة للصين،فعن العامل السياسي يرى أنها في الوقت الحالي ثاني أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام تحت مظلة الأمم المتحدة، كما أنها ثالث أكبر مانح للميزانية في الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن الدبلوماسية الصينية استطاعت في العام 2016 أن تقوم بتصفير المشاكل مع أهم دولتين جارتين لها حليفتين لأمريكا هما الفلبين وماليزيا.
كما أنها توغلت في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية بجولة الرئيس الصيني في عدد من دول أمريكا الجنوبية وإقامة اتفاقيات شراكة إستراتيجية مع بعضها.
وعن العامل الاقتصادي رأى أن مشاركة الرئيس الصيني في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي خلال شهر يناير الماضي،وهي الأولى لرئيس صيني،تعد بمثابة الإعلان عن العولمة بنكهة صينية خاصة مع تولي الرئيس ( دونالد ترامب) الحكم في أمريكا وانتهجها سياسات حمائية في التجارة الدولية،وأعلن من منصة ( دافوس) عن ” منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي” الذي عقد في شهر مايو الماضي في العاصمة الصينية بكين وحضرها قرابة 30 رئيساً ورئيس وزراء من مختلف قارات العالم.
وتحدث عن ثلاث مبادرات تنتهجها الصين وفقاً لهذا العامل هي “مبادرة الحزام والطريق” و ” مبادرة الانفتاح على العالم” و ” مبادرة صنع في الصين 2025″ وتهدف مجتمعة إلى تعزيز مكانة الصين في الاقتصاد الدولي وفتح آفاق الاستثمار الأجنبي فيها ودعم الاستثمارات الصينية في العالم.
وضمن ذات العامل تناول تأسيس المصرف الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في العام 2014م الذي يضم حالياً أكثر من 50 دولة منها ألمانيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا وغيرها.
أما عن العامل العسكري،فان المحاضر أشار إلى إدخال حاملة الطائرات الصينية للخدمة وتطوير المقاتلات الصينية،غير أنها تطرق إلى أن هناك تقارير إخبارية تشير إلى أن ميزانية وزارة الدفاع الصينية 150 مليار دولار ( وهذا الرقم غير موجود في البيانات الرسمية الصينية حسب إفادته) لا يقارن بميزانية الدفاع الأمريكية 600 مليار دولار.
وأشار السيد العجيلي إلى سعي الرئيس الصيني إلى تطوير الجيش واعتماده آلية ( الجيش الذكي) الأقل في العدد والأكثر مهارة و والأعلى تقنية.
وعن العامل الثقافي تحدث المحاضر عن الإرث الحضاري الصيني،وتطرق إلى صعوبة تعلم اللغة الصينية بالنسبة للأجانب،الأمر الذي تسعى الصين للتغلب عليه من خلال زيادة المنح الدراسية للطلبة الأجانب ونشر أكثر عدد من معاهد كونفشيوس لتعلم اللغة الصينية في مختلف الدول.
وتطرق المحاضر بعد ذلك لجزئية معوقات القيادة، والتي حددها في ثلاث نقاط وهي : هواجس التكلفة إذ أن قيادة العالم سيترتب عليها تحمل أعباء وتكاليف مالية ومادية كبيرة ستستنزف الموارد الصينية،القضايا الداخلية والإقليمية ومنها تايوان والإيغور والتبت وبحر الصين الجنوبي ومنظومة صواريخ “ثاد” الأمريكية والعلاقات مع الهند واليابان وكوريا الشمالية،ورد الفعل الأمريكي الذي يرى فيها أنه لن يتنازل عن قيادة العالم بسرعة وبسهولة وأن أمريكا تسعى للبقاء على كرسي القيادة أطول وقت ممكن.
وبعد ذلك تناولت مداخلات الحضور موضوع المحاضرة، وأهمية استعداد الدولة الليبية للاستفادة من الصين وتجربتها ومكانتها الحالية والمستقبلية.(وال-بنغازي) ا م