بنغازي 11 سبتمبر 2017 (وال) – يلجأ الليبيون في هذا الوقت الذي تشهد فيه البلاد اضطرابا سياسيا انعكس سلبا على الجوانب الاقتصادية والمعيشية، لابتكار حلول جديدة لتجاوز العديد من المشاكل التي تواجههم من بينها الدفع الإلكتروني والصكوك السياحية لشراء السلع بديلا “للكاش” الذي سببت أزمة السيولة النقدية في المصارف شحه، لكن الخدمة تسببت في رفع قيمة الأسعار أمام الجميع.
وفي بنغازي أقدمت إدارتي اثنين من أكبر المصارف التجارية العاملة في ليبيا على تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني عبر تطبيقات الهواتف المحمولة والرسائل الهاتفية القصيرة (أس أم أس) لشراء مختلف السلع الغذائية والدوائية والمعمرة من عديد المحال والمطاعم والمستشفيات والشركات.
ودشن مصرف التجارة والتنمية لزبائنه خدمة (ادفع لي) ليشترون ما يريدون من المحال التجارية المشتركة في الخدمة عبر الرسائل الهاتفية القصيرة (أس ام أس) فيما دشن مصرف الوحدة هو الآخر خدمة (موبي كاش) لتمكين زبائنه من الحصول على خدمة الدفع الإلكتروني.
و (ادفع لي) و(موبي كاش) تتم من خلال وجود تطبيق الخدمة لدى التاجر، الذي يقوم بدوره بخصم قيمة المشتريات من الحساب المصرفي للزبون إلى الحساب الجاري للتاجر، وتتم العملية من خلال موافقة كل من الطرفين البائع والمشتري عن طريق إدخال الأرقام السرية للخدمة وتأكيد عملية الدفع بعد تلقي رسالة عبر الهاتف المحمول للمشتري.
ويقول المواطن محمد علي حسين “35 عاما” وهو يقف في طابور طويل في أحد متاجر البقالة العامة الكبيرة نسبيا في مدينة بنغازي في انتظار دوره لتسديد ثمن المشتريات التي ملأ بهن سلة مجرورة “لقد حلوا لنا المشكلة فعلا، لم أعد أهتم بالوقوف لساعات أو أيام أنتظر سحب جزء بسيط من مرتبي”.
لكن سالم محمود “52 عاما” كان يهز رأسه يمنة ويسرة معترضا على حديث سابقه قائلا “لقد حلت مشكلة السيولة النقدية فعلا لمن يجيد تقنين هذه الخدمة،لكننا بتنا نشتري الكثير من الأشياء غير الضرورية وهذا يجعل رصيدنا المصرفي يتناقص إلى أن نجد أنفسنا بلا رصيد مصرفي أو كاش في اليد”.
وتتعامل آلاف المتاجر بهذه الخدمات المصرفية الحديثة في بلد أرهقته الحروب على مدى السنوات الستة الماضية، ومنذ دخول البلاد في حالة انقسام سياسي على مختلف المؤسسات من بينها مصرف ليبيا المركزي في العام 2014 .
وتسبب انقسام مصرف ليبيا المركزي في أزمة نقص السيولة النقدية بعد سحب المودعين وكبار التجار أرصدتهم من المصارف وتخبئتها في المنازل، لأن عددًا منهم أكد فقدانه الثقة في المؤسسة المصرفية من جهة، فيما عمل عدد آخر كتجار الحروب ليزيد من تأجيج الصراع بين الليبيين وتعميق أزماتهم كما قال سالم محمود.
ويقول أيمن العبيدي “46 عاما” وهو خارج محملًا بأكياس الأمتعة من أحد المحال التي تتعامل مع الخدمة “لم تعد هذه الطريقة مجدية، قالوا لنا قبل ستة أشهر منذ انطلاق هذه الخدمة أن الأسعار ستظل كما هي، لكنها ارتفعت بنحو 40% في حال رغبت الشراء عبر (ادفع لي)كما أن العديد من السلع ذات الجودة العالية اختفت من الأسواق التي تتعامل بالخدمة وتم استبدالها ببضائع سيئة المنشأ والجودة ونحن مضطرون لشرائها”.
لكن صلاح العقوري المالك لأحد المحال التجارية التي تبيع للمواطنين بالخدمة الإلكترونية قال إن “المصرف لم يفِ بالتزاماته معنا (…) لقد قال إنه بإمكاننا سحب 25% نقديا متى ما نشاء من قيمة المبيعات بهذه الخدمة، لكنه عجز عن الإيفاء بذلك وهو ما جعل العديد يوقف التعامل بها أو يرفع أسعار مبيعاته سواء بالكاش أو بغيره وهو ما يعمق الأزمة ويسبب ارتفاع الأسعار أمام الجميع خصوصا مع انعدام العملة الأجنبية في المصارف وارتفاعه عشرة أضعاف في السوق الموازية”.
من جهته طالب مصرف التجارة والتنمية المواطنين عبر موقعه الرسمي بالتبليغ عن المحال التجارية التي ترفع الأسعار عند التعامل بخدمة (ادفع لي)قائلا إن الهدف من ذلك هو رفع المساهمة في حل مشكلة نقص السيولة النقدية لدى المواطنين وليس رفع الأسعار أمامهم.
وأشار إلى أن هناك بعض المحال تقوم باستغلال الزبائن من خلال رفع أسعار السلع المقدمة عبر خدمة (ادفع لي) لافتا إلى أنه قرر إيقاف الخدمة عن المحال التي ترفع أسعار السلع التي يتم شراؤها عبر هذه الخدمة.
ويقول رمزي آغا رئيس لجنة إدارة أزمة السيولة النقدية في مصرف ليبيا المركزي في وقت سابق إننا “عقدنا عدة اجتماعات بالمعنيين وخلصنا إلى اتفاق ضمان المصرف المركزي بتوفير السيولة النقدية للمحال والأسواق شريطة توافر هذه الخدمة طوال ساعات العمل ودون أي شرط أو قيد مع ضمان عدم رفع التسعيرة على المواطن والمعاملة اللائقة بهم”.
ولم تعترض اللجنة العليا للإفتاء في هذا البلد الإسلامي المحافظ على الخدمة قائلة في بيان إنها “جائزة شراعا لأن عمولة 2% التي يأخذها المصرف هي أجرة على التحصيل لكونه وكيلا مفوضا على حساب الزبون وليس فيها ربا”.
ويقول المتحدث باسم مصرف الوحدة المعتصم الفيتوري في تصريحات سابقة إن خدمة (موبي كاش) التي تعمل في طور التجريب متاحة لجميع زبائن المصرف المشتركين في “خدمة الوحدة موبايل متميز” وأنها “لا تحتاج إلى ضرورة استخدام هاتف نقال ذكي عند عملية الدفع، كما لا تحتاج من التاجر امتلاك جهاز نقطة بيع (بي أو أس) تقليدي إضافة إلى أنها وسيلة دفع آمنة ذات مستوى حماية عال”.
ويشير إلى أنها تساهم في الحد من عوائق عمليات الدفع النقدي في ظل ظروف نقص السيولة المالية النقدية، كما أنها تساهم في التقليل من حاجة الزبون إلى التردد على المصرف والوقوف في طوابير لتصديق الصكوك أو سحب مبلغ نقدي.
يذكر أن المصرف المركزي في طرابلس والموالي لحكومة الوفاق غير الدستورية أقدم على طباعة عملة نقدية في بريطانيا، فيما طبع المصرف المركزي الشرعي في البيضاء أربعة مليارات دينار في روسيا ومع ذلك لم تنته أزمة السيولة النقدية حتى الآن.(وال – بنغازي) أ م / تصوير : عبدالله دومة