فيتنام 12 نوفمبر 2017 (وال) – أثار البيان الأمريكي الروسي المشترك،الذي صدر عن الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين أمس السبت،على هامش قمة آبيك في فيتنام، زوبعة من الشكوك ،والتأويلات الغامضة، شارك فيها عدد من المعلقين السياسيين، ومحللين في شؤون الحرب، فضلًا عن المعارضة السورية.
احتجاج مراسلي
نقابة مراسلي الصحف الأمريكية كانت أول من تشكك في الذي جرى بين ترامب وبوتين،على هامش قمة آبيك،حيث رفعت النقابة الصوت بالقول “إن شيئًا ما غامضًا حصل”جعل ترامب يستبعد الصحافيين من لقاءاته الثلاثة العارضة مع بوتين، والتي صدر بعدها البيان،الذي كان أعّده خبراء من الدولتين، وبحثه وزيرا الخارجية،قبل أن يصدر من العاصمتين موسكو أولًا ثم واشنطن.
اتفاق ووثيقة
مصدر التشكك بوجود “شيء ما غامض”انطلق من أن الحديث كان عن بيان مشترك،لتأتي تسميته على لساني ترامب وبوتين بأنه “اتفاقية”فيما جاء في النص الرسمي تعبير “الوثيقة” أو التفاهم ما يعني بالنسبة لكل الأطراف المعنية بالملف السوري (الذي هو أساس الاتفاقية) أن شيئًا ما جديدًا بالفعل، تم إبرامه بين أمريكا وروسيا، يتجاوز النصوص المعلنة،التي وصفتها المعارضة السورية بأنها لا تتضمن شيئًا جديدًا في حدود منطوقها.
وزاد في حدة الشكوك أن الرئيسين ترامب وبوتين تبادلا سيلًا من الإشادات ببعضهما،وتبرئة كل منهما للآخر من التآمر، إضافة للتقييم العالي لهذه الاتفاقية باعتبارها “تضع نهاية لنزف الدماء” وتتعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد على أنه أمر واقع، ومستمر بموجب التزامات فرضها على نفسه.
في الوثيقة جاء النص على أن التسوية النهائية للصراع في سوريا،يجب أن تكون في إطار عملية جنيف،وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
لا جديد
وأشارت “الوثيقة” إلى تصريح أخير صدر عن الرئيس السوري بشار الأسد،أكد فيه الالتزام بعملية جنيف،والإصلاح الدستوري والانتخابات،وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي.
وأضافت الوثيقة” أو الاتفاق أن هذه الخطوات تفرض التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن (2254) بما في ذلك الإصلاح الدستوري، وإجراء انتخابات حرة نزيهة، تحت مراقبة الأمم المتحدة، مع مراعاة أعلى المقاييس الدولية في مجال الشفافية والمساءلة ومنح جميع السورين بمن فيهم من في الشتات الحق في المشاركة فيها.
وهذا النص يحمل في طياته من الإيحاءات ما هو أكثر من النصوص الحرفية التي تبدو وكأنها مكررة من بيانات سابقة.
ودعت الوثيقة الأطراف السورية كل إلى المشاركة الفاعلة في عملية جنيف السياسية وهي دعوة،الجديد فيها أنها تسقط الإشارة إلى مؤتمر سوتشي،الذي كانت دعت له روسيا ورفضته المعارضة.
تقاسم النفوذ
“الوثيقة” تحدثت عن الحفاظ على قنوات اتصال عسكرية، وهي إشارة فُهمت على أنها تثبيت لتقاسم النفوذ، ومنع الصدام بين القوات الأمريكية والروسية، إلى حين الانتهاء من هزيمة داعش.
المضامين غير المنصوص عليها في هذا النص، تعني تقاسم النفوذ على الأرض السورية ؛بحيث يكون غرب نهر الفرات لقوات حلفاء سوريا، فيما يكون شرق الفرات لحلفاء أمريكا.
وفي سياق الإشارة لإقامة منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا على حدود الأردن (وهو ما تم توقيعه يوم أمس) جاء النص في الوثيقة على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها.
وفي الترويج لأهمية الاتفاق تحدثت البيانات المكملة،التي صدرت من موسكو وواشنطن،عن أنه لا حل عسكريًا للصراع في سوريا، وهو حديث لا جديد فيه سوى التأكيد عليه مجددًا بتزامن يتوافق مع حديث تكهنّي واسع عن حرب قادمة بين إسرائيل وإيران وميليشياتها الشيعية بمن فيهم حزب الله، حيث إن هذه الحرب ربما لن تستثني الأراضي السورية بجانب جنوب لبنان.
وقد تضمنت الوثيقة إشارة رهان أمريكي على مساعدة روسيا في تقليص نفوذ إيران في سوريا، وهي إشارة لا جديد في نصوصها سوى أنها تتكرر الآن كجزء من اتفاق يجري إبرامه بين بوتين وترامب، في الوقت الذي تكشف فيه الصور الفضائية أن الميليشيات الإيرانية تبني قاعدة عسكرية جديدة على بعد 50 كيلو مترًا من حدود إسرائيل في فلسطين المحتلة.
غموض
حجم الحفاوة الرسمية من طرف ترامب وبوتين باتفاقية لا تتضمن في نصوصها الظاهرية شيئًا جديدًا ملفتًا،أثار الريبة في أوساط عديدة ليس أقلها “معهد دراسات الحرب” الأمريكي الذي نشر اليوم الأحد تقريرًا عنوانه “الولايات المتحدة تفوّض روسيا بتصميم مستقبل سوريا”.
وكان تركيز تقرير المعهد على أن البيان أو الوثيقة ،التي احتفى بها الرئيسان الأمريكي والروسي لا تخاطب أو تعالج الأولويات الأمريكية الراهنة في الشرق الأوسط،وهي مواجهة التمدد الإيراني، كما لا تشير إلى وجوب الهزيمة النهائية للإرهاب في مرحلة ما بعد خروج “داعش” من معاقلها الرئيسة السابقة.
والأهم من ذلك كله كما قال تقرير “معهد دراسات الحرب” أن هذه الاتفاقية الأمريكية الروسية لا تعالج الأسباب التي قامت عليها الثورة الشعبية في سوريا قبل أن تتحول إلى ساحة معارك أممية. (وال – فيتنام) ع م