بنغازي 12 سبتمبر 2017 (وال) – اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها حول التمييز الذي يلاقيه المهاجرون الأفارقة من جنوب الصحراء بسبب لون بشرتهم السمراء في ليبيا، أنه ليس هناك مكان أسوأ من هذا البلد في معاملة المهاجرين بسبب هذا التعصب خصوصا لدى مهربي البشر في غرب البلاد.
وقالت الصحيفة في تقرير أعد من العاصمة السينغالية داكار إن الآلاف من المهاجرين من جميع أنحاء أفريقيا يائسون في عبور البحر للوصول إلى أوروبا من أجل حياة أفضل خصوصا وأنهم يتعرضون لسوء المعاملة لسبب واضح وهو أن “لون بشرتهم أكثر قتامة”.
وبنت الصحيفة تقريرها على آراء عدد من المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا عبر ليبيا، قائلة إن عددا منهم يتعرضون للضرب وإساءة المعاملة من قبل المهربين في غرب البلاد، لافتة إلى أن هؤلاء المهربين يستخدمون لفظة “المحروق” وهي عبرة عرقية تستخدم للأشخاص الذين لون بشرتهم أسود.
ونقلت الصحيفة عن كليليو دارمية وهو مهاجر وصل إلى إيطاليا عبر ليبيا قادما من موطنه الأصلي غامبيا قوله إن “المهربين في غرب البلاد رفضوا أن يصلي حتى بجانبهم لكونهم يعتقدون أنهم أفضل منا”.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المهاجرين يضطرون للعمل في ظل ظروف قاسية وإساءة معاملة في ليبيا التي ينعدم فيه القانون ويزداد فيها العنف منذ سقوط نظام القذافي، وذلك لتأمين 5000 دولار للعبور عبر البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا لقلة المسارات القانونية للهجرة.
وأوضحت الصحيفة أن 132 ألف مهاجر غير شرعي عبروا البحر الأبيض المتوسط هذا العام إلى أوروبا، مؤكدة أنهم واجهوا مخاطر كبيرة على طول الطريق في البحر، وأن أكثر من 2300 شخص غرقوا في البحر ومنهم من هو في عداد المفقودين خلال عبورهم للساحل الشمالي الغربي لليبيا، فيما ينتظر كثيرون آخرون في ليبيا عبور الحدود.
وقال تقرير جديد من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمنظمة الدولية للهجرة إن بعض المهاجرين أكثر عرضة للإساءة والاستغلال من غيرهم. ومن بين أولئك المعرضين لخطر معين، وفقا للصحيفة، الأشخاص الذين يسافرون وحدهم، والذين لديهم مستويات منخفضة من التعليم، والأطفال من أي سن والمهاجرين الذين عانوا من رحلات طويلة.
بيد أن الناس من أفريقيا (جنوب الصحراء الكبرى) هم الأكثر ضعفا من الجميع، وذلك ببساطة بسبب لون بشرتهم، وفقا للتقرير الذي نقلته نيويورك تايمز.
وقال كريستوفر تيدي المتحدث باسم اليونيسيف “انها حقيقة وحشية ومروعة، لكن الشباب بحاجة إلى معرفة المخاطر قبل اتخاذ قرار” خلاصة القول: هذا يثبت مدى أهمية حصول الأطفال المهاجرين واللاجئين على مسارات الهجرة الآمنة والقانونية”.
ويعد التقرير واحدا من المحاولات الأولى لاستخدام كل من الحكايات والبحوث الكمية لتوثيق إساءة معاملة المهاجرين على أساس مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك بلد المنشأ،وهو يحلل شهادة حوالي 22 ألف من المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط،مع التركيز على أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و 24 عاما.
ويقدم التقرير مثالا على ذلك “يواجه الصبي المراهق من أفريقيا في جنوب الصحراء الكبرى،حتى ولو كان لديه تعليم ثانوي ويسافر في مجموعة على طول طريق وسط البحر المتوسط، 75 في المائة من خطر الاستغلال”.
وأضاف أنه “إذا جاء من منطقة أخرى حيث لون البشرة أخف قتامة فإن الخطر سوف ينخفض إلى 38 في المئة”.
وقال التقرير “ان شهادات لا تعد ولا تحصى من المهاجرين الشباب واللاجئين من أفريقيا جنوب الصحراء توضح أنهم يعاملون بشكل أكثر قسوة ويستهدفون الاستغلال بسبب لون بشرتهم”.
وتوجد منذ زمن طويل توترات بين شمال أفريقيا وأفارقة جنوب الصحراء الكبرى.
وفي العديد من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ترتفع البطالة، مما يدفع الشباب والشابات إلى مغادرة منازلهم للوصول إلى أوروبا، حيث يأملون في العثور على عمل،وقد أظهرت الإحصاءات الأخيرة أن تدفق المهاجرين إلى أوروبا قد تباطأ،ولكن لا أحد يؤكد لماذا،وحذر المحللون من أن الهدوء ليس من المحتمل أن يكون دائما.
ويقول التقرير إنه في حين أن الشباب معرضون لخطر أكبر من البالغين بغض النظر عن مكان عبورهم للبحر الأبيض المتوسط، فإن الذين يعبرون من ليبيا هم في خطر كبير. في ليبيا “يتعاملون مع تفشي العنف وغياب القانون، وغالبا ما يتم احتجازهم من قبل سلطات الدولة وغيرها”.
وحتى قبل وصول المهاجرين إلى هناك،فإن رحلتهم عبر أفريقيا جنوب الصحراء تشمل عادة رحلة غادرة عبر الصحراء في حافلات أو شاحنات ضيقة.
في ليبيا ظروف العمل والمعيشة قاتمة،وأبلغت النساء عن إجبارهن على العمل بأعمال غير مشروعة لكسب المال للرحلة عبر البحر،ويقول العديد من الرجال إنهم يتعرضون للضرب بل يطلقون النار عليهم من قبل المهربين في غرب البلاد،وقد اختطفهم بعض المهاجرين،مما اضطرهم إلى الاتصال بالمنزل لكي يدفع أقاربهم فدية لتأمين الإفراج عنهم.
وقال شيكو ب كالون وهو مهاجر من سيراليون يقيم حاليا في معسكر في ايطاليا لنيويورك تايمز، إن المهربين يطلبون من المهاجرين الذين لديهم جلد أسود بمزيد من الأموال للرحلة،وقال إن المتاجرين يبررون الرسوم الشديدة لأنهم يواجهون المزيد من الصعوبات في إيصال السود من خلال ليبيا حيث يكون التمييز شائعا.
وقال السيد كالون إنه أثناء وجوده في ليبيا، قام المهربون بإخفائه ومجموعة من المهاجرين السود الآخرين بتغطيتهم بأغطية بلاستيكية في ظهر شاحنة،وحتى مع الغطاء،كان المتاجرون بالبشر يشعرون بالقلق الشديد إزاء رؤيتهم لنقل السود الذين أخذوهم عبر سلسلة من الطرق الالتفافية للوصول إلى طرابلس.
وبمجرد وصوله إلى ليبيا، تمكن السيد كالون وأصدقاؤه من العثور على وظائف غريبة،لكنهم كانوا يلقون أجرا أقل بسبب لون بشرتهم وأحيانا لم يتم دفعها على الإطلاق.
وقال “لا أعتقد أن هناك مكانا سيئا مثل ليبيا”.
وينعدم في المنطقة الممتدة من الحدود الليبية – المصرية شرقا وحتى سرت غربا بمسافة تقدر بنحو 1500 كيلوا متر، عمليات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين عبر البحر إلى أوروبا وذلك لسيطرة القوات المسلحة العربية الليبية على طول هذا الساحل، إلا أن دولا أوروبية تدعم الميليشيات غرب البلاد ما جعلها تستفيد من هذا الدعم في عمليات التهريب والاتجار بالبشر.
وع ذلك تسعى إيطاليا وعدد من الدول الأوروبية لتوطين المهاجرين في ليبيا، مع عدم اهتمامها بإنشاء مراكز إيواء للمهاجرين أو خلق مشاريع تنموية تحد من تدفق المهاجرين من بلدانهم إلى ليبيا للعبور نحو أوروبا. (وال – بنغازي) خاص بقسم الترجمة والرصد في الوكالة.