تاورغاء 05 فبراير 2018 (وال)- لليوم الخامس على التوالي لا تزال عشرات العائلات من نازحي تاورغاء عالقين في العراء بين المناطق التي عادوا إليها بعد أن سدت أمامهم منافذ العبور إلى مدينتهم بسبب مطالبة المجلس البلدي مصراتة تأجيل عودة الأهالي حتى الوصول إلى معالجة موضوعية واقعية عادلة على حسب قولهم.
ولا يزال أهالي تاورغاء يتمسكون بالأمل لتحقيق حلم العودة المشروعة إلى مدينتهم واحتضان المكان الذين غابوا عنه لأكثر من خمس سنوات.
ووسط تضامن محلي ودولي مع قضيتهم، خرج الأهالي في العديد من الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بتنفيذ بنود اتفاق المصالحة وتذليل العقبات التي وقفت بينهم وبين مدينتهم بعد أن كانوا على مشارفها.
ويقول متابعون أن أهالي تاورغاء وإن لم يعودوا حتى الآن، فإنهم حققوا نجاحات تمثلت في إعادة قضيتهم إلى الواجهة بعد أن غابت عن المشهد لسنوات، وبمزيد من الإصرار والضغط سيتحقق الهدف النهائي.
ويضيف المتابعون أن أهالي تاورغاء نجحوا بتحريك قضية النازحين والمُهجرين في كل أرجاء البلاد، ومن الآن فصاعدا ستكون هذه القضية حاضرة بكل المحافل الباحثة عن “الخروج من عنق الزجاجة” لعل هذا الخروج يكون بداية لدخول كل نازح إلى بيته الأصلي.
عدم تلقي دعم
و أعلن المجلس المحلي تاورغاء أن النازحين الذين منعوا من دخول مدينتهم لم يتلقوا أي دعم من الجهات المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق العودة الموقع بين مصراتة وتاورغاء.
وبين عضو المجلس عبد النبي بو عرابة أن جميع المساعدات التي تلقاها الأهالي كانت بمجهودات ذاتية من أبناء منطقة قرارة ببني وليد.
ونفى المتحدث باسم اللجنة المركزية العليا للمنطقة الشرقية لنازحي تاورغاء فرج قدورة أي خروج للجنة إلى مدينة تاورغاء، مشيراً إلى إن أي ذهاب للمدينة هو بشكل فردي فقط ولا يوجد أي تحرك للجنة حتى الآن.
وقال قدورة في حديثه لوكالة الأنباء: “إن أهالي تاورغاء لازالوا يطالبون بالعودة للمدينة في أسرع وقت ونحن الآن فقط في انتظار كلمة من طرابلس لإنهاء المفاوضات”.
ومن جهته، أطلق رئيس المجلس المحلي تاورغاء عبد الرحمن الشكشاك، نداء استغاثة للجهات المحلية والدولية لمساعدة أهالي تاورغاء الموجودين في العراء .
وذكر الشكشاك، إن محاولة الأهالي العودة من جديد باتت بالفشل بعد فشل المحاولة الأولى يوم الخميس الماضي وذلك على الرغم من البيان الذي أصدره المجلس الرئاسي غير الدستوري ودعا فيه كافة الأطراف إلى تنفيذ اتفاق العودة .
محاولات للتقدم
وصرح مسؤول اللجنة الإعلامية لمهجري تاورغاء عماد ارقيعة، إن عددا كبيرا من الأهالي المتواجدين في منطقة قرارة القطف الرابطة بين بن وليد ومدينتهم قرروا التقدم باتجاه بوابة الـ 14 التى تتمركز فيها إحدى القوى العسكرية .
وأضاف ارقيعة أن حوالي 80 سيارة يستقلها المهجرين حاولت التقدم نحو البوابة في محاولة لعبورها نحو مدينتهم وأن القوة التابعة لحكومة الوفاق غير الشرعية والمتمركزة في البوابة أطلقت الأعيرة النارية في الهواء لمنعهم من العبور.
وفي ذات السياق دعا رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، محمد المبشر الأطراف الليبية إلى إبعاد أهالي تاورغاء عن صراعاتهم.
مشيرا في تدوينه له على موقع فيسبوك إلى أن أهالي تاورغاء سيعودون بجهود أهل مصراتة وحدهم، مطالبا بضرورة إبعاد التوظيف السياسي، وعدم محاولة نيل المكاسب السياسية من هذه القضية.
وطالب المبشر مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية نحو المدنيين والتي استخدمت في عام 2011.
مخاوف ومناشدات
وبدورها ناشدت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان مجلس النواب بعقد جلسة طارئة بشأن ما يحدث من انتهاكات بحق أهالي تاورغاء المهجرين منذ سبع سنوات.
وطالبت المنظمة بإحالة معرقلي اتفاق عودة أهالي تاورغاء إلى النائب العام ومحاسبتهم على الجرائم المستمرة منذ العام 2011.
وأكدت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان أنها رصدت عدم قدرة المجلس الرئاسي غير الدستوري واللجان المشكلة على الوفاء بالاتفاق ، والالتزام بالعودة الآمنة للمواطنين المدنيين إلى أرضهم المغتصبة وبيوتهم المهدمة .
وأشارت إلى أن المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون بالتعاون مع مليشيات ما يعرف البنينان المرصوص المتواجدة بالحدود الشرقية لمدينة سرت منعوا أول أمس بقوة السلاح وقفل البوابات والتهديد بالقتل.
ولفتت المنظمة إلى أن هذه المليشيات تمادت أكثر وقامت بحرق وهدم ما تبقى من بيوت وسط إعلان المجلس المحلي مصراتة علي عدم قدرته على الوفاء ببنود الاتفاق.
وقد استنكر المجلس الأعلى لقبائل الأشراف و المرابطين في ليبيا ،حادثة اعتراض أهالي مدينة تاورغاء وهم في طريقهم للعودة إلى مدينتهم، وطالب أعيان وحكماء مصراتة بالتدخل العاجل.
وأشار ممثل شباب قبائل الأشراف و المرابطين يوسف بو العمدة الحبوني أن المجلس الأعلى للقبائل يطالب بعودة المهجرين إلى مدنهم بما فيهم أهالي مدينة تاورغاء.
وناشد الحبوني كل قبائل ليبيا الشريفة باتخاذ قرار عاجل يدعم أهلنا بمدينة تاورغاء من أجل عودتهم إلي مدينتهم بعد نزوحهم لمدة طويلة .
وأكد الحبوني بأن مجلس قبائل الأشراف و المرابطين سوف يواصل مساعيه إلى عودة مهجري تاورغاء إلى مدينتهم بسلام ولن يقف حتى يتحقق هذا الهدف.
اتفاق هش
وصرح عضو مجلس النواب محمد تامر بأن اتفاق عودة أهالي تاورغاء إلى مدينتهم اتسم بالهشاشة ما يعني أن تنفيذه سيكون مشكلة أكثر من كونه حل.
وبين تأمر أن عودة أهالي تاورغاء إلى مدينتهم في ظل عدم وجود مؤسسة شرطية قوية سيعرض أهالي المدينة للخطر.
و أعلن وزير شؤون المهجرين والنازحين بحكومة الوفاق غير الشرعي يوسف جلالة استئناف جهود حل أزمة نازحي تاورغاء.
وكشف جلالة عن بدء اجتماع في مصراتة لحل أزمة عودة مهجري تاورغاء إلى مدينتهم الاجتماعات داعيا مختلف الأطراف بتغليب لغة العقل والحوار.
وقال جلالة إن فصائل مُسلحة من مصراتة تُطالب بأموال نَظير قَبولها السماح بعودة أهالي تاورغاء إلى مدينتهم مضيفا أنّ هذه الفصائل المسلحة هي من أخرجت أهالي تاورغاء من مكان تجمعهم.
مساعي لحلحلة المشكلة
ومن جهته، دعا رئيس مجلس الحكماء والشورى في الحوامد علي المهلهل، المجلس الرئاسي غير الدستوري واللجنة المكلفة بتنفيذ اتفاق مصراتة تاورغاء، بالعمل على حلحلة المشكلات التي تعيق عودة أهالي المدينة.
وأكد المهلهل أن أهالي مصراتة وتاورغاء، سيحتكمون لصوت العقل، مشيرا إلى أنه تم التواصل مع الجهات الراعية لتنفيذ اتفاق مصراتة تاورغاء لمعرفة المشاكل والأسباب التي عرقلت عودة أهالي تاورغاء.
وأعربت المقرر الخاص بحقوق الإنسان للنازحين سيسيليا جيمينر عنْ قلقها الشديد إزاء النزوح الذي يُواجه العديد في ليبيا مشيرة إلى إن بالنسبة للكثير بات النزوح يومًا بعد يوم بسبب انعدام الأمن والخوف من الاضطهاد ما يجعل العودة إلى ديارهم مستحيلة.
وأشارت جيمينر إلى أنّ جهودًا كثيرة بُذلت لعودة نازحي تاورغاء يوم 1 فبراير بعد 7 سنوات من النزوح.
ولفتت جيمينر إلى أنّها تشعر بالقلق إزاء التهديدات التي تلقاها النازحون في طريق عودتهم إلى منازلهم عندما تحدثت إلى بعضهم كان هناك من يرغب في العودة لكن البعض أعربوا عن مخاوفهم.
وبدوره أكد عضو لجنة الحوار السياسي سابقا الفضيل الأمين أن قرار مجلس الأمن رقم 1973 بشأن حماية المدنيين ينطبق على حالة أهالي تاورغاء.
وقال الأمين في تدوينه له على صفحته الشخصية بموقع الفيسبوك إن أبناء مدينة تاورغاء مواطنون مدنيون يحتاجون لحماية المؤسسة الدولية بناءا على قرار مجلس الأمن الذي لا يزال سارياً على ليبيا.
وأضاف الأمين أن حماية المدنيين ليست مفصلة على فئة معينة ولا حدث معين ولا جهة بعينها.
يشار إلى إن مجلس الأمن اصدر عام 2011 قرار رقم 1973 والذي يقضي بالسماح للدول الأعضاء باتخـاذ جميـع التدابير اللازمة لحمايـة المـدنيين والمنـاطق الآهلة بالسكان المدنيين المعرضين لخطر الهجمات في ليبيا.
وطالبت السفارة الإيطالية لدى ليبيا، بتنفيذ الاتفاق الموقع بين تاورغاء و مصراتة، لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا.
وأكدت السفارة الإيطالية في ليبيا خلال تغريده على موقعها الرسمي تويتر إن تنفيذ الاتفاق بين تاورغاء و مصراتة يعد خطوة أساسية في اتجاه المصالحة الوطنية الشاملة.
وجددت السفارة دعمها لجهود المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، لضمان حق أهالي تاورغاء وكل النازحين بالبلاد في العودة إلى ديارهم سالمين.
اعتداء على الأهالي
ومن جهته أكد عضو اللجنة الإعلامية لعودة تاورغاء علي ديوان إطلاق النار من قبل مليشيات البنيان المرصوص على نازحي مدينة تاورغاء المخيمين في منطقة قرارة القطف.
وقال الأستاذ ديوان – في تصريح خاص لوكالة الأنباء الليبية – أن إطلاق النار أسفر عن وقوع إصابات في المدنيين العزل المقيمين في المخيم، ولم ننمكن حتى الآن من حصر الإضرار والإصابة.
وأشار إلى أنه من بين المصابين نساء وأطفال وشيوخ ، لافتاً إلى أن فرار أغلب العائلات المهجرة إلى داخل مدينة بني وليد.
وكشف المصدر نفسه عن أن أطراف من مدينة مصراتة عقدوا اجتماع أمس السبت، ومنع المسئولين من تاورغاء المعنيين بملف العودة من حضور الاجتماع.
ولفت إلى أن كافة المسئولين بمصراتة قرروا عدم عودة أهالي تاورغاء إلا بعد الشروط المتفق عليها، وهي الاعتراف بثورة فبراير، ودفع أموال للمدينة كجبر ضرر، وتقديم اعتذار رسمي للمدينة.
وتقع منطقة قرارة القطف إلى الشمال من بن وليد بمسافة 87 كم ويربط طريقها الطريق الساحلي إلى الشرق والجنوب من تاورغاء. (وال – تاورغاء) هـ ع / ع م