المرج 20 أغسطس 2018 ( وال ) – في الوقت الذي يستعد فيه المسلمون في أنحاء العالم لاستقبال عيد الأضحى، بات البعض من الليبيين غير قادرين على شراء الأضحية أو توفير مستلزمات العيد، نظراً للأزمة الاقتصادية وشح السيولة النقدية، وفي الوقت نفسه.
ومن جهتهم يشكو تجّار المواشي من ظروفهم التي قادت بهم إلى رفع أسعار الأضاحي لهذا العام، جراء تردّي الأوضاع الاقتصادية وإنعدام القدرة الشرائية للأعلاف والأدوية ومستلزمات تربية المواشي.
ويقصد أهالي مدينة المرج كغيرهم من الليبيين عشية عيد الأضحى المبارك أسواق الماشية حتى يتمكنوا من شراء أضحياتهم في الوقت المناسب ويتزودوا باحتياجاتهم الضرورية، ورغم الطابع التسهيلي لهذه العبادة إلا أن معظم الأسر الليبية تشعر أنه من واجبها نحر أضحية بهذه المناسبة لإستذكار قصة النبي إبراهيم عليه السلام وإتباعا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومع وفرة الأضاحي وانتشار الحظائر بالقرب من الأحياء السكنية، وذلك أمام أعين عناصر الحرس البلدي الذين يتعاملون بالمناسبة بتسامح مع هذه الحظائر؛ لتسهيل حصول المواطنين على أضحية العيد ،إلا أن أسعار الأضاحي تزداد إرتفاعاً دون رقيب أو حسيب !!
وكالة الأنباء الليبية إلتقت مساء أمس الأحد عدداً من المواطنين بمدينة المرج، للحديث حول الأضحية وسعرها:
يقول عصام العسبلى أحد المواطنين في حديثه مع وكالة الأنباء الليبية:إن التفاوت في الأسعار مخيف جداً والغلاء مبالغ فيه …متعجباً من إرتفاع الأسعار لتصل سعر الأضحية المناسبة حتى 1200 دينار ليبي, لافتاً إلى ان المرتبات لا تُمنح للمواطن بالكامل في ظل شح السيولة النقدية وإستمرار الأزمة الاقتصادية، ولهذا يرى العسبلى من داخل سوق المواشي عدم تكافئ الأموال المُمنوحة من المصارف التجارية وأسعار الأضاحي داخل الحظائر.
ومن جهته المواطن م.ع إستهل حديثه معانا ” لا إله الإ الله .. ربى يكون في عون المواطن” وبين المواطن الذي رفض ذكر أسمه إنه استلم من المصرف قيمة خمسمائة دينار ليبي لا غير وأستلف من أحد أصدقائه قيمة مائتان دينار ليبي معتبراً أن أجمالي المبلغ سيمنحه فرصة الحصول على أضحية مناسبة، لكنه تفاجأ بإرتفاع الأسعار التي تتفاوت مابين (600_1200) دينار ليبى معتبراً أن الأضاحى دون 800 دينار لا تصل لوزن العشر كيلو غرام إى أنها غير منُصفة لقيمة التسعيرة المعتمدة من البائع ،وكما أن المواطن في حاجة لعديد الاحتياجات الأخرى ضرورية كالفحم ولوازم الشواء بالإضافة إلى ملابس الأطفال والضيافة إن أمكن.
ويتابع متسائلاً عن غياب دعم الجهات المعنية وعدم متابعة الباعة والمُوالين وغياب الراقبة من قبل السلطات لتنظيم الأسعار وردع جميع أشكال المضاربة، وكما أنه يرى إن التحويل المصرفي والبيع عبر الصك المصدق تعود فائدته على من وصفهم بتجار الأزمة حيث أن الفائدة تصل إلى 600 دينار ليبي على السعر الأضحية الواحدة، مناشداً بالمناسبة كل المسئولين برحمة المواطن من شجع التجار ضعاف النفوس.
الحاج فتح الله طاهر المسمارى، من مدينة البيضاء تكبد عناء السفر لمدينة المرج التي تبعد عنه مائة كيلو متر فى رحلة للبحث عن سعر مناسب لأضحية له ولرفيقة المتقاعد الحاج على البرعصى غير أن ذلك لم يكن له على ما يبدو فقد سجلت الأسعار زيادة ملحوظة، وروى لنا الحاج فتح الله بحرقة رحلته ماراً بالحظائر المُنتشرة على جانبي الطريق الزراعي ويقول ” تمكنا بأعجوبة من الحصول على مبلغ 500 دينار من المصرف ويبدو أن القيمة لا تكفى لشراء الأضحية” وبجانبه رفيقة الحاج على البرعصى الذي يرى أن الحل يكمن فى عدم شراء الأضحية لهذا العام فهناك العديد من الالتزامات الضرورية في انتظار هم بعد عيد الأضحى.
“لم تبذل السلطات الليبية جهودا كبيرة تحسباً لأزمة المواطن “هكذا يرى جاد الله العبيدى أحد المواطنين المقيدين بالمركز الوطني، معتبراً أن الدولة كان من المفترض أن تزود الأسواق بخرفان بأسعار في متناول المواطن العادي وذلك من خلال الإستيراد .
وحمل المسئولين والجهات المعنية إثم المواطن مؤكداً أنه سيستشرى أن تمكن دجاج أو لحم خارجي ليذهب برفقة أسرته للبحر حتى لا يؤثر عدم شراءه الأضحية بالسلب على أسرته .
وفي المقابل يرى الحاج محمد بوشعالة التحلي بالواقعية وأخذ الإمكانيات بعين الإعتبار والإستناد للإعتبارات الدينية دون سواها والإمتثال لتوصيات هذه العبادة التي تشترط فقط أن تكون الأضحية سليمة وأن لم يتسنى له فهي سنة وليست فرض.
ومن جهتهم بائعي الخرفان يبررون إرتفاع الأسعار بالزيادة التي شهدتها أسعار الأعلاف في السوق وتكاليف النقل من المناطق الرعوية البعيدة للمدن، وكذلك إرتفاع أسعار الأدوية والتحصينات وراتب الراعي وغياب دعم الدولة لهم.
ويصف التجّار حركة سوق المواشي قبيل عيد الأضحى بـ”الأسوأ” على الإطلاق منذ أعوام، وكالة الأنباء الليبية رصدت ردود التُجار والمُوالين وتعليقهم على إرتفاع أسعار المواشي من داخل سوق المواشي بمنطقة تاكنس التابعة لبلدية جردس العبيد.
“إرتفاع أسعار الأعلاف ولوازم التربية “
يقول بائع المواشي عبدالقادر بوخمسين إن الأسعار تتفاوت من ستمائة دينار ليبي وحتى ألف وأربعمائة دينار ليبي بالسعر الكاش، ويعزى هذا الارتفاع الواضح إلى ارتفاع أسعار الأعلاف وكذلك الأدوية وأجرة الراعي حيث بلغ راتب الراعي الواحد ألف وخمسمائة دينار ليبي.
ويتابع البائع “لا يمكننا البيع عن طريق التحويل المصرفي “بالصك المصدق ” فالبائع في نهاية المطاف مواطن ولا يمكنه سحب العملة النقدية من المصرف بسهولة، وأشار إلى أنه بعد العيد سيواصل المربي مشوار تربيته للمواشي وبالضرورة سيحتاج للأعلاف ولوازم التربية التي بلغت أسعارها بالتحويل المصرفي إلى ضعف ثمنها الأصلي، مشيرا إلى أن سعر الشعير قد بلغ مائتان وأربعون دينار ليبي للقنطار الواحد وبالتحويل المصرفي وصل إلى أربعمائة دينار ليبي “أى إلى الضعف ”
ويبين البائع :أن المواطن البسيط سيكون سقف شراءه لأضحية العيد من الستمائة دينار إلى الثمانمائة دينار ليبي إلى ما يقارب بالوزن أحدى عشر كيلو غرام للأضحية وذلك يسعر الكاش وهنا يجب الإشارة إلى أن أعلى سقف منحته المصارف التجارية وصل سبعمائة دينار ليبي وكان أقل سقف ممنوح مائتان دينار ليبي والمتوسط كان أربعمائة دينار ليبى لمعظم المصارف وهو ما لا يكفى لتوفير المستلزمات الأساسية للحياة خاصة إن السيولة النقدية قد غابت عن المصارف لشهرين ونحن على أبواب استقبال عودة الطلاب للمدراس.
ارتفاع الأسعار ليس بموسمي !!
من جانبه، قال خيرالله جمعة بو جربوع أحد الموالين في بلدية جردس العبيد “هذا العام هو الأسوأ الذي يمر على سوق المواشي، حيث تعتبر حركة السوق الأقل والأضعف مقارنة بالأعوام السابقة” وذلك لظروف المواطن الاقتصادية وإنعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين ” وأرجع ضعف إقبال المواطنين على شراء الأضاحي لهذا العام إلى عدة أسباب أبرزها الأزمة الاقتصادية، وعدم إيداع بعض الجهات العامة مرتبات العاملين فيها لدى المصارف قبل العيد واستكمل قائلاً:” إضافة إلى أزمة الكهرباء التي تؤثر بشكل غير مباشر، حيث تؤثر على وسائل حفظ اللحوم في فترة الأعياد فيتخوف المواطنين من فساد لحوم الأضاحي جرّاء انقطاع التيار لفترات طويلة، و كما بّين أن أسعار المواشي ارتفعت لهذا العام تزامناً مع ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء.
ولفت إلى ارتفاع سعر الكيلو الواحد من لحوم المواشي من (35-40 ) دينار ليبى بينما كان في العام الماضي (27_35)دينار ليبي أى أن الارتفاع ليس موسمي أو بالتزامن مع العيد المبارك كما يعتقد البعض.
وعن سؤالنا للمربى عن استخدام المربين الزيتون والسميد ونخالة الشعير عوضا عن الأعلاف كونها أقل تكلفة حيث بلغ كيس الزيتون خمس وتسعون دينار ليبي وهو لب الزيتون الناتج عن معاصر الزيتون وفى الغالب يصل من الجهة الغربية للبلاد قال المربى أن كل هذه البدائل غير مُجدية وقد استخدمها المربى لفترة وتبين أنها لا تنفع المواشي بشكل جيد والمُحصلة في الأخير ستكون في حجم ووزن المواشي الذي لا يرتفع مع استخدام هذه البدائل خاصة الزيتون الذي تسبب في ارتفاع درجة حرارة المواشي.
غياب الأجهزة الرقابية والجهات المعنية
ووصف التاجر محمد العبيدى: وضع سوق المواشي والأضاحي لهذا العام بـ”السيئ جداً”،مرجعاً ذلك إلى انعدام السيولة النقدية لدى المواطنين وارتفاع قيمة البيع بالتحويل نظرا للظروف المشتركة بين البائع والمستهلك وهو المواطن ولفت إلى أنه منذ 13 عاماً قضاها بالعمل في سوق المواشي لم يشهد الوضع الاقتصادي تدهوراً كالذي يشهده اليوم.
ويتابع إن “عددا كبيرا من المواطنين يقبلون على السوق لشراء الأضاحي بالآجل أو التحويل المصرفي، وأشار إلى أنه قبل نحو 3 أعوام كان سوق الماشية خلال فترة عيد الأضحى أفضل من حيث الحركة التجارية والأسعار وهو ما يؤكد إن أغلب الليبيين قد اضطروا لعدم التضحية هذا العام وهو ما لم يكن مألوفاً في المجتمع الليبي.
وحمل التاجر مسؤولية نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها للجهات المختصة بالدولة، وكذلك منح بعض الشركات الاعتمادات التي لم تُساهم في حل المشكلة، أضف إلى ذلك عدم الرقابة على الأدوية والطعوم والتحصينات التي تصل للمربى من جهات خاصة وغير معنية وهو ما قد يُسهم في انهيار الأمن الغذائي والثروة الحيوانية في ليبيا وبحسب تكهنات البائع ربما يرتفع سوق المواشى هذا اليوم ليهبط في ساعات الفجر الأولى بحكم أنه سوق موسمي.( وال – المرج ) أ ف / س ع