بنغازي 29 أغسطس 2016 (وال)-ظلت الامتحانات محطة أساسية في العملية التعليمة، ونقطة تحول في حياة الطُلاب يتجند لها المربون ويستعد لها التلاميذ ويتأهب الأولياء لنتائجها، حيث تشكل الامتحانات النهائية في الثانوية العامة على وجه الخصوص أهم هذه الامتحانات وأكثر تحديداً لمستقبل التلاميذ .
غير أن هذا الواقع قد بدأ يتغير بتغير العديد من العوامل المتصلة به ومنها أساساً نظام الامتحان نفسه وأهدافه وملابساته والظروف الحافة به، والتظليل الإعلامي من بعض الوسائل الإعلامية والتعتيم من قبل وزارة التعليم وضعف جسور التواصل بين الأخيرة وبين الفئات المستهدفة .
وفي عامنا هذا على وجه الخصوص لم يكن مسار وزارة التعليم في الاتجاه الإيجابي، حسب بعض الطلاب الممتحنين وخاصة في مدينة بنغازى، التي مازالت تمر بظروف استثنائية، فمعظم طلابها عانوا جراء أزمة النزوح والأزمات الاقتصادية، وتقهقر مستوى تحصليهم لظروفهم الحرجة .
وكالة الأنباء الليبية تحاول في هذا التقرير رصد مظاهر التقهقر والمطبات، التي واجهت الطلاب، وذلك حسب استطلاعات وإحصائيات اللجنة المُشكلة من وزارة التربية والتعليم في الحكومة الليبية المؤقتة، وسير عمل الامتحانات من خلال رصد واقع امتحانات الثانوية العامة في مدينة بنغازى .
ويمكن التأكيد بدءاً على أنّ تقييم امتحانات الثانوية العامة في بنغازى ستكون له خصوصية خاصة.
وكما جرت العادة أن تتشكّل لجان وزارية مختصة في متابعة وتقويم الامتحانات مع بداية الامتحانات النهائية وفي عامنا الجاري، كلفت الوزارة لجنة ضمت 4 مختصين من الإدارة العامة للامتحانات في الحدود الإدارية لمدينة بنغازي، وهو ما اعتبره البعض “غير منصف” بالمقارنة بعدد اللجان المحلية،التي بلغت 60 لجنة أو دائرة داخل مدينة بنغازى وضواحيها سلوق وقمينس وسيدى خليفة وبنينا .
وهذا ما أفادنا به رئيس اللجنة المُشكلة السيد خالد عبدالله حيث اعتبر أن عدد اللجنة “غير كافٍ” وذكر أن عدد الطلاب المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة بنظاميها العلمي والأدبي قد بلغ ما يقارب 12 ألف طالب وطالبة بحيث وصل عدد المتقدين في نظام الأدبي 3500 والعلمي 7500 طالب وطالبة و700 لكبار السن، فحين وصل عدد لجان والدوائر 60 ستين لجنة كما ذكر سابقاً وقد شملت كل لجنة حسب اللوائح عدد 2 مشرف لكل قاعة وآخر ملاحظ ولكل اربع قاعات مراقب وطاقم إدارة اللجنة وحسب التعليمات وألا يزيد عدد المُمتحين عن 20 طالباً وطالبة في كل قاعة دراسية .
ويؤكد رئيس اللجنة أن زيارتهم الأولية أوضحت أن هناك نقاطاً إيجابية وهي التزام لجان وضع الأسئلة بمواصفات الورقة الامتحانية واتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على ما فيه صالح الطلاب الممتحنين، إلى جانب تأمين أوراق الأسئلة حتى وصولها ليد الطلاب، والأداء القوي لغرف العمليات ولجان النظام والمراقبة في المتابعة والدعم.
ويرى إن الزوبعة الإعلامية والحملات التي روجت وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي “غير واقعية ” وتعمل على تظليل الرأي العام، مشيراً أنه سيتم الإعلان عن نتائج تصحيح العينات العشوائية فور الانتهاء منها أولاً بأول كما يتم التعامل بمنتهى الشفافية مع جميع وسائل الإعلام في جميع ما يتعلق بامتحانات الثانوية العامة.
ومن جانبه يوضح مسعود القطرانى أحد أعضاء اللجنة، أن الامتحانات حسب البروتوكول تتم صياغتها من قبل مكتب التوجيه، ولذلك فقد كلف مكتب التوجيه بنغازى برئاسة الأستاذ فرج الساطي بترشيح الموجهين الذين تمخضت اجتماعتهم عن وضع أسئلة الامتحانات لهذا العام.
وأضاف أن القسم الفني في مكتب الامتحانات اعتمد الأسئلة دون تعديل أو تغيير، وذلك حسب صلاحيات المكتب وبين أن صعوبة بعض الامتحانات، كما ينتشر في بعض الوسائل الإعلامية ربما يكون خطأ من مكتب التوجيه والموجهين الذين وضعوا الأسئلة دون مراعاة الفوارق الشخصية والظروف الحالية لمدينتهم بنغازى .
وأردف في حديثة معنا أن إجمالي ما تم رصده من مخالفات خلال امتحانات الدور الأول في امتحانات العام الحالي من حيازة محمول و غش بالأجهزة الالكترونية و نزع أوتمزيق كراسات الإجابة أو محاولة هروب الطلاب بورقة الإجابة ستكون على طاولة الجهات المختصة في الوزارة ،كما أن الصعوبات التي صادفت الطالب إيضاً ستكون على الطاولة للدراسة و للتقدير بشكل جماعي وفي بعض الحالات ستكون بشكل فردي .
وربما كان القطراني الأكثر شفافية في اللجنة حسب تصريحاته حيث تحدث باستفاضة عن تحديات عديدة تصادف عمل الإدارة الحالية لمكتب الامتحانات الذي استهدف لهذا العام مايقارب 36 ألف طالب، من مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي مبيناً أن عدد القوى العمومية في المكتب 48 موظفاً فقط ، وتُقدر ساعات عمل الموظف الواحد ب 10 ساعات متواصلة دون أي مزايا أو تأمين صحي في ظل غياب الميزانيات الحقيقة عن الوزارة، ونقص المستلزمات المكتبية الأولية كالأحبار والطابعات وغيرها مثمناً كموظف في مكتب الامتحانات دور إدارة المكتب الرشيدة في تخطي المحن والمطبات .
ويعرب توفيق الحداد أحد أعضاء اللجنة عن سعادته بوجوده كمشرف في مدينة بنغازي شاكراً أهالي المدينة على حفاوة وحسن الترحاب مثمناً تناغم الطلاب مع اللجان المحلية، لافتاً إن عدد زيارتهم للجان حتى الآن قد بلغ 20 لجنة و إن اللجان التي تمت زيارتها تسير بالشكل المناسب.
وأوضح أن ظاهرة الغش ربما قد أصبحت “حقاً مشروعاً ” في نظر بعض الطلاب نظراً لتكرار هذه الظاهرة بين الطلاب في السنوات الأخيرة في معظم البلدان العربية؛ حيث انتشرت مؤخراً ظواهر سلبية كثيرة فاستشرى الغش وتعددت الاعتداءات والتجاوزات في حقّ المدرسين وعمت بين بعض المشرفين على مراكز الامتحان روح من التساهل واللامبالاة والتغاضي وعمد بعضهم إلى تجاوز القانون وتوفير فرص أكبر لتسهيل الغش جرياً وراء رغبة في نتائج مرتفعة للمؤسسة التربوية والطالب، وغير ذلك من التجاوزات ومن التساهل ، إضافة إلى أن عدداً من رؤساء المراكز قد يتشنج و يفرض جواً من التوتر وانعدام التواصل طيلة أيام الامتحان وهو ما يؤثر بالسلب على الطالب المُمتحن، وكل هذه المظاهر وغيرها تعد حالات فردية وانتشرت في أغلب المدن الأخرى وليست حالة عامة فما تزال القاعات الدراسية تحت سيطرة اللجان المتخصصة في الإشراف، وهذا ” ما رأيناه في مدينة بنغازي ” فالطالب حريص ألا تنتشر الظواهر السلبية أكثر من المسؤول وذلك لضمان مستقبله .
وشدد بصفته عضو لجنة إشراف بضرورة المراقبة فهي مسؤولية جسيمة ، وعلى كل المؤسسات التعليمية اتخاذ إجراءات صارمة لمحاصرة المشاكل والحد منها كما يحدث الآن في بنغازي.
وعن التوصيات الصادرة منهم كلجنة يقول، إنهم قد وضعوا توصيات للعام المقبل وكشف منها ضرورة تهيئة الطالب نفسياً قبل الامتحانات ومخاطبة مكاتب التوجيه بوضع أسئلة تتماشى مع ظروف وخصوصية كل منطقة متعهداً أنهم كمكتب امتحانات يضعون في حساباتهم كل هذه الاعتبارات أثناء التصحيح.
ويطمئن مصطفى حمودة صالح أحد أعضاء اللجنة الطلاب وأولياء الأمور، مؤكداً أن مراعاتهم لظروف طلاب بنغازى لن يسبب “خللاً في العملية التعليمة ” ويؤكد أن لكل مُجد نصيب.
ومن ناحية أخرى ينصح حمودة وزارة التعليم في الأعوام المقبلة، بضرورة التعويل على المدرسين أصحاب الاختصاص وذوي الخبرة الميدانية العميقة والعارفين بالاحتياجات والانتظارت والمدركين للقدرات المتاحة والمستهدفة وفي هذا لا يشكك في قدرة أحد ولكن يتشاطر مع زملائه إن بعض الطلاب قد اشتكوا من صعوبة الأسئلة، وخاصة مادة الرياضات وخصص برسالته موجهي مدينة بنغازى والمدن الأخرى المتضررة.
ووضح أن شبكات التواصل الاجتماعي والإشاعات المغرضة قد تترك المدرسين قبل الطالب في حيرة لشك وريبة.
وأردف أن المشرفين والمدرسين الليبيين بوجه عام وبنغازي على وجه الخصوص، شموع تحترق من أجل تنمية المجتمع وتحقيق أهداف نبيلة في ظروف حالكة. (وال-بنغازي) أ ف/ ف خ