بنغازي 25 أكتوبر 2017 (وال)- السينما رسالة تنقل جمال الحياة أحيانا وتنثر الأمل في القلوب أحيانا أخرى،وتجسد صور المعاناة والبؤس الإنساني بكل صوره،وأوجه الاختلاف والتوافق التي يعيشها.
محمد مخلوف مخرج سينمائي من أبناء مدينة بنغازي له تاريخ طويل في هذا المجال،من خلال أفلامه التسجيلية والوثائقية،وله مشاركات عالمية عديدة،وله البصمة المتميزة أيضا في مشاركة أبناء مدينته لتلك الصور،من خلال نقل الواقع بعدسته،ومحاكاة الحياة بكل وجوه الترف والخوف والأمل التي تحتويها،وكالة الأنباء الليبية التقت مخلوف وكان هذا الحوار:
بدايات
بدأ محمد مخلوف مشواره من خلال الرسم ثم عمل صحفيا لينطلق إلى عالم السينما حيث يرى أن السينما هي المشاهدة والقراءة،وعاد للوطن بعد أن قضى حوالي 36 سنة في الغربة،وكانت عودته لأرض الوطن في عام 2012 واصفا الغربة بأنها ” تؤنسن الإنسان” .
وعن أولى بداياته السينمائية يقول : كان أول فيلم يتحدث عن اختطاف منصور الكيخيا،والذي اختطف سنة 1993 وعرض سنة 2012 في مدينة بنغازي،وهو فيلم تسجيلي بعنوان ” اسمي بشر” ومن هنا كانت البداية ثم انطلقت لتقديم العديد من الأفلام من خلال قناة الجزيرة الإنجليزية مثل : المنفى،والسيد الرقيب وغيرها.
تهديدات
الظلاميون هكذا وصف مخلوف الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر على مدينة بنغازي،كاشفا أنه تعرض لتهديد مباشر من قبل الإرهابي وسام بن حميد،من خلال رسالة نصية إلكترونية،أرسلت له في سبتمبر 2014 عبر موقع فيس بوك،في حال إصراره على إقامة الدورة الجديدة لمهرجان الشاشة العربية المستقلة،وجاء ت حرفيا “لو سمعنا أنك ستكون في بنغازي تجلب الأفلام الهابطة والكفر سنقطع رقبتك،اترك ليبيا وعد من حيث أتيت أيها الفاسق الماجن،لا نريد مهرجانات ولا أفلامك الخليعة” .
السينما والواقع
وحول علاقة السينما والواقع يقول المخرج السينمائي من الطبيعي أن ينعكس الواقع على مايقدم من خلال السينما،مضيفا أنه يعد حاليا لفيلم اسمه ” الأعرج ” يناقش من خلاله صور اجتماعية متعددة للمجتمع الأعرج.
حيث يتم إسقاط صور من الواقع مثل : حرمان الطفل من اللباس بشكل لائق بسبب الفقر،وتجده يرتدي حذاء أمه أو أبيه،أو رجل أعرج يمر من أمام طفلين يختصمان،محاولا فض النزاع بينهما ويرد عليه أحد الأولاد ” مش شورك ” وهكذا صور كثيرة تتعدد لتعكس صورة لمجتمع أصبح أعرجا،لا يقوى على السير بشكل صحيح وخطى مستقيمة ثابتة،بسبب تغير العديد من المفاهيم الاجتماعية،وتغيرها مما انعكس على الحياة اليومية بشكل غير مقبول.
بين الحلم والواقع
ويتابع محمد مخلوف كان لدي حلم يراودني بإنشاء أكاديمية للسينما في بنغازي؛ويضيف أن الحلم مازال قائما،لكن الواقع يقول لا،وبلهجة غاضبة يقول “ذهبت لقناة الحدث وقدمت أفلامي لم يرد عليّ أحد،واقترحت إنشاء قسم وثائقي في التلفزيون،ولم يُستجب لطلبي أيضا” .
معركة بنغازي
هذا الفيلم من أقوى الأفلام التي وثقت فترة الصراع المسلح في تلك الفترة العصيبة،التي شهدتها مدينة بنغازي علي يد الإرهابيين هكذا يصفه ضيفنا،وقد تم عرضه في 5-فبراير -2017 في مسرح الطفل في مدينة بنغازي.
ويقول “ركزت على الحرب وبشاعتها وحالات النزوح و شباب المحاور الذين أنقذوا بنغازي وليس المسؤولين،مع أن عدد من شاهدوا الفيلم كما يقول وصل فقط 150 متفرج، لكن طوال العرض لا تسمع إلا بكاء الرجال والنساء, وحالة الحزن التي خيمت على الجميع “.
وأتمنى أن يشاهد كل ليبي هذا الفيلم،ليعرف حالة الدمار والخراب التي عاشتها المدينة،وتقوم إحدى القنوات بشراء الفيلم،مستغربا أن بعض الجهات تطلب مني أن أعطيه لهم مجانا.
قدم مخلوف أيضا فيلم ” غدا ” وقصته لطفل يذهب للمحور ويعيش حالة الرعب التي شهدتها المحاور ويبحث عن الأمان من خلال رمزية حمل زجاجة ماء،باحثا عن الماء طوال الطريق،دلالة على عطشه للأمن والأمان كما صور فيلما كاملا باسم ” فن الأمل ” بالكاميرا العادية.
رؤى مستقبلية
ويؤكد المخرج “لابد للسينما أن تقدم أملا يبعث في الأمل للمشاهد وأن يحاول أن ينتهي بصورة سعيدة،ولا أمانع أن أقدم فيلما بهذه الكيفية ففي فيلم ” معركة بنغازي ” يظهر الشاب هشام بن صريتي ويقول ” بنغازي صخرة قديمة ثابتة بنغازي وما تلين بالساهل إن جاها غازي” .
وأضاف أن فيلم ” الأعرج ” نهايته تكون لامرأة تسير في الطريق،فيأتي إليها أطفال يطلبون منها أن ترقص لهم “رقصة الحجالة ” وهم يشاركونها بضحكاتهم.
غياب مهرجان الشاشة العربية المستقلة
وقدم مخلوف مهرجان الشاشة العربية المستقلة لأول مرة في مدينة بنغازي سنة 2013 وكان حدثا ثقافيا هاما،دمت من خلاله العديد من المشاركات السينمائية المتميزة وعرض في سينما الفيل في القرية السياحية بنغازي،ليتوقف بعد الأحداث المتسارعة التي شهدتها المدينة.
أما الدورة الأولى للمهرجان فقد قدمت في لندن سنة 1999 والدورة الثانية كانت في الدوحة سنة 2001 والدورة الثالثة في مدينة بنغازي سنة 2013 وتتخصص مؤسسة «الشاشة العربية المستقلة» في إنتاج وتوثيق الأفلام المستقلة الوطنية من بينها: «بنغازي: مدينة الأمل، أنا ليبي وأفتخر، السلام لليبيا، الزاوية: مدينة المقاومة، اسمي بشر،اختطاف منصور الكيخيا»
وحول استئنافه مجددا للمهرجان يقول المخرج السينمائي ” قدمنا طلبا للدعم من قناة الحدث ولم ترد،أيضا المجلس البلدي ولم يرد بسبب عدم وجود الميزانية “.
ويضيف لدى لجنة المهرجان مبلغ 136 ألف دولار دُعمنا بها من أمريكا،ولكنها إلى الآن في السفارة الأمريكية في طرابلس ولم نتحصل عليها حتى الآن.
ويستطرد المخرج محمد مخلوف : تدرب 200 شخص في مجال المسرح والسينما في وزارة الإعلام في فترة تولي الحبيب لامين للوزارة،ولم يتلقوا مستحقاتهم حتى الآن وهذه سرقة في وضح النهار .
وأضاف قمت بتدريب 40 شاب وشابة عن كيفية صناعة الأفلام لمدة 8 أشهر،ولم أتلقَ حقوقي المالية وبالتالي رفعت قضية ضد الوزارة،وأطالبهم فيها بمستحقاتي التي تبلغ 60 ألف دينار.
السينما في ليبيا
وأكد مخلوف أن ليبيا لايوجد بها للأسف دور للسينما؛رغم أن الشعب محتاج لها،كما يرى المخرج محمد مخلوف أن هناك مواهب شابة متميزة،فقط ينقصها الدعم الكبير, من خلال وزارة ” الثقافة ” كما وصفها.
ختام وأمنيات
يختتم ضيفنا حديثه بأمنيات بأن نخرج من هذه المأساة ونستطيع بناء بنغازي وليبيا بالصورة الصحيحة،و أن تقدم كل معاناتنا وأحلامنا من خلال السينما.(وال- بنغازي) س خ / س ع