بنغازي 06 أغسطس 2017 (وال) – رغم إعلان تأجيل الرحلة وعدم لياقة مكان الانتظار،كان البِشْر والفرح يلوحان على الوجوه وينطلقان صادقين من القلوب عبر الألسنة في كلمات صادقة،زادت سعادتي بالجائزة لأن كل من قابلني وهنأني كان لسان حاله ومقاله : هذه جائزة لنا جميعًا لكل ليبيا الوطن،الوكَن الذي نحب،وكما يقول شاعر الوطن رفيق :
وطني مِن الإِيمَان حُبُّك لَيس لي مَنٌّ عَليْك،وأنت ذو اسْتحقاقي.
كان ركاب الطائرة في الانتظار،خارج المطار وليس داخله،كما يجب أن يكون، ورحم الله نصف الكوب الملآن ويسّر الأمور.
حان ميعاد الدخول بعد الانتظار الطويل ، الذي هوّنه علم الركاب، أنّا إلى بنغازي قاصدون بعد سنوات من إغلاق المطار، مطار بنينا ،والسبب لكل ليبي معروف، أزال الله الهم والغمّ عن كل أهلنا في ليبيا شمالا وجنوبا شرقا وغربا وأشاع الأمن والطمأنينة.
بدأت إجراءات صرف بطاقات الصعود وشحن الأمتعة،ومرت الأمور وسارت وأيضا نحن نرضى بنصف الكوب الملآن، ولا بأس أن نطمح يوما ما أن يمتلأ حتى يفيض،عدلا ورحمة وتقديرا لظروف السفر والمسافرين عبر أغلب مطاراتنا العربية،ولعلكم فيما لمّحت إليه، تعلمون وتعانون أيها المسافرون .
عبرْنا بوابتي الجوازات والأمن والتفتيش سالمين ولله الحمد، وشكرا لأصحاب الأخلاق الحميدة، وإن قاموا بما هو مطلوب منهم أمنا للطائرة وركابها .
ساعة أو أكثر أُعلن لتوجه الركاب إلى الطائرة عبر البوابة المحددة ، شيئا فشيئا حضنتنا الطائرة وطاقمها بكل ود وحب ، أزالا عنا تعب التأجيل والانتظار، وحسرة فقدان نصف الكوب ، الذي نطمح فيه يوما ملآن .
استعدت الطائرة بعد الإجراءات المعتادة للإقلاع.
جاءت التحية من قائد الطائرة بوبكر بوعود بعد أن قام المضيفون بما يجب من التذكير بخطوات الأمان التي كان الركاب يشاهدونها عبر شاشات العرض في الطائرة .
” ستحلق بنا الطائرة على ارتفاع ……… وستصل محطتنا القادمة مطار بنينا في حدود ………”
نسيت حقاً الآن الوقت والارتفاع ولا أتذكر إلا أن محطتنا القادمة هيا بنينا بنغازي .
كان الأحباب بكل الود ينتظرون لحظة الوصول، شكرا لهم جميعا رغم مشقة الانتظار وتأخر الرحلة ،أبوا إلا أن يكونوا في الانتظار تفضلا منهم .
بعد دقائق من الاشتياق لاحت أنوارها، تلك التي وصفها محبوها وعاشقوها ” بالعاشقة المعشوقة ” .. ” مدينة الدفء والحب والحكايات ” .. ” رباية الذايح “.. ” المدينة في وطن والوطن في مدينة ” .
يا أهل بنغازي ويااا بنغازي ** من ذا يكافئ حبكم ويجازي.
كما قال السوسي رحمه الله .
هبطت الطائرة على أرض المطار .. بنينا .. وسط تصفيق مستمر منقطع النظير وزغاريد أمهاتنا وفتياتنا الراكبات في الطائرة .
ويأتي صوت قائد الطائرة بوبكر بوعود عبر إذاعتها .. ” هبطت الطائرة على مدرج مطار بنينا الدولي بنغازي ” .. ” روّحت بنينا ” .. ” ايش رايكم ؟! روَّحت ولّا لا ؟! ”
في نَفَسٍ واحد وصوت واحد،أظنه اخترق جسم الطائرة وسمعه من بخارجها، صدعت أصوات الركاب رجالا ونساء شبابا وأطفالا – روحت.. روحت.. اينعم روحت –
أجل عادت بنينا لأهلها وجيرانهم وأقاربهم وعاد مطارها.
عادت بنغازي، عادت وستتعافى ،ويتآلف أهلها أكثر مما كانوا ،وسيتحابّون أفضل مما كانوا ، وما مرّ قد مر وإن كانت جروحه موجعة أليمة، فما هو إلاّ ابتلاء وامتحان ندعوا الله أن يعيننا جميعا أهلا وجيرانا وأقارب وأصهارا ونسباً على تجاوزه والنجاح فيه من أجل ليبيا الوطن “الوَكَن”.(وال – بنغازي) ام